الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 21:02

عود على بدء / بقلم: ب.أحمد ناطور

كل العرب
نُشر: 13/05/15 14:09,  حُتلن: 11:58

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

ب. احمد ناطور في مقاله: 

علمونا في كليات الحقوق عندما كنا شبابا ساذجين، إن المحكمة العليا هي الحارس الأمين لحقوق الانسان ولحقوق الأقليات على وجه الخصوص ولكن ما اكتشفناه ان حال القاضي كحال الوزير او قائد الشرطة او آمر الجيش ولا يختلف عنهم لا من حيث ايديولوجيته الصهيونية ولا من حيث أجندته الإستيطانية، إنطلاقا من مبدأ فوقية اليهودية على كل احد، ومن أن مصلحة الوحدة – فوقية الرتبة هذه تغلب كل مصلحة

اقرت المحكمة العليا هذا الأسبوع اجتثاث قرية ام الحيران العربية في النقب من جذورها من أجل ماذا ؟! – من أجل بناء مستوطنة يهودية متدينة مكانها نعم هذا هو عدلهم المبني على هوية القاضي وعلى هوية المقضي عليه

لست ادري ما الفرق بين كاتب القرار – القاضي الذي كان مستشارا للحكومة وسكرتيرا للحكومة وبين أي عضو من أعضاء الحكومة الوزراء الذين قرروا اقتلاع ام الحيران من جذورها وإسكان اليهود فيها، ولكن هذه هي صورة ديمقراطي

الخطر ليس في خسران القضايا فحسب. بل هو القرار السلبي الذي يضفي على العدوان الشرعية، فقبل القرار القضائي كان العدوان على الحقوق عدوانا سلطويا، اما بعده فصار اجراءا مشروعا بموجب قرار المحكمة

هكذا ! .. في اسبوع واحد اقرت محكمة (العدل) العليا إقتلاع ام الحيران في النقب وهدم قرية سوسيا في الأرض المحتلة والاذن بمسيرة الاعلام العنصرية في شوارع القدس. عملية متقنة لتبيض القرارات الحرام تدار بنجاعة فائقة. علمونا في كليات الحقوق عندما كنا شبابا ساذجين، إن المحكمة العليا هي الحارس الأمين لحقوق الانسان ولحقوق الأقليات على وجه الخصوص، لذا فانه ينبغي لكل مجتمع يحب الحياة أن يحفظ هيأته الحكمية العليا معافاة قوية كي تقوى على مواجهة تعسف أصحاب القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية على حد سواء. جميل هذا القول في النظرية، لو استطاعت تلك المحكمة – كهياة عدل حقيقية  أن تتبنى مبدأ الحياد والعدل، مهما كانت هوية الأطراف، كما أمر رب العالمين في كتابه العزيز بالقضاء بالعدل حتى لو كان القاضي يكره خصما من القوم، حيث قال: "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" (المائدة :8) .

اما أن يكون حال القاضي كحال الوزير او قائد الشرطة او آمر الجيش ولا يختلف عنهم، لا من حيث ايديولوجيته الصهيونية، ولا من حيث أجندته الإستيطانية، إنطلاقا من مبدأ فوقية اليهودية على كل احد، ومن أن مصلحة الوحدة – فوقية الرتبة هذه تغلب كل مصلحة، حتى لو كان في الأمر تجاوز لمبادئ الحريات والعدل، لانهذا في عرفهم اذ ذاك، يكون تجاوزا "متناسبا"، عندها تكون النتيجة أن هناك نهبا "متناسبا" للأرض وتشليحا "متناسبا" للأملاك وهذا في ظلال القانون ومضادقة القضاء.

لقد اقرت المحكمة العليا، هذا الأسبوع اجتثاث قرية ام الحيران العربية في النقب من جذورها، من أجل ماذا ؟! – من أجل بناء مستوطنة يهودية متدينة مكانها. نعم، هذا هو عدلهم المبني على هوية القاضي وعلى هوية المقضي عليه. يقتلعون قرية عربية قائمة باذن الدولة منذ عقود – من اجل إسكان يهود مكان أهلها الأصل، وذلك بدعوى  أن الأرض للدولة.. كيف تكون الأرض للدولة؟ ثم هب ان الأرض للدولة، ترى الم تكن الدولة، كل دولة – من أجل مواطنينها؟، اليس العرب هنا مواطنين كغيرهم؟ لماذا اذا يقتلع مواطن من بيته الذي ولد فيه هو وابوه وجده، ليؤتى بآخر، جاء مهاجرا، ليأخذ مكانه؟ أليس للعرب - وهم أصحاب الأرض أصلا، حق "بأرض الدولة" هذه؟.

لست ادري ما الفرق بين كاتب القرار – القاضي الذي كان مستشارا للحكومة وسكرتيرا للحكومة وبين أي عضو من أعضاء الحكومة الوزراء الذين قرروا اقتلاع ام الحيران من جذورها وإسكان اليهود فيها، ولكن هذه هي صورة ديمقراطية الدولة اليهودية كما يريدون لها ان تكون – نهب الأرض بإشراف السلطة القضائية ليصبح نهبا مشروعا بامتياز .

من الناحية الأخرى , فقد اقرت المحكمة العليا هذا الأسبوع أيضا , مسيرة الاعلام المتطرفة التي تجول شوارع القدس القديمة النازفة، هذه المسيرة التي يشارك فيها الالاف من غلاة اليهود وهم يصرخون كعادتهم "الموت للعرب" و "محمد مات"، الى جانب تدمير الأملاك العربية على طول الطريق، قد صارت اليوم حدثا مشروعا. خلال هذه المسيرة مطلوب من السكان العرب المقهورين إغلاق محلاتهم والإحتباس في بيوتهم كي لا يشوشوا على حق اليهود المقدس في المسيرة الهوجاء ومن لا يفعل يحتجز حتى المساء! مسيرة عنصرية تهدف الى ترسيخ القدم الهمجية على رؤوس الخلق والى اعلاء سطوة الاحتلال وممارسة الاضطهاد علنا، لقد اقرت المسيرة بحجة حق المتظاهرين في حرية التعبير - ما شاء الله !. أما إلغاء حق العرب في العمل، وفي حرية الحركة وحقهم في الحياة والكرامة وسائر الحقوق الأساس،  فهو أمر لا يقارن إزاء حرية المحتل في المسيرة والمظاهرة.

لقد قال زميل لي في الاكاديميا، معربا عن دهشته لتقدم العرب الى المحكمة العليا طلبا للنصفة والعدل:  لماذا ترون بها ميدانا لحماية حقوقكم وانت عالمون بتركيبتها وبتوجهاتها؟! لماذا تتوجه مؤسساتكم الوطنية والإسلامية الى المحكمة العليا مع العلم انها مؤسسة صهيونية التوجه؟!، الا ترون انكم بمجرد توجهكم اليها تقومون بمبايعتها وبمنحها الشرعية لتقرر سلبكم ارضكم وحقكم. الا ترون انكم بهذا كانكم تقولون: نحن نقبل بما تحكمون سلفا!، هل كنتم تعتقدون حقا ان المحكمة العليا كانت لتعطيكم ارض مأمن الله في قلب القدس "العاصمة"، ما هذه السذاجة ؟!.

قلت: صحيح ما يقوله الرجل، وقد قلتها بنفسي علنا منذ عقود: ان الخطر ليس في خسران القضايا فحسب. بل هو القرار السلبي الذي يضفي على العدوان الشرعية، فقبل القرار القضائي كان العدوان على الحقوق عدوانا سلطويا، اما بعده فصار اجراءا مشروعا بموجب قرار المحكمة .
ولعل هذا مؤشر الى ان المحكمة العليا ليست قادرة على الدفاع عن حقوق الأقلية الاثنية إزاء القرارات العنصرية التعسفية، وقد يكون اعتبار بناء مشروع استراتيجية نضال عربي بديل يعتمد الى الوسائل الشعبية المشروعة من جهة والى تدويل القضايا العربية واخراجها من الحلبة المحلية الى المحافل الدولية، احتمالا واردا لا محاله.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة