الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 21:02

نَعم! هذا عنف/ بقلم: رزان بشارات

كلّ العرب- النّاصرة
نُشر: 24/10/15 07:40,  حُتلن: 10:52

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

رزان بشارات في مقالها:

العنف النفسي هو فرض سيطرة معيّنة يشعر الانسان بعدم الراحة أو الأمان تجاهها وأنّه مرغم ومُجبر للقيام بها

المجتمع الذكوري يكبل النساء والرجال معًا ويحد من التطور الذاتي واختراق معاني الإنسانية ويقود الانانية التي لا تسمح للإنسان بالنظر الى الوراء

قالَ لها: "ما بكِ ؟! انا لا اضربك ابدًا، وكل ما تحتاجين اليه تجدينه بين يديك! عن اي عنف تتحدثين ؟! احبك جدًا لا أستطيع ان أعيش حياتي بدونك، اريدك لي وفقط لي! انتِ بحاجة فقط الى وقت!".

قالت، ولكن بصمت مع ذاتها: "عن أي وقت يتحدث؟! أيعقل ان السبب هو فقط الوَقت! هذا ما احتاج اليه لأحبه ولأتحرر من قيد التسلط والتحكم وفرض بعض الامور التي لا اريد القيام بها! معقول؟ إن العُنف النفسي الذي اتحدث عنه ... هو ليس بعنف ... وانما بخيال مبرمج في ذاكرتي منذ الطفولة".

العنف النفسي هو فرض سيطرة معيّنة يشعر الانسان بعدم الراحة أو الأمان تجاهها وأنّه مرغم ومُجبر للقيام بها، فمن الممكن أن يكون حب مبالغ من طرف آخر ويلاحق الخطوات، المشاعر، الاحاسيس، والتصرفات وتتحول المرأة الى آلة من المشاعر والتصرفات تُنتج ما يريده المجتمع! نعم هذا عنف ...
قالوا لها: " تزوجيه! في هذا الفقر ليسَ لكِ ببديل، فتزوجت".

كانت تَبلغ من العُمر خمسة عشر عامًا، حينَ اقتحم السم جسدها من زوج يبلغ 40 عامًا وبَدت آداة تسيرها مفاهيم تُعرقل روحها ونبضات قلبها الى أن غَرقت في دوامة الإدمان والجنس والقهر والذل وبدأت مهنتها الاساسية للربح والخسارة في آن واحد... بعدَ الاهمال من اهلها وذلك الوَغد الاناني الذي قام بتنفيذ تعاليم المجتمع الذكوري بحذافيرها وبفخر باختراق جسدها الطري الطاهر بما يفوق عمرها أضعاف، بالقوة فَرض كل شيء وتابع مسيرة الزواج من قاصرات.

كانت تشاهد ذلك وجوفها يحترق مع ذلك الصراع المبالغ لما تلقته من احترام الكبير وتقدير الزوج والخضوع لكل ما هو مبرمج كأقوى الى تلك القوة النابعة داخلها ... القوة الحقيقية النابضة التي تحيا لصقل شخصية تصب بها المعرفة من كل الاتجاهات ... ذات يوم قرر زوجها البالغ من العمر أربعين، استضافة امرأة من قومية مختلفة لقضاء الليلة معه في البيت ...

حتى انفجر بركان الاحاسيس وأطلق العنان من فوهة الظلم وبقعة الهَلاك وقررت التحدي ومواجهة مجتمعها اللامنطقي، وأدركت مركبات تدهور الوضع واخذت تعالج كل مركب على انفراد! حيثُ غدت المرأة المستقلة الواعية التي ترشد الأخريات وتقود التغيير والتطوير المجتمعي وذلك مع هجوم المجتمع لها لأنها قررت التصالح مع نفسها أولا ...

والسؤال هذا عنف!؟ نعم هذا عنف ...

قالت لها: " لا تبحثي عن الحُب انه وهمي! الحُب يأتي بعدَ الزواج، فتزوجته".

كانَت تبحثُ عن ذلك التناغم والانسجام الفكري والجسدي والنفسي الذي يُطلق عليه الُحب وفقدت ذلك الأمل مع الضغوطات المجتمعية التي شكلت هيئتها واخترقت افكارها ... الى ان وجدته خارج إطار الزواج ...

ما هي مقاييس الزواج؟! المال، التفاهم، الاحترام، الاخلاق، الانجذاب، المركز، الحالة الاجتماعية؟! أم الحُب؟! وما هو الحُب؟ وهل الحُب كافي لزواج سعيد! وماذا عن تلك المقاييس والمسلّمات التي فرضت اختيار شريك الحياة تحت تأثير الضغط الجماعي الذي يوّلد الخوف من عدم إيجاد شريك الحياة؟! فنغرق في اختيار شريكنا ونتنازل عن عدة مبادئ ومنها المشاعر السليمة والاحتواء. وتتناثر الاقوال: " الحُب يأتي بعد الزواج".
هذا عُنف؟! نعم بالطبع هذا العُنف الاجتماعي...
وإذا ضحكتْ الشابة من قلبها وكانت فعلًا فرحة
قالوا:"شو كنك حابة!"
تحدتث مكالمة هاتفية طويلة ...
قالوا: "شو كنك مصاحبة!"
خرجت لتناول القهوة مع صديق بمقهى بالبلد
قالوا: "شو كنك عشقانة وولهانة"
حضرت فرح لصديق/ة او قريب/ة
قالوا: "عقبال ما نفرح فيكي"
ناضلت وثارت وتمردت على الواقع والمجتمع
قالوا: "مش راح تلاقي حدا يقبل فيكي"
انهت اللقب الاول والثاني في التعليم الاكاديمي
قالوا: "مبرووك! بس شو ناقصك؟ نعمو الشباب عمي"
نعم! هذا أيضا عنف، انه العنف الكلامي والضغط المجتمعي ...

وما زالت غالبية افراد مجتمعي تبحث عن العنف الجسدي وفقط، اما باقي أنواع العنف وكأنها بالأساطير والخيالات والانحراف والانحلال.

المجتمع الذكوري يكبل النساء والرجال معًا ويحد من التطور الذاتي واختراق معاني الإنسانية ويقود الانانية التي لا تسمح للإنسان بالنظر الى الوراء، الى تلك السيرورة العميقة التي مر بها مع نفسه من تجارب وخبرات وعقبات واعادة النظر بكل ما قطعه لمحاولة تعديل الامور للجيل القادم وحث تلك المسؤولية داخل المجتمع للتطوير والتقدم المجتمعي!

التقاليد والمفاهيم رغم انها في وتيرة تغيير تامّة إلا أنّها ما زالت راسخة في عقول البشرية. فتغيرت الأمور ولكن ما زلنا نطلق عليها نفس المواصفات والألقاب إذا ما جدوى التغيير؟!! فعلينا ان نصحو ونحكم على الأشياء مجدّدا، لأنها غير مفهومة ضمنا، وللأسف كثيرا ما نخاف من اتّخاذ القرارات والتغيير، لان فيه قوانين جديدة، نمطًا وعادات غير راسخة في عقول البشرية، وفجأة تدور النزاعات بين الأجيال المختلفة ويتلاشى مجتمع كامل، فاتّخاذ القرارات والتغيير هو ناتج من قوّة خارقة مصدرها روح الإنسان وقدرته على التحكم بالأمور. لذلك ابدأ بنفسك وغيّر نبضات تفكيرك لتقود إشعاعًا قويًّا ولامعًا في ثغرات الظلام!

الناصرة

متطوعة وناشطة في مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي – جمعية نساء ضد العنف.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة