الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 01 / نوفمبر 00:01

عِشق وسلّة الورد

بقلم: الكاتبة اللبنانية مريم مشتاوي - بريطانيا

كل العرب
نُشر: 19/08/15 17:42,  حُتلن: 19:41

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency


ارتدت عشق فستاناً أسود يحدد مفاتن الليل الطويل ، يترك مجرةً تتراءى من أعلى البقعة البيضاء بين الرقبة العاجيّة الشامخة والهضبة الخصبة الخجول ... هناك تتمايل النّجوم الأربعة قليلاً وتعودُ لتهبط مطوقةً خط الاستواء وتشده بحزم فتحتبس حرارة الخاصرة وترتعش الأرداف متراقصة تحت القماش الحريريّ ..
رفعت شعرها الطّويل وشدته ثم لفته بشكل دائري وكأنها أرادت أن تدور معه حول نفسها للمرة الأولى لتعقد عبثيتها ... حينها
نظرت في المرآة بتمعن فوجدت عينيّ هادي تتفتح وتكبر وتكبر في وجهها حتى كادت تغيب معالم وجهها الأخرى...
ابتعدت عن المرآة ولكن عينا هادي بقيت متربصة بها تتكاثر في كل شيء حولها ...
أغلقت باب البيت بقوة وكأنها تصفعه ليبعد وجهه قليلاً عنها فتستعيد توازنها.
توجهت إلى نهر قريب من منزلها ... كانت تمشي إليه في كل مرة تشتد غربتها أما هذه المرة فحملت سلتها وراحت تقطف الورود المجاورة تضعها في السلة ثم ترميها في النهر ... أفرغت سلتها عدة مرات في النهر وكانت الورود تطفو فوق المياه ...
هل يمكنني أن أمشي فوقها لأصل إلى هادي؟
وإذ به محمود درويش يصرخ لها من الضفة المقابلة:
لا يا عشق لا تمشي الآن "وما زال في الدرب دربٌ. وما زال في الدرب متسع للرحيل.
سنرمي كثيرًا من الورد في النهر كي نقطع النهر."
تركت عشق سلتها بجانب النهر وأسرعت للقاء هادي في مطعم الساحة.
وفي طريقها إلى المطعم كانت تخرج من حقيبتها كل بضع دقائق قارورة العطر وترشها بشكل عشوائي وَهِي تردد: هو يخون ولكن الرائحة لا تخون...
عند دخولها المطعم ركض نحوها النادل سمير وعلى وجهه ابتسامة تنم عن كثير من المحبة والاحترام:
أهلاً وسهلاً أستاذة عشق، جهزت لكما الطاولة المعتادة...
شكراً سمير ...
ماذا تُحبين أن تشربي
أفضل انتظار هادي ثم نقرر معاً...
لم تمر دقائق حتى وصل هادي وكالعادة من دون أن يتلفظ بكلمة واحدة سحبها من يدها المرتعشة بثقة عمياء وطال العناق حتى كادت عشق تنسى غضبها وأهمية التنفس لاستمرار الحياة...
جلست بقربه كالنعجة الصغيرة وبقيت صامتة غارقة في سترته ... ما أهمية الأسئلة فكما قال أنسي الحاج:
"أنت تحبّ بقدر حاجتك أنت إلى الحبّ. وإذا لم يكن المحبوب يستحقّ كلّ هذا القدر فالذنب ليس ذنبه بل ذنبك. إلاّ أنّ ما تحسبه ذنبك، هنا، هو أعظم ما فيك."

مقالات متعلقة