أعلن عن استقلال دولة إسرائيل رغم التحذيرات والضغوطات الشديدة التي تعرض لها داخلياً وخارجياً لحمله على عدم اتخاذ هذه الخطوة
وصل الى موقع العرب وصحيفة كل العرب بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، جاء فيه: "كان دافيد بن غوريون قد أخذ على عاتقه عبئاً ضخماً. إنه كان يدمج بين الرؤية والعمل، ويتخذ قرارات مصيرية حاسمة في بعض المفارق التأريخية. كما أنه كان يدرك بفضل حدَّة حواسّه ما المرغوب فيه بالنسبة للشعب وكان يطالبه بشحذ الهمم من أجل مشروع النهضة الوطنية. وكان بن غوريون لا يرى الموجود فحسب بل كان يستشرف ما هو آتٍ أيضاً (خاصة بصفته رئيساً للحكومة)، وكان يستطيع تشخيص مصالحنا الحيوية وعرقلة التهديدات والعمل على ضمان وجودنا ومستقبلنا. وكان بن غوريون قد أعلن عن استقلال دولة إسرائيل رغم التحذيرات والضغوطات الشديدة التي تعرض لها داخلياً وخارجياً لحمله على عدم اتخاذ هذه الخطوة. كما أنه قرر رسمياً أن تكون أورشليم القدس هي عاصمتنا رافضاً بشكل صارم المقترحات بتدويل المدينة".
نتنياهو خلال إحياء مراسيم ذكرى بن جوريون
وأَضاف البيان: "صحيح أن بن غوريون لم يكن محقاً في كافة قراراته، ولم تصمد جميع فرائضه اختبار الزمن، لكن ما من شكّ في أن أخطاءه تتقزّم أمام أدائه المؤثر على تجديد الاستقلال والسيادة اليهودية وإنشاء النظام الديمقراطي الإسرائيلي، وتأصيل مفهوم الجمهورية في شتى مناحي الحياة، ودفع مشاريع الاستيطان، واستقدام اليهود، والتربية والتعليم، والاقتصاد، وتعزيز البُعد الروحي في حياتنا الوطنية، وربط "شعب الكتاب" [تسمية معروفة للشعب اليهودي] بالكتاب أي بالتوراة. غير أن بن غوريون كان يدرك، في المقام الأول، أن جوهر السيادة يتمثل بقدرة الدفاع عن النفس، أي عن الشعب، مما جعله يسعى لتكريس قوة جيش الدفاع وجهاز الأمن العام (الشاباك) وجهاز الموساد وغيرها من الأجهزة الأمنية بالإضافة إلى الشرطة، حيث جاء عمله لمكافحة الجهود المتواصلة للأعداء لاقتلاعنا من بلادنا".
وتابع البيان: "إننا نمرّ حالياً في فترة مصيرية بالنسبة للعالم الحر الذي يواجه تهديدات خطيرة تستهدف سلامته وقيمه. أما إسرائيل فهي جزء لا يتجزأ من العالم الحرّ، لا بل إنها- بناءً على اعتبارات كثيرة- تشكل طليعة في الحرب على الإرهاب. ويجتاح الإرهاب دولاً وقارات، وتتخطى وحشية التشدّد الإسلامي الحدود جغرافياً وأخلاقياً على السواء. ومن المهمّ تسمية هذه الظاهرة باسمها الحقيقي دون الاحتجاب خلف متاريس الصوابية السياسية: إن الإسلام المتطرف هو العنصر الذي يُحدث هذه الفظائع، حيث يزرع المتشددون الإسلاميون الموت في أي مكان تطاله أيديهم. إنهم يعتبروننا جميعاً هدفاً إما للاستعباد أو للإبادة حيث يخص الأمر الأطفال والكبار، نساء ورجالاً، مدنيين وعسكريين. هذه هي معاملة داعش الذي يقود الفصيل السنّي من التيار المتشدد، وهذه هي أيضاً معاملة وكلاء إيران (ممثلين بحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي) التي تقود الفصيل الشيعي من الإسلام المتطرف".
وجاء في البيان: "أرجو الاستشهاد بكلام كان قد كتِب أصلاً قبل نحو 30 عاماً وهو كالآتي: "إن الاعتداءات الإرهابية لم تعُد تسفر عن مقتل أو إصابة شخص أو اثنيْن بل توقع المئات بين قتيل وجريح دفعة واحدة. وتنتشر مظاهر الفوضى في الحياة الدولية والاستخدام الأرعن للعنف غير المنضبط لتعود تدريجياً كما كانت شائعة في عقد الثلاثينات. أما الاحتمال الذي يستدعي القلق أكثر من غيره فهو حصول الدول الإرهابية الرئيسية في الشرق الأوسط، ومنها إيران، على أسلحة الدمار الشامل. إن التهديد الذي تشكله أنظمة الحكم هذه للعام، إذا لم يتم لجمها مسبقاً، أكبر بكثير مما يُعتقد عادة".
وتابع البيان: "وقد ازدادت ظاهرة انتشار الإرهاب والتشدد خطورة منذ أن كتبتُ هذا الكلام عام 1986. ولا تملك دول العالم المتحضر إلا خياراً واحداً وهو استيعاب المخاطر وتكوين جبهة موحَّدة وتسديد ضربة قاضية للإسلام المتطرف، إذ لن نستطيع ضمان مستقبل حضارتنا وحمايتها من الدمار والخراب إلا بهذه الطريقة.
ولم تكن لدى بن غوريون- وأنا مثله- أي أوهام، ذلك لأن السياسة يجب أن ترتبط بأرض الواقع. ويمكننا أن نستمدّ الأمل من حقيقة ارتباطنا بأرض الواقع وقدرتنا على توجيه أنظارنا بعيداً. وكما كان بن غوريون في حينه، فإننا نريد السلام، وكنا نتمنى إعادة سيفنا إلى غمده، لكن عندما نواجه خياريْن، إما العيش على حربنا أو العيش في حالة تسليط السيف الإسلاموي فوق رقابنا، فإننا نفضل الخيار الأول".
ونوه البيان: "وكان بن غوريون قد كتب الكلام الآتي عام 1961: "إن أمننا مرهون بقدرتنا على ردع أولئك الذين يتآمرون للقضاء علينا، وإذا لم نتمكن من ردعهم فسنهزمهم. ولن نجلس آمنين ولن نتوصل إلى السلام مع جيراننا إلا عندما يتأكد العدو من أنه يعجز عن مواجهتنا ويصبح على قناعة بأننا نعزز قوتنا ونتعاظم ونكسب ودّ الأصدقاء في جميع البلدان".
نتنياهو أثناء إلقائه الخطاب
وتابع البيان: "وكان جابوتينسكي [مؤسس التيار اليميني الإصلاحي في الحركة الصهيونية ومن أهمّ مرجعيات قوى اليمين وخاصة حزب “الليكود” قد أطلق على هذا المبدأ اسم "الجدار الحديدي". وندرك أيضاً ما كان جابوتينسكي وبن غوريون قد أدركاه، بمعنى أن مبدأ "الجدار الحديدي" لا يزال ساري المفعول، لا بل إن مفعوله الحالي أقوى من أي وقت مضى. كما كان بن غوريون ينظر النظرة السديدة إلى وجود مقوّم التشدد الإسلامي في الحرب ضد الصهيونية. إذ كان قد كتب خلال أحداث الشغب عام 1929 ما يلي: "لقد تم على مدى عام كامل تحريض الجماهير المتشددة [العربية في البلاد] بدعوى أن المقدسات الإسلامية في القدس أصبحت في حالة الخطر". ها هما الماضي والحاضر سيان، حيث لم يتغير شيء بهذا المعنى".
وأضاف نتنياهو: "إننا نكافح بحزم هذا التحريض الذي ما زال يتسبب بالخسائر الدموية اليوم أيضاً. وقد أعلنا هذا الأسبوع عن الجناح الشمالي للحركة الإسلامية "جمعية محظورة" وأخرجناها بالتالي عن دائرة القانون. ولا يمكن لكل من يحرِّض على العنف ويسعى لتقويض الدولة لاستبدالها بالخلافة الإسلامية أن يدّعي البراءة. ويجب على النظام الديمقراطي أن يدافع عن نفسه بوجه كل من يسعى لاستهدافه. ولن نسمح لجهات متطرفة بتدمير سيادتنا والسعي لتقويض دولتنا. ولا نكافح العناصر التحريضية وحدها بل أيضاً المخربين أنفسهم، سائرين بذلك في أعقاب بن غوريون سواء في سياسته المتمثلة بسلسلة "عمليات الردّ" [التي أوعز بها بن غوريون خلال عقد الخمسينيات] أو في مناسبات أخرى".
وتابع رئيس الحكومة قائلا: "وقد ارتكب 96 مخرباً فلسطينياً ما لا يقلّ عن 84 اعتداء منذ انطلاق موجة الإرهاب الحالية قبل حوالي شهر ونصف الشهر. وتم قتل أو اعتقال 89 من هؤلاء المخربين، أي جميعهم تقريباً. ولا نتردد في دخول الأحياء والقرى والمدن حيث يختبئون، إذ لا يجوز منح أي حصانة للمخربين، كما لا يجوز بالقدر نفسه تبرير ممارساتهم. ويجدر بنا في هذا السياق الكفّ عن وضع أنفسنا في دائرة الاتهام، ذلك لأن الضحايا ليسوا المتّهمين بل القتلة. ونمدّ يدنا للسلام، لكن من غير اللائق أن تمسك هذه اليد بالسوط لأجل جلد الذات".
وورد أيضا: "إننا نؤمن بعدالة طريقنا، شأننا شأن بن غوريون. ونحارب منذ قرابة قرن من الزمان موجات الإرهاب القاتل الذي يمارسه أولئك الذين يسعون للقضاء علينا. إننا لسنا مَن تقع عليه تهمة الإرهاب الموجَّه إلينا، مثلنا تماماً مثل المواطنين الفرنسيين الذين لا يجوز اتهامهم بالإرهاب الموجَّه إليهم. أما المفارقة الأكثر عجباً فتتمثل باتهامنا بالإرهاب الذي يستهدف الفرنسيين، حيث كان من الممكن الاستدلال على ذلك من تصريح وزيرة الخارجية السويدية خلال الأسبوع الحالي. يا للعمى!"
وورد في بيان نتنياهو: "ويعلن الإسلام المتطرف جهارةً نيته تدمير أوروبا التي يسميها "مملكة الصليبيين" وفرض الخلافة الإسلامية على أنقاضها، بينما يتهم البعض في أوروبا اليهود أو يربطهم بالأمر. وكان نفس الانحطاط الأخلاقي قد دفع الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إلى اتخاذ قراره المخزي بوضع شارة خاصة لتعليم منتجات إسرائيلية [قاصداً المنتجات الواردة من مناطق يهودا والسامرة وهضبة الجولان]. ويبدو أن هناك في الاتحاد الأوروبي مَن يفضل إلقاء اللوم على دولة اليهود حصراً وتجاهل حوالي 200 نزاع على أراضٍ في أرجاء العالم، بدلاً من التصدي لما يجري في أوروبا نفسها أو التعامل مع مجريات الأحداث في سوريا أو إيران. ويجري الأمر في أوروبا حيث كان قد تم وضع علامات خاصة على أعمال يهودية قبل 8 عقود فقط. غير أنه يسرّني الاستماع إلى أصوات أخرى في أوروبا، وبالطبع توجد أصوات مختلفة غاية الاختلاف في الولايات المتحدة التي نتمتع بصداقة راسخة معها (وهي ستتعزز أكثر)، بالإضافة إلى أصوات مختلفة في بعض الدول الأخرى.
وكان بن غوريون، وفق ما كتب وما اقتبستُ هنا من كلامه، كان يؤمن بالروابط والتحالفات مع الدول الأخرى. وكان مقتنعاً بضرورة إنشاء الروابط مع آسيا، وها نحن قد أصبحنا نحقق رؤيته على نطاق واسع، حيث ننمّي روابطنا مع الهند والصين واليابان وهي دول غير صغيرة معجَبة بإسرائيل بصفتها دولة عظمى تكنولوجياً".
"كما أننا نطوّر علاقاتنا مع بعض الدول في أميركا اللاتينية وإفريقيا، وحتى في الشرق الأوسط حيث هناك من يفقه الواقع الحالي، ذلك الواقع الذي يرفض البعض في أوروبا النظر إليه. لقد أصبحت إسرائيل على صعيد الكفاح الجاري مع الإرهاب الإسلامي حليفاً مرغوباً فيه ودولة صديقة، لا بل أستطيع القول إن هناك طلبات متزايدة بالتواصل معها، بحسب البيان.
وأضاف البيان: "لقد قمنا قبل عام بتدشين تخشيبة بن غوريون المتجددة الرائعة هنا في قرية سديه بوكير التعاونية [علماً بأن بن غوريون كان يقيم فيها خلال السنوات الأخيرة من حياته]. إنني فخور بمساهمة برنامج المواقع التراثية الذي أقوده في إنجاز هذا المشروع الهام. وكان بن غوريون قد نسج رؤية تطوير النقب بصفتها مهمّة وطنية انطلاقاً من هذه التخشيبة، وإنني أشارك بن غوريون رؤيته بل إنني مصمم على تحقيقها. وكان بن غوريون قد وضع أسس هذه الرؤية فيما نضيف الآن إليها مداميك جديدة. وتقضي الفكرة الرئيسية المتضمِّنة في رؤيتي بالنسبة للنقب بتحقيق التكامل ما بين الاستثمارات الحكومية المكثفة في البنى التحتية وتشجيع مشاريع ريادة الأعمال والأعمال الربحية غير المدعومة حكومياً. وبالتالي نستمثر في الطرقات وخطوط السكك الحديدية والمطار الجديد في تيمناع [في العربا ليأتي عوضاً عن مطار إيلات الذي سيتم إغلاقه]، بالإضافة إلى جعل إيلات أقرب من أواسط البلاد بفضل خط للقطار السريع، مما سيؤثر بصورة دراماتيكية على تطوير المنطقة بمجملها. ونقوم حالياً بنقل جيش الدفاع [قاصداً بعض المعسكرات والوحدات] إلى جنوب البلاد وبناء مدينة القواعد التدريبية العسكرية [في النقب]، فيما يأتي فوق كل ما تقدَّم (وهو كثير جداً بحد ذاته..) مشروع نقل وحدة المعلوماتية لجيش الدفاع إلى جامعة بن غوريون [في بئر السبع]، لتكون بمثابة "القلب النابض" للمحرك العالمي [قاصداً صناعات الفضاء الإلكتروني التي تحرّك عجلة الاقتصاد العالمي]. وقد أنشأنا منطقة صناعية مختصة بالفضاء الإلكتروني على بُعد 100 متر من حرم جامعة بن غوريون ومن مقرّ وحدة 8200 [للاستخبارات الإلكترونية التي سيتم نقلها أيضاً إلى بئر السبع]، وعليه فقد بدأت أكبر الشركات العالمية تصل إلى بئر السبع والنقب. ونجعل بئر السبع مركزاً عالمياً لصناعة الفضاء الإلكتروني. وأصبحت عاصمة النقب [بئر السبع] تتنامى باستمرار مثلها مثل الكثير من التجمعات السكنية في جنوب البلاد. وتقضي رؤيتي بأن يبلغ عدد سكان بئر السبع نصف مليون نسمة خلال 12 عاماً وسوف يتحقق الأمر".
وتابع البيان: "وكان بن غوريون قد رصد من خلال مشروع إعمار النقب صلة مباشرة مع أجدادنا الذين كانوا قد حطّوا رحالهم في النقب قبل آلاف السنين، حيث قيل عن أبرام [إبراهيم عليه السلام] "ثُمَ أخذَ يَرتَحِل جنوبًا نحوَ صحراءِ النَّقَبِ" [سفر التكوين، الفصل 12، الآية 9]. وها نحن نضيف حلقات جديدة إلى هذه السلسلة التي كان بن غوريون واعياً تمام الوعي بها. وها هو حلم بن غوريون في أن يصبح النقب منطقة مأهولة بكثير من السكان ومزدهرة قد أصبح يتحققش أمام أعيننا، وهو ليس الحلم الوحيد الذي يتحقق".
وزاد البيان: "وكنت قد التقيت في موسكو قبل عدة أسابيع الرئيس الروسي [فلاديمير] بوتين، علماً بأنني توجهتُ إلى بلاده لمناقشة تداعيات التواجد الروسي في سوريا. وقد فاجأني بوتين في نهاية الاجتماع عندما سلّمني رسالة لدافيد بن غوريون كانت الحكومة الروسية قد اشترتها في مزاد علني. وأصبحت الرسالة حالياً في مكتبي. وقد كتب بن غوريون في رسالته هذه المؤرخة في أكتوبر تشرين الأول 1970 ما يلي: "إن الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد مردّه غياب الأمن وخطر الحرب، لكنني رغم ذلك متفائل بالأمل"، ثم أردف يقول: "أرجو أن يزداد نطاق هجرة اليهود إلى البلاد لأننا بحاجة إلى 5 أو 6 ملايين من اليهود". دَعوني أقول اليوم بمحاذاة ضريح بن غوريون إننا أصبحنا نحقق هذه الغاية. لقد صار مجموع عدد السكان في إسرائيل يعادل 8 ملايين نسمة ومنهم أكثر من 6 ملايين من اليهود. وسيبلغ تعدادنا السكاني قريباً 10 ملايين فيما يبلغ ناتجنا القومي [السنوي] نصف تريليون دولار".
واختتم البيان: "وعليه فقد أتينا اليوم إلى هذا الموقع لنقول إننا سنمضي في تحقيق الرؤية وحماية دولتنا وتطوير بلادنا وضمان مستقبلنا. لتكن ذكرى دافيد وبولا [زوجته] بن غوريون مباركة إلى الأبد"، الى هنا نص البيان كما وردنا.