الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 03:02

تقليص الفجوات يبدأ في التربية/ د. ثابت أبو راس وأمنون بئيري سوليتسيانو

كل العرب
نُشر: 12/09/15 18:18,  حُتلن: 17:50

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

د. ثابت أبو راس وأمنون بئيري سوليتسيانو في مقالهما:

منذ عدّة سنين يلاحظ العاملون في مجال تقليص الفجوات بين اليهود والعرب التراجعَ العميق في مستوى تمكُّن المواطنين العرب من اللغة العبريّة

السبب الرئيسيّ الأكثر بروزًا هو الاستغناء عن استعمال وسائل الاتّصالات الإسرائيليّة كوسيلة للاستهلاك الثقافيّ والأخبار، وذلك بسبب ثورة الفضائيّات وشبكات الإنترنت

 ساهم تنامي المراكز التجاريّة في البلدات العربيّة، خلال السنوات الأخيرة، في تراجع التمكّن من اللغة العبريّة. فحتّى ما قبل بضع سنوات، اضطُرّت الأسر العربيّة إلى التسوق والترفُّه خارج البلدات العربيّة وفي حيّز يتطلّب استخدام اللغة العبريّة

في ظلّ واقع الفصل البنيويّ بين اليهود والعرب في جهاز التعليم، والذي يكرّس، بل يعمّق، الشرخ القائم بين اليهود والعرب، تبرز أهمّيّة تدريس اللغة العبريّة في المدارس العربيّة وتدريس اللغة العربيّة في المدارس اليهوديّة

مع بداية العام الدراسي الجديد يجري العملُ بناء على البرنامج الجديد لوزارة التربية والتعليم لتحسين تمكُّن الطلاّب العرب من اللغة العبريّة الدارجة (المتحدث بها). لقد جرى تطوير هذا البرنامج بناء على الفهم السائد اليوم والذي مفاده أنّ صعوبات التمكّن من اللغة العبريّة تشكّل عائقًا رئيسيًّا لنجاح الطلاّب العرب في التعليم العالي واستيعابهم في سوق العمل.

منذ عدّة سنين يلاحظ العاملون في مجال تقليص الفجوات بين اليهود والعرب التراجعَ العميق في مستوى تمكُّن المواطنين العرب من اللغة العبريّة. علاوةً على أنّ الظاهرة هذه ليست إيجابيّة ومن الواجب معالجتها، من الضروري فهم أسبابها، مع العلم أنّ معظم هذه الأسباب ليست سلبيّة.

السبب الرئيسيّ الأكثر بروزًا هو الاستغناء عن استعمال وسائل الاتّصالات الإسرائيليّة كوسيلة للاستهلاك الثقافيّ والأخبار، وذلك بسبب ثورة الفضائيّات وشبكات الإنترنت؛ إذ لم يعد المجتمع العربيّ بحاجة إلى الاكتفاء بكرمٍ (مشكوك فيه أصلاً) في ساعات البثّ باللغة العربيّة من قِبل صوت اسرائيل بالعربية أو القنال 33. فمن سخنين إلى بيروت، ومن رهط إلى القاهرة، ليس ثمّة فرق في ثقافة المشاهَدة أو في مدى شعبيّة برامج الترفيه، على نحو ما نجد في "عرب أيدول"، والأوبرا الصابونيّة، والمسلسلات الدراميّة، والبرامج الإخباريّة باللغة العربيّة. لقد عاد العالم العربيّ ليشكّل المركز اللغويَّ والثقافيَّ الطبيعيَّ للمجتمع العربيّ الإسرائيليّ. وإضافة إلى تزايد مركزيّة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعيّ في اللغة العربيّة، تراجعت الحاجة إلى استهلاك الإعلام العبريّ إلى درجة الاستغناء عنه.

كما ساهم تنامي المراكز التجاريّة في البلدات العربيّة، خلال السنوات الأخيرة، في تراجع التمكّن من اللغة العبريّة. فحتّى ما قبل بضع سنوات، اضطُرّت الأسر العربيّة إلى التسوق والترفُّه خارج البلدات العربيّة وفي حيّز يتطلّب استخدام اللغة العبريّة. أمّا اليوم، فنلاحظ تزايد أماكن ومراكز الترفيه المحلّيّة والمستقلّة في البلدات العربيّة وفي اللغة العربيّة. فحتّى عندما يكون الحديث عن شبكات إسرائيليّة رائدة تُفتتَح في البلدات العربية، فإنّها جميعها تُدار وتعمل باللغة العربيّة.

كذلك تقوم سيرورة تعميق مشاعر الانتماء للهُويّة القوميّة الفلسطينيّة لدى المواطنين العرب في إسرائيل، إلى جانب سيرورات تعميق المواطنة الاسرائيلية، بِدَوْر في هذا المجال. وتزداد قوّة هذه السيرورات بفعل التهديد المتزايد ضدّ المواطنين العرب وضدّ مكانتهم، بما في ذلك تهديد مكانة اللغة العربيّة. بسبب هذه النزعات، نلاحظ تزايد تعامل المواطنين العرب مع اللغة العربيّة باعتبارها مركّبًا هامًّا في هُويّتهم القوميّة، وتفضيل إدارة شؤونهم، ولو من الناحية العلنيّة على الأقلّ، باللغة العربيّة.

العامل الرابع هو طريقة تدريس اللغة العبريّة في المدارس العربيّة من قِبَل معلّمين عرب، ليست اللغة العبريّة هي لغتهم الأمّ، كما أنّهم تعلّموا العبريّة كلغة أجنبيّة من معلّمين عرب. هذه هي أيضًا صورة طبق الأصل عن الشذوذ الصعب الماثل في تدريس اللغة العربيّة في المدارس العبريّة من قِبَل معلّمين يهود ليست اللغة العربيّة لغتهم الأمّ. يحدث هذا في واقع فيه آلاف المعلمين من الطرفين القادرون على تدريس لغتهم الأمّ في مدارس الطرف الآخر، ومن الصعب فهم المنطق الأعوج من وراء النهج الحاليّ القائم.
منذ عقد من الزمان، تقوم مؤسّسة "مبادرات صندوق إبراهيم، بتدريس اللغة العربيّة المحكيّة في المدارس العبريّة، في إطار برنامج "يا سلام"، من قِبَل معلّمات ومعلّمين عرب اللغةُ العربيّة هي لغتهم الأمّ، وهم بمثابة سفراء أصليّون للثقافة العربيّة. ولأوّل مرّة أصبح موضوع اللغة العربيّة موضوعًا مطلوبًا وممتعًا بالنسبة للطلاّب يكسبهم مهارات المحادثة باللغة العربيّة. برنامجا عاد على الطلاّب بثماره التربويّة. بالاعتماد على هذه التجربة، بدأت مؤسّسة مبادرات صندوق إبراهيم العام الماضي بتطبيق برنامج تعليم اللغة العبريّة المحكيّة للطلاّب العرب بالاعتماد على معلّمين، العبريّةُ هي لغتهم الأمّ في صفوف الخامسة والسادسة. وفي السنة الدراسيّة الحاليّة، وبالاعتماد على التجربة الناجحة والتعاون مع وزارة التربية والتعليم، سيجري توسيع برنامج تعليم اللغة العبريّة المحكيّة ليشمل المزيد من المدارس الابتدائيّة العربيّة في البلاد.

في ظلّ واقع الفصل البنيويّ بين اليهود والعرب في جهاز التعليم، والذي يكرّس، بل يعمّق، الشرخ القائم بين اليهود والعرب، تبرز أهمّيّة تدريس اللغة العبريّة في المدارس العربيّة وتدريس اللغة العربيّة في المدارس اليهوديّة. ففضلاً عن المساواة في الفرص التي تعزّزها هذه البرامج، فهي تشكّل عاملاً تربويًّا هامًّا للحياة المشتركة، جنبًا إلى جنب مع اللقاءات بين الطلاّب من كِلا المجتمعَيْن، والتربية على المواطَنة، والتربية ضدّ العنصرية وإقامة مدارس ثنائيّة اللغة. وعلى قادة التربية والتعليم تقع مسؤوليّة توسيع هذه البرامج، ولا سيّما على خلفيّة التطرّف والاستقطاب بين المجتمعَيْن، عاجلاً لا آجلاً.

* د. ثابت أبو راس وأمنون بئيري سوليتسيانو مديران مشاركان في صندوق ابراهيم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة