الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 18:02

قصة قصيرة: ثلج/ بقلم: أسيل منصور

كل العرب
نُشر: 07/12/15 20:12,  حُتلن: 07:45

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

يمرُّ الوقت وهو في الزحام ..من حوله الكثير من البشر يتدافعون بضرب من ضروب الجنون ..يقتحمون كل فراغ تركه متعمدا بينه وبين السيارة التي تسبقه حتى يتفادى الاصطدام ..يطالع الوجوه ،كلها تحمل تعابيرا غاضبة ..تتعالى أصوات الأبواق احتجاجا على دورة الحياة..ألم ينبلج الفجر عند الجميع بنفس الساعة؟ألم يبدأ النهار ؟ ألم يستيقظ العاملون ؟أليس الكل في طريقه لهدف معين ،أليس مقدرا أن يتوظف المعظم ؟ ألا تصادف الساعة الثامنة بداية يوم عمل في كل المؤسسات؟ فلِمَ يعترض الجميع طريق بعض وكأنّ الطريق تخصهم وحدهم؟ولم هذا الغضب المتبادل ؟ ..يُشَغِّل المذياع على إذاعة دينية فإذا بها تذيع فقرة إعلانات ..حتى الدين أصبح سلعة هذه الأيام ..أغلق المذياع ..تتساقط الثلوج فلا تفلح في تهدئة الأعصاب بل كأنها تكسو فيما تكسو القلوب فتتحجّر ..ما زالت الإشارة الضوئية.


تتجهّم بالأحمر ..لا بدّ أن بها عطل ما..فكّر ورفع قدمه عن الفرامل ليريحها قليلا، عيّر الغيار على الوقوف للحظة أو للحظتين ثم فاجأه الضوء الأخضر، فانشغل بتغيير الغيارات وضغط على دوّاسة الوقود لكن السيارة التي كانت أمامه توقفت على حين بغتة لأن صاحبها والذي استطاع أن يمرّ والإشارة صفراء غيّر رأيه في آخر الأمر ولم يعبر ، فحصل الصدام ، وخلال هنيهة وجد نفسه وسط وابل من المسبات واللعنات وكأن الضغط الذي يحيط به كل صباح لم يكن كافيا ليعكر مزاجه،ثار الدم في عروقه فقد أضاع المنطق في مكان ما في الطريق وانفجر غاضبا بدوره وقام بضرب السائق بعنف وأصابه بإصابات بالغة..لم يع ما جرى إلا وهو مقيّد بعدما أُبلِغَ عنه..لم يتأثر من القيود فقد كان مقيدا بقيود أخرى حقيقية أكثر ..حُكِمَ عليه بشهر من الخدمات لصالح الجمهور ..سَخِرَ من المصطلح..ألم يكن جنون الجماهير في ذلك اليوم معدٍ كجنون البقر ؟!ولكنّه لم يعترض..باشر عمله بتنظيف الشوارع ..كان البرد قارسا..لكنه لم يشعر به فقد كان منغمسا في ثورة اعتملت بداخله..ما المعنى للحياة في ظلّ الآخرين ،يمرّ الناس من حوله لا يَرَوْن غير أنفسهم، احتياجاتهم الشخصية وعالمهم ،فقد إيمانه بهم ،وظلّ على هذه الحال لبضعة أيام لم يبصر فيها غير الثلج ،وفي اليوم العاشر ..مرّت بمقربة منه طفلة كانت في طريقها للمدرسة ،نظرت إليه بدفء،ابتسمت له وحيّته فكُسِر حاجز جليدي في الطريق إلى قلبه ..وفي يوم آخر،وبينما كان يزيح طبقات الثلج عن الرصيف، ..فإذا ببرعم أخضر صغير يحاول شقّ طريقه فأذابت إرادته للحياة حاجزا آخر، وبعد يومين ، كان يقلّم شجرة فوجد قلم حبر فاخر معلقا على غصين وعندما رفعه، سقطت قصاصة ورق صغيرة كانت مرفقة به على الأرض، رفعها،فتحها ببطء وقرأ الكلمات فيها والتي كانت تعود لشخص وجد هذا القلم ملقىً في ظل الشجرة، فتبادر لذهنه أن الأقلام من هذا النوع قد تكون ذات قيمة عاطفية لصاحبها فغالبا ما تكون هدية من شخص عزيز أو ترمز لمناسبة هامة فعلّق القلم على طرف الشجرة على أمل أن يجد صاحبه الطريق إليه ..أعاد القلم إلى مكانه وهو غير مصدّق..وعُبّدَت الطريق إلى قلبه ..وتزاحمت البسمات هناك ..أشرقت الشمس وبات للحياة معنى آخر..  

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة