الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 21:02

مَن نحنُ؟!/ بقلم: رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 12/01/17 15:22,  حُتلن: 18:17

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

رزان بشارات في مقالها:

هذا ما يُسمى بالاحتلال الذكوري الذي يبدأ بزرع فَجوة بين الذَكر والانثى وتوزيع الأدوار النَمطية منذُ الولادة بارتداء الازرق للذَكر ليصبح "رَجلًا" والوردي للأنثى لتصبح "امرأة"

التنشئة الاجتماعية تهمين علينا من خلال "الاحتلال العقلي" أيضا الذي نرضخ له جميعًا، ذكورًا واناثًا، ويتعرض له الطِفل منذ الصِغر

كلنا ننتمي الى عائلة، اقارب، حارَة، مدينة، دين، تاريخ، ثقافة ومجتمع ليسوا من اختيارنا، خُلقنا ووجدنا أنفسنا في هذا العالم وفُرضت عَلينا هوية زرقاء تَحمل معها صراع كبير مع الذات اولًا

جميعنا نخلق "إنسان" وانا خلقتُ انثى واما انتَ خُلقتَ ذَكرًا، ومَع أول صَرخة لنا للحَياة تتهاتف العادات والانماط والتَقاليد المَكتوبة لتنتصر في زَرع معالم الأنوثة والذكورية في جوفنا، حيثُ تَفصل كل منا في اتجاه مختلف، فأنتَ سيُقتحم عقلك من قبل المَصالح الذكورية في الهَرم الطبقي وتترأس النفوذ والسلطة والسيطرة، وانا سيقذفني الهَرم الى اسفله لأنني خلقت "انثى" سيقذفني لكي البي خدَماته، انظف، ارتب، اطبخ، اصمت، ارضى بالأمور الملقاة علي، اتقيّد بما يكتبونه لي في سَجلي منذ ولادتي واغدو انسانة تقليدية لا تزعزع ذلك الهرم ليبقى صامدًا بمفاهيم التمييز وعدم المساواة.

هذا ما يُسمى بالاحتلال الذكوري الذي يبدأ بزرع فَجوة بين الذَكر والانثى وتوزيع الأدوار النَمطية منذُ الولادة بارتداء الازرق للذَكر ليصبح "رَجلًا" والوردي للأنثى لتصبح "امرأة"، ويتفاقم مع النمو والنضوج وتترسخ المفاهيم وتقطن جوفنا حتى نضلل الانسانية ونبني طَبقات من غلافٍ سميك على مفاهيم القمع والاذلال.

التنشئة الاجتماعية تهمين علينا من خلال "الاحتلال العقلي" أيضا الذي نرضخ له جميعًا، ذكورًا واناثًا، ويتعرض له الطِفل منذ الصِغر، بواسطة افتراس للعَقل المبدع والحرية بواسطة صَب المعلومات في سلك التَربية والتعليم والحَد من الاستقلالية داخل العائلة في المجتمع العربي، المبني على عادات وتقاليد تحترم الأكبر سنًا حتى لو كان على خطأ، وتعطي كفاءات للرضوخ والإذعان للوالدين، للجد/ة وللأقارب، لأن يغدو هذا الرضوخ لكل شخص ممكن أن يكون في مكانة طبقية اعلى ومن ثم الى المجتمع ككل، مما يقلل من الفِكر الانتقادي الذي يشكل قوة للمعرفة والتغيير، فالفكر النقدي لا يعني قلة الاحترام وانما التطوير والتغيير والتقدم.

كلنا ننتمي الى عائلة، اقارب، حارَة، مدينة، دين، تاريخ، ثقافة ومجتمع ليسوا من اختيارنا، خُلقنا ووجدنا أنفسنا في هذا العالم وفُرضت عَلينا هوية زرقاء تَحمل معها صراعا كبيرا مع الذات اولًا، "مَن أنا؟" ومع المجموعة "مَن نحن؟!" ويَزداد الصراع مَع متجزئاتنا وعدم اعتراف العديد منا بالهوية الفلسطينية التي تشكل اقلية، مقابل غالبية يَهودية ويتفاقم مَع هويّتنا القومية وعلاقتنا بالدول العَربية.

بالإضافة إلى الطَبقية بين الاغنياء والفقراء، الاقوياء والضعفاء، الكبار والصغار ما زالت تترأس رسالتنا الشَخصيّة لعدم قدرتنا على فهم الآخر. وها نحن مُجددا وتكرارا نترك أنفسنا نتبع ما فرض علينا كالقطيع، نتبع ما كانَ سابقًا، دون اندماج للنَفس العميقة جوفنا مَع اعمالنا، وفَجأة تتدفق المَشاعر داخلنا لتطلب النَجدة التي ستحرر الشَغف من عبودية العَقل التقليدي الجاف! وعَلينا التَحرر من قواعد اللعبة للعيش بأمان.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة