الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 18:02

بينَ اليَمن واليَرموك، حُلُمٌ ورصاصة /بقلم:محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 08/04/15 11:30,  حُتلن: 07:41

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

محمد كناعنة في مقاله:

كانَ من الطَبيعي جدًا أن تَرتَعب الولايات المُتحدة الأمريكية من انتفاضة الشَعب اليمني

 لا بُدَّ لنا من أن نستذِكر دور السُعودية الوظيفي في قمع الثَورات ودعم أنظمة الخيانة والرجعية وذلك منذ أن هرَعَت في ستينيات القرن الماضي للدفاع عن نظام الإمامة

في اليرموك أكبَر من مَجزرَة وأكثَر من جوعٍ يَقتُلُ الناس وأصبَحَ المخيم حُلُم العَودة إليهِ بعدَ أن كانَ رمزًا للعودة منهُ ورمزًا للصمود والثَورة، يُحاصَر ويُجَوَّع ويُذبَح الناس هناك كالنعاج وما زالَ النقاش دائِرًا عن اجتماعٍ للجنة العَجَزة في م.ت.ف

"تستطيع طائرات العدو أن تقصف مخيماتنا وأن تقتل شيوخنا وأطفالنا وأن تهدم بيوتنا ولكنها لن تستطيع أن تقتل روح النضال فينا"... جورج حبَش
ولنا الحق في هذا الوقت بالذات أن نُحَدِّد من هُم الأعداء، الصَهيونية هي ذراع من أذرع أعداء الأمّة والوهابية السعودية وأذرعها المُنتشرة في الوطن العربي تعيثُ فيهِ فسادًا وخرابًا وقتلاً ودمارًا بتمويل من خائِن الحرمين الشريفين، فجبهة النُصرة وداعِش وتنظيمات القتل والتكفير، وأنظمة التآمُر والتبعية والخيانة لا تختلف عن الطائرات الصَهيونية وقتلها ودمارها، ولا خلاص للأمّة من غيرِ خلاصها من هذه الأدوات الموالية والعاملة بإمرةِ أمريكا وخدمَة ل"إسرائيل" ومشروعها الاستعماري الكولونيالي.
في خطوةٍ ليسَت الأولى ولا مُستغرَبة قامَت السعودية ونظامها العميل التابع لأمريكا باستهداف اليَمن بغارات جوية، استهدفت المدنيّين ومواقع مدنية وعسكرية في مدينة صنعاء وأماكن أخرى، بحجة محاربة "الحوثيّين" واستعادة السُلطة الشرعيّة، وكأنَّ السعودية، هذه المملكة الرجعية الخائنة لقضايا الأمّة والوطن، تبحث فعلاً عن الشَرعيّة في السلطة من اليمن إلى سوريا والعراق، وليسَ خافيًا على أحَد دورها التخريبي الوظيفي في المنطقة منذُ نشأتها وحتى اللحظة، هذا الدَور الموالي للغرب، وخاصة للولايات المتحدة الأمريكية، لعبتهُ السعودية وحُكامها الجهلة العُملاء على مختلف أسمائهم ومُسمّياتهم.
وهنا لا بُدَّ لنا من أن نستذِكر دور السُعودية الوظيفي في قمع الثَورات ودعم أنظمة الخيانة والرجعية وذلك منذ أن هرَعَت في ستينيات القرن الماضي للدفاع عن نظام الإمامة، في وجه الثورة اليمنية، التي كانت تحظى آنذاك بالدعم المصري، العسكري والمادي، ، في ظل المَدّ القَومي العروبي وتحتَ قيادة القائِد جمال عبد الناصر، فتدخَّلت بكلّ إمكانياتها، العسكرية والمادية، لإحباط الثَورة ومنعها من السيطرة على الحكم في اليمن؛ ولا يمكن أن ننسى أو نتناسى دورها في انتفاضة الشَعب اليمني الأخيرة، وعملها ونشاطها لإحباط هذه الانتفاضة السلمية، عن طريق الضغوط التي مارستها، مع باقي دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل فرض التسوية. هذه التسوية هي التي أدّت إلى بقاء السُلطة الغاشمة جاثمة على صدور اليمنيّين، وانتهت إلى الاكتفاء برحيل علي عبد الله صالح عن رئاسة الجمهورية، واستبدالهِ بعبد ربه منصور هادي. هذا التغيير، الذي لَم يكُن أكثَر من تغيير للطربوش على ذاتِ الرَأس، حدا بالشعب اليمني، وخاصة الفئات الأكثَر فقرًا وتضَرُرًا، وفي طليعتهم الشباب، على الاستمرار بالثَورة والزحف على العاصمة صنعاء لإسقاط هادي منصور وتغيير الحُكم.

كانَ من الطَبيعي جدًا أن تَرتَعب الولايات المُتحدة الأمريكية من انتفاضة الشَعب اليمني، ومن الطبيعي أن ترتعب السعودية ومعها دول الخليج المرتبطة برمتها بالإمبريالية العالمية، والغارقة حتى النخاع بوحل التآمُر على الأمّة والوطن، وقضاياهم العادلة، فهذه الانتفاضة التي تحمل بذور الحرية والديمقراطية هي حتمًا تُشَكّل تهديدًا لأنظمة القَمع، وليسَ صُدفة أن تنظَمّ إلى جَوقة الرُعب ربيبة أنظمة الردّة والابن المُدَلَّل لأمريكا وصنيعتها في المنطقة "إسرائيل" وذلك لِما تُشكّلَهُ أي انتفاضة في الوَطن العَربي على الظُلم والتبعية، من خَطَر على مصالحها وتحالُفاتها الإقليمية مع هذه الأنظمة العَميلة. من هنا جاءَ تسارع وتيرة تدخُل السُعودية وعشر دول عربية لقمع هذا الحراك الشعبي، وما محاولة صَبغهِ بالطائفي إلا تبريرًا لهذا التدخل وللحرب المُعلنة على اليمن. نعم، الحوثيّون قد لا يكونوا في قيادة ثَورة ديمقراطية وهم من أبناءِ طائفةٍ واحدة، ولكن من المهم هنا الانتباه إلى أنَّ هذا الحراك ليسَ جديدًا، وكانَ مُعلَنًا منذُ انطلاقهِ في بداية التسعينيات بأنَّهُ ضد الظلم والاستبداد والفقَر، وزج الطائفية والانتماءات المذهبية في لُبّ الصِراع الآن بالذات، ومن قبَلِ السُعودية وأمريكا، هو محاولة لتفتيت الشعب اليَمني وتأجيج الصِراعات المذهبية والطائفية وزج البَلَد في أتونِ هذا الصَراع الذي يعرف كل من يشعِلَهُ بأنَّهُ طريقٌ بلا مخرَج للشعَب اليَمني ولأي شَعب، وهو ما دَأبَت أمريكا و"إسرائيل" والوهابية السُعودية وأنظمة الخيانة على إشعالِ فتيلهِ في وطننا العربي، وما زلنا نحصد نتائجهُ حتى اليَوم من خراب ودمار وقتل وتشريد وتخَلُف، في سوريا ولبنان وليبيا واليَمن والسودان، وفي كل الوطن على امتدادِهِ من المحيط إلى الخَليج.

وتداعى بسرعة البَرق رؤساء وملوك العَرب إلى قمة شرم الشيخ ليقفَ أصحابها عندَ شرعية هادي منصور، وتناسى هؤلاء، أصحاب الطيران الحربي والطلعات الجَوية على شعب اليَمن الفقير، أنَّ هناكَ شعبًا في فلسطين ما زالَ يرزَح تحتَ الاحتلال منذُ سبعة وستينَ عامًا، تناسوا حصارَ أهل غزة والقتل والدمار في فلسطين وفطنوا إلى اليَمن، وقَرَّروا تشكيل القوة المُشتركة لردع الانتفاضات الشعبية واستعادة الحُكم لكلّ حاكمٍ ظالِم يقتلعَهُ شعبهُ، قمة عربية تدعم قصفَ دولة عربية وبأي حجة وأي ذريعة، هي ذريعة الشَرعية التي نادى بها ومن خلالها محمود عباس أبو مازن رئيس سلطة أوسلو بأن تُستعمل في غزة لاستعادة السُلطة هناك، رئيس السُلطة يدعو الدول العربية لقصف غزة وإنهاء سلطة حماس بالقوة، ولكنَّه لَم يحثّها لِتذهَب إلى اليَرموك مثَلا لتحارب داعش وجبهة النُصرة والجيوش المُمَوَّلة من السعودية وتركيا وأمريكا والغَرب، هي المعايير المزدوجة التي لا تتلاءم إلاّ وفقَ مصالِح الغَرب وأمريكا و"إسرائيل" قبل أي شيء.
في اليرموك أكبَر من مَجزرَة وأكثَر من جوعٍ يَقتُلُ الناس، وأصبَحَ المخيم حُلُم العَودة إليهِ بعدَ أن كانَ رمزًا للعودة منهُ، ورمزًا للصمود والثَورة، يُحاصَر ويُجَوَّع ويُذبَح الناس هناك كالنعاج وما زالَ النقاش دائِرًا عن اجتماعٍ للجنة العَجَزة في م.ت.ف، المطلوب يا سادة يا فدائيين أن تذهبوا إلى المخيم وتدافعوا عنهُ وتحريرهُ من الأنجاس لكي تحافظوا على الحُلم من أن يَتبَدَّد ويتَبَخَّر.
إنَّ حركة الشُعوب لا تُقهَر، وإن قُمِعَت مرَّة وأخرى، فهي حتمًا مُنتصرة في نهاية المَطاف.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة