الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 01:01

مشاعر إلكترونية/ بقلم: مرام عواودة

كل العرب
نُشر: 21/11/14 16:42,  حُتلن: 00:12

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

مرام عواودة في مقالها:

لا انكر ان مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المشابهة المختلفة تشكل جزءًا من نظامي اليومي وحياتي، كما هو حال الكثير من الشباب والمراهقين والرجال والنساء وكبار السن حتى

التكنولوجيا وسعت آفاقنا وثقفتنا بطريقة أو بأخرى. لكنها بالمقابل، ادخلتنا إلى عالم قاسٍ، كاذبٍ ومزيّف!

حتى إنتماءنا للأرض والوطن عبر صفحات الفيسبوك يحسب بعدد وماهية المنشورات السياسية والصور الثورجية والشعارات الوطنية وعلى أساسها تتم معاملتنا

مشاعرنا الإنسانية الأساسية والمحبة بيننا.. ضحيتان، تقفان في ذهول أمام هول ما تشاهدان! فما عاد حب الحبيب يكفينا فهو لم يحضر مفاجأة بحجم ما أعده فلان لحبيبته

نكره ونغار ونحسد ونكيد المكائد وننافق ونكذب وننشر الفتن، كل هذا ومصائب أكبر وأخطر في ذلك العالم الإفتراضي، في عالم متاح للجميع، أباح أمورا خصوصية وحميمية كانت تمثل يومًا أسمى معان الحب والإنسانية

عشق أفلاطوني، كراهية وحقد وصراعات تخطت داحس والغبراء، خيانة للوطن، شهادة من اجل الارض، قتل بإسم الدين، تكفير من اجل "رفع" اسم الخالق، انتقادات، عنصرية، غيرة، الم ، حرب وحب.. مشاعر تتصارع في روح واحدة وجسد واحد بكبسة "لوچ إن"، حينما تدخل عالم الفيسبوك، الانستغرام والتويتر، وتعيش في بؤرة أحلك وأشد ظلامًا من عالمنا الحقيقي.

لا اكتب كلماتي هذه لأنتقد مواقع التواصل الاجتماعي ولا لأعظ وانظّر حول سيئاتها وتأثيراتها على الناس، ولا لأصل لإستنتاج في الختام "لا لمواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا"!

ولأكون صادقة، أنا من مستخدمي الفيسبوك والانستغرام وغيرها من التطبيقات ومواقع التواصل، ولا انكر أنها تشكل جزءًا من نظامي اليومي وحياتي، كما هو حال الكثير من الشباب والمراهقين والرجال والنساء وكبار السن حتى.

تطورات وإختراعات التكنولوجيا هذه فتحت أمامنا أبوابا لم نفكر في طرقها حتى من قبل، كشفتنا على حضارات وشعوب وأخبار لم نعرفها يومًا ووسعت آفاقنا وثقفتنا بطريقة أو بأخرى. لكنها بالمقابل، ادخلتنا إلى عالم قاسٍ، كاذبٍ ومزيّف!

فتجد هنا من يختفي تحت إسم مستعار ويبث الفتن والفساد، او من ينشئ صفحات تدعو للتغيير والتطور ولا يجيد سوى الانتقاد ونشر الفضائح، أو ذلك الذي يكفّر الناس بإسم الله والدين، وآخر يعظ وينصح ويوزع الحكم والفتاوى وهو لايفقه في امور الدنيا والدين شيئا، كلها أمور قد تبدو طبيعية في عالم إفتراضي هو ملجئ ومخبئ لمثل هذه النماذج..لكن الأسوء من كل هذا مشاعرنا الإنسانية التي تلاشت وقتلت بين صفحات الفيسبوك وتغريدات تويتر وصور الانستغرام!!

مقاطع فيديو وصور توثق الدمار والحرب والقتل والجرائم في كل بقعة في هذا العالم، تنتشر بسرعة البرق عبر تلك المواقع ونشاهدها كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة، ومع كثرتها نجح عقلنا وقلبنا بتطوير مناعة وحصانة أمام تلك المشاهد، حيث لا تتعدى فترة التأثر والدموع الـ15دقيقة كحد أقصى، وبعدها ننسى حصار الأهل في غزة كأنه لم يكن، ولا نتذكر شيئا من صورة طفل سوري يلتحف السماء غطاء له في ليالي كانون الباردة، ونغمض أعيننا عن جرائم القتل اليومية في قرانا ومدننا، ونمر على مقطع فيديو مصور تبكي فيه الأم إبنها الذي راح ضحية حادث طرق ونقول "يا حرام"، لنصطدم بعدها بصورة لنجمة عربية وننشغل بفستانها ومجوهراتها، أيضًا كأن شيئا لم يكن!!

حتى إنتماءنا للأرض والوطن عبر صفحات الفيسبوك يحسب بعدد وماهية المنشورات السياسية والصور الثورجية والشعارات الوطنية وعلى أساسها تتم معاملتنا، أما علاقتنا بالله تَمثُل متهمة في محاكم "رسل" الله الجدد على الارض إذا ما خالفنا منشوراتهم ومعتقداتهم وشاركنا الناس بما نفكر وما يجول في خاطرنا بما يتعلق بالدين.

مشاعرنا الإنسانية الأساسية والمحبة بيننا.. ضحيتان، تقفان في ذهول أمام هول ما تشاهدان! فما عاد حب الحبيب يكفينا فهو لم يحضر مفاجأة بحجم ما أعده فلان لحبيبته، وما عادت تضحيات الأب تعنينا فهو لم يهدينا سيارة كما فعل والد علّان. ولا عملنا يرضينا، ولا نقودنا تكفينا، ولا حياتنا تتماشى مع أمانينا. ونكره ونغار ونحسد ونكيد المكائد وننافق ونكذب وننشر الفتن، كل هذا ومصائب أكبر وأخطر في ذلك العالم الإفتراضي، في عالم متاح للجميع، أباح أمورا خصوصية وحميمية كانت تمثل يومًا أسمى معان الحب والإنسانية! 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة