الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 21:02

بعد التحديق بصورةِ شهيد العنف وأمّهِ معًا ... هناك صرخة/ بقلم: رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 16/09/16 11:18,  حُتلن: 12:41

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

رزان بشارات في مقالها:

كفى للشعارات والحَديث الصامت غير المجدِ، عَلينا وَضع حَد من خلال صرخة حقيقية نابعة من حرقة وألم ضد العُنف القاتل الذي ينهي حَياة الإنسان "بكبسة زر"! 

 النَجدة للإنسان الذي يحمل السلاح ولا تَهزمه الشرطة والجهاز الأمني في المدينة.. النَجدة من أفراد مجتمعه الصامت الذي يرى الأمور بعيدة عنه بالرغم من قربها

دَخلتُ وجَلستُ إلى جانبها وبدأت عينايّ تتغلغل بالدموع كلّما نظرت الى تلك الصورة، صورة تَدمج ألوان عديدة وأكثرها كان الأحمر العَنيف القاسي والظالم مَع الأبيض الذي يناشد السلام والأمان والإنسانية

ترددتُ مرارًا بالدخول لمواساتها، فكنتُ على يقينٍ بأنني لم أُجدِ نَفعًا في هذه المسألة، وخاصةً الموت والحَياة وما بينهما من جِسرٍ حديدي مَتين لا يتفكك ابدًا او ينكسر مهما طال الزَمان فلا محالة بين البداية والنهاية.

كانت تَجلس على الأريكة في الصالون الداخليّ للبيت، دُموعها قَد جَفّت، عيناها قَد تورّمت وامتلأ جفناها بالسواد، تنظر الى الصورة المعلقة فوق المائدة تبتسم بهدوء وسلاسة دونما اكتراث إن كان هناك أحد في الغرفة، وكأنّها مبرمجة لآلة مزيفة تحركها حَسب حدة ألمها وجرحها. وفَجأة تضيقُ عيناها النَظر، تتذكر، تصرخ، وتَهيج وتعاود الكَرّة مرارًا.
وكنتُ لاأزالُ واقفةً عند مَدخل الباب وأفكر بالدخول .. قررت الدُخول أخيرًا ومحاولة الانتصار على ذلك الخوف الذي يحاول اقتحام ضميري، وأقول لنفسي: "سأحاول هذه المَرة أن أكون نافعةً مَعها"، فطَرقتُ الباب وهو مفتوح وكان ذلك لألفتَ انتباهها حيث رَحبت بي مبتسمةً تلك الابتسامة المُزيفة وقالت: "أهلاً وسهلاً، تفضلي".

دَخلتُ وجَلستُ إلى جانبها وبدأت عينايّ تتغلغل بالدموع كلّما نظرت الى تلك الصورة، صورة تَدمج ألوان عديدة وأكثرها كان الأحمر العَنيف القاسي والظالم مَع الأبيض الذي يناشد السلام والأمان والإنسانية، وشَعرت أن هذا الشاب المَرسوم كالتحفة الفَنية في هذه الصورة الملوّنة الكبيرة يُناشدني بالنَجدة، بَعد أن دخلَ بمُشاجرة صغيرة مَع أحد زملائه الذي أطلق عليه رصاصة حَيّة اخترقت نبضات قلبه فجمّدتها، وهكذا توقفت جميع حركاته، عَقله، تَصرفاته، حواسه ومشاعره في لحظة ليسقطَ دون شهيق أو زفير على يَد مجموعةٍ من الوَحشية والظلم، ترتكب الجرائم بحقنا جَميعنا باستخدام العُنف وتوفر السلاح في أغلب الأحياء في البلد.
"أرأيتِ يا عزيزتي، هذا وَلدي الغالي، لقد قتلوووه .. أخذوه مني .. لَم يعد يتحدث مَعي ويشاركني"، هذا ما قالته لي ولكنني اصبتُ بالعَدوى .. عَدوى التأمل بالصورة فرحتُ ادققُ النَظر أكثر، فشعرتُ وكأن الشاب في الصورة يخاطبني بعينيه السوداوين المتوترة ويطلب النَجدة للاهتمام بأمه التي تذرف الدموع المتواصلة ليلًا ونهارًا ..يطلبُ النَجدة لعائلته من الألم والحرقة والتعب .. النَجدة لأبناء مجتمعه من هَدر الدماء الثَمين وتفرقتهم بالسياسة والظلم.
النَجدة للإنسان الذي يحمل السلاح ولا تَهزمه الشرطة والجهاز الأمني في المدينة.. النَجدة من أفراد مجتمعه الصامت الذي يرى الأمور بعيدة عنه بالرغم من قربها، وبأنانية وجفاء حتى يأتي وقت يعلق فيه صورة أحد أعزاءه في تلك الزاوية على الحائط .
وهنا أقول كفى للشعارات والحَديث الصامت غير المجدِ، عَلينا وَضع حَد من خلال صرخة حقيقية نابعة من حرقة وألم ضد العُنف القاتل الذي ينهي حَياة الإنسان "بكبسة زر"! وتحميل المسؤولية لكل فَردٍ في المجتمع بما ان المجتمع يتكون من أفراد لنتضامن ضد هذه الجرائم بحق الإنسان والصراخ بوجه الشرطة للبدء في عملها الواجب عليها، والحفاظ على سلامتنا بإخلاء السلاح في بلدنا الناصرة ..ومن ثم كل البلدات.
نستطيع، ولكن معًا !

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة