الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 16:01

أبطال من ورق/ بقلم: رغدة بسيوني

كل العرب
نُشر: 12/04/16 16:40,  حُتلن: 12:45

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

رغدة بسيوني في مقالها:

يضطرّني المجتمع أحيانًا أن أكفر بمقولة أنا عربي يا جحش، لتصبح أنا عربي إذن أنا جحش.

مستنقع كلّما حاولنا أن نخطو به نحو الأمام يهوي بِنَا إلى الأسفل نحو اللا متوقع

من يتحمّل مسؤولية هذا، من يتحمل مسؤولية فساد مجتمع بأكمله وتحويله لآلة تبثّ الجنس في كلّ مكان؟،

مفهوم الجنس أو النظرة الجنسية الخاطئة أحد أخطر انعكاسات الجهل على الإنسان

مجتمع غير مدرك بتاتًا مُغيَّب عن الواقع، ويعيش لا واقعه كحيوان في غابة القوي فيها ينهش لحم الضعيف ويتركه دون موت رحيم


 هل وصلنا إلى النهاية؟؟ هل وصل بِنَا الحال بين الذين امتلأ القاع بهم؟؟
يضطرّني المجتمع أحيانًا أن أكفر بمقولة أنا عربي يا جحش، لتصبح أنا عربي إذن أنا جحش..
ما نسمعه من جرائم، بات يقضّ مضاجعنا قلقًا من القادم، من الآتي الأعظم.

مستنقع كلّما حاولنا أن نخطو به نحو الأمام يهوي بِنَا إلى الأسفل نحو اللا متوقع، فيلبس الصديق ثوب الوفاء وفي الحقيقة خائن، والمحامي ثوب النزاهة وفي الحقيقة مرتش، والصحافي يحمل قلم المصداقية وفي الحقيقة كاذب، والطبيب يلبس أبيض الشرف وفي الحقيقة...؟

لا بد وأن نعترف بأنّ مجتمعنا منفصم، يعاني من اضطرابات نفسية حقيقيّة بين القول والفعل، وبين الفعل وردّة الفعل. مجتمع غير مدرك بتاتًا مُغيَّب عن الواقع، ويعيش لا واقعه كحيوان في غابة القوي فيها ينهش لحم الضعيف ويتركه دون موت رحيم. مجتمع لا يخجل، بات يعيش اللاأخلاق في العلن، ويحتقر الذي ينهاه عن عوجه.

يخجلني جدًّا مجتمع تفوح رائحة تعرّقه المقرفة، عندما يتخيّل امرأة، ويسيل لعابه في حضرتها، ويتحوَّل لشهوة تسير على الأرض ليفرغ كبته فيها وينهض لاهثًا ضاربًا بعرض الحائط ذك القسم، موجهًا أصابع الاتِّهام إليها.

نريد التغيير؛ نطالب بالتغيير؛ ونجتهد لأجل تسجيل بطولة فكرية تنتشل أجسادنا التي أنهكتها التفرقة والعنصرية والخوف واللاوطن إلى مكان أفضل، لتستند على أبطال حاملي شهادات لنرتقي ثقافيا، قيتّضح لنا بأنّ أبطال الحكاية من ورق.
وكما قال مالك بن نبي: "الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم، فإنّ هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام لأنّ جهل العوام بيّن ظاهر يسهل علاجه، أمّا الأوّل فهو متخفّ في غرور المتعلّمين".

الجهل أبو الأسباب، سأتطرق بداية لمعنى الجهل كما فسَّره العرب القدماء، فالجهل هو نقيض العلم، والجيم والهاء واللام أصلان: أحدهما خلاف العلم والآخر الخفة (بمعنى خفّة العقل واضطرابه) وخلاف الطمأنينة. من هنا تتكوّن لدينا الصّورة الجليّة بأنّه في الجهل لا ارتقاء في المجتمع، وأنّه هو العدو الأول للإنسان الذي تنبثق منه خلطة من مدمرات المجتمع والتي تغزوه بكل شراسة ليكون وقع النتيجة غارقًا في الوحل. فنرى الظالم، المغرور، القاتل، المكبوت، وغيرهم، وهي إفرازات قلّة الوعي وجهل مطلق في استخدام العقل.
مفهوم الجنس أو النظرة الجنسية الخاطئة أحد أخطر انعكاسات الجهل على الإنسان، حيث تخمّرت صورته بطريقة شهوانية مقززة تتكئ على غرائز لا تفكّر. فأصبح الجنس الشغل الشاغل، الملجأ بعد كل فشل وسقوط وغضب وكبت، وما هذه إلا ترهّلات فكرية وجهل لا منطقي، فكيف أصدق في عصرنا هذا أن جامعيًّا يمارس عادته السرية في حافلة للطلاب؟؟ أنّ أبًا يغتصب ابنته لأنّها أثارت شهوته، أو جدًّا أو عمًّا أو أخًا، أو محاضرًا يستدرج طالباته مستغلًا مركزه، أو ممرضا يستغلّ عمله في ممارسة مرضه مع أجساد تتعالج.

من يتحمّل مسؤولية هذا، من يتحمل مسؤولية فساد مجتمع بأكمله وتحويله لآلة تبثّ الجنس في كلّ مكان؟، البرامج أصبحت جنسية، الإعلانات، الألعاب، حتّى أفلام الكرتون فلا يسلم الصغار من مشاهدة الأفلام الإباحية من خلال ميكي ماوس أو سبونج بوب. أكاد أجزم بأنّ الثقافة الجنسية معدومة في مجتمعنا، فيتساوى المهندس والعامل والمعلم والعاطل، وكلّهم على اختلافهم يعانون كبتًا لا آخر له، وهذا الأمر لا يقتصر على الذكور فحسب، فللإناث حصّة كبيرة في هذا الجهل، لذلك وقبل كل شيء يجب أن تضاف مادة التربية الجنسية في المدارس وفي الروضات وأن تقدم بطريقة مهنية توعوية كي تحصِّن الطفل من شهواته اللاحقة، وأن تزرع في نفسه رادعًا من إعاثة الفساد في الأرض. علينا ألا نسمح للجهل المستشري بأن ينهش ما تبقّى من كرامتنا وإنسانيّتا، وأن نحاربه بكل ما أوتينا من عقل وإلّا فعلى الدّنيا ألف سلام وسلام.

النّاصرة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة