للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
د. نهاية داوود في مقالها:
يبقى السؤال من يحمي المرأة وحقوقها من هذا العنف المستشري؟
اعادة تأسيس المجلس القطري للنساء ضرورة حتميه للمساواة الجندرية
شهدت السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في دور المرأة وعملها السياسي والذي يضرب مكانتها الاجتماعية بعرض الحائط ويصورها كعضو ضعيف بالمجتمع
قامت نساؤنا وربما بشكل غير واعٍ وغير مدروس وربما بصفة المغلوب على امره بوضع نصب اعينها قضايا مجتمعها وهمومه السياسية والقومية قبل اهتمامها بقضايا المرأة الجوهرية ومساواتها الجندرية
علينا نحن النساء مراجعة انفسنا ايضا ووضع النقاط على الحروف عند ممارسة اللعبة السياسة وفحص كيف يتم التمثيل النسائي بالهيئات السياسية والحزبية وربما العمل بمشاركة رجال متفهمين لقضايا المرأة
يشهد الواقع السياسي للفلسطينيين في البلاد ومنذ النكبة احداث اسقاطاتها خطيرة على مجتمعنا بأكلمه خاصة نسائه. عملت، كانت وما تزال، سياسات التمييز المنتهجة من قبل الحكومات الاسرائيلية المتوالية وخاصة الاخيرة تعمل على ضرب أسس المجتمع الفلسطيني بالداخل وزعزعة كيانه وتفكيك لحمته الاجتماعية باعتبارها احد اعمدة البناء لمجتمع عصامي صامد. في ظل هذه السياسات الخطيرة والتي توجت مؤخرا في قانون تشريع نهب ومصادرة الاراضي الفلسطينية الخاصة وسياسات هدم البيوت باتت المعركة السياسية للفلسطيني والفلسطينية في الداخل تتمركز حول حماية حقوقه الاساسية في الارض والمأوى والحق في التعليم والتحصيل العلمي والعالي والحق في الصحة وتوفير لقمة العيش والحماية والامان في مجتمع اصبح العنف فيه وباءً متفشيا بسرعة وانتشر انتشار النار بالهشيم، حيث لم تسلم أي فئة من المجتمع من العنف خاصة النساء. ويبقى السؤال من يحمي المرأه وحقوقها من هذا العنف المستشري؟
حقوق المرأة الفلسطينية بين القومي والنسوي
من هنا وفي ظل هذا الاستبداد والواقع السياسي الاليم وكوننا مجتمعا ذكوريا بامتياز جاء اضطهاد المرأة في العمل السياسي. حيث قامت نساؤنا وربما بشكل غير واعٍ وغير مدروس وربما بصفة المغلوب على امره بوضع نصب اعينها قضايا مجتمعها وهمومه السياسية والقومية قبل اهتمامها بقضايا المرأة الجوهرية ومساواتها الجندرية. وعليه قامت بالتسليم بواقع يقتصرالعمل السياسي فيه على ما يقوم به الرجال في المقدمه وتبقى هي على الاغلب غير مبالية او ان تقبع في الصف الخلفي في احسن الحالات. رغم ما حققته الكثير من نساءنا في التعليم والعمل والنشاط الاهلي والمجتمعي انحصر دورها في العمل السياسي غالبا على اخلاء الساحه للرجل ومن دون ان تسعى هي بتحقيق اهدافها في المساواة الجندريه كشريكه حقيقيه مساويه في هذا العمل. وكأن مشاركتها السياسيه تتناقض مع مساواتها الجندريه. حيث اننا نرى وعلى مدى تاريخ العمل السياسي للمجمتع الفلسطيني في الداخل شخصيات رغم اننا نكن لها كل الاحترام والتقدير على نضالها السياسي وصمودها في وجه السياسات العنصريه, الا انه كرست الواقع الذكوري في عملها السياسي وقامت باتخاذ حتى قرارات مصيريه للجمهور العربي الفلسطيني في الداخل من دون ان تسعى للمشاركه الحقيقيه والديموقراطيه للنساء باعتبارها اساسا هاما من اسس هذا النضال. بدلالة ان الاحزاب تاريخيا والمؤسسات المجتمعيه الفاعله حاليا مثل لجنة المتابعه للجماهير العربيه والسلطات المحليه تخلت عن المشاركة الحقيقيه والديموقراطيه للنساء حيث نجد ان عدد النساء بها لا يتجاوز اصابع اليد الواحده.
ليس ذلك وحسب، فقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في دور المرأة وعملها السياسي والذي يضرب مكانتها الاجتماعية بعرض الحائط ويصورها كعضو ضعيف بالمجتمع، وبذلك تكون هي محط لتلقي الصدمات والضربات الموجعه الواحده تلو الاخرى. نجد ان هناك نساء يتم تعنيفها عند مشاركتها في العمل السياسي وللاسف ليس فقط من قبل الرجال بل يتم بالاعتداء عليها لفظيا وكلاميا وحتى جسديا واحيانا يتم التحرش بها جنسيا وكيل الشتائم لها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وليس هناك من سائل ولا مسؤول. بل نقوم في الكثير من الاحيان بتبرير هذه السلوكيات المشينه ضد النساء وتصويب اصبع الاتهام لها وتتحول هي الى المُتهم وتتمم تبرئته المُعتدي. نكون بذلك وعند غياب ردة فعل حقيقيه تعطي المرأه حقها, نكون قد كرسنا انماط اضطهاد المرأه وشرعننا العنف ضدها في كل الاطر المجتمعية.
اعادة تأسيس المجلس القطري للنساء الفلسطينيات في الداخل هو ضرورة حتمية
حتى لا تُعتبر هذه المقاله مجرد "فضفضه عن النفس", وهو ادعاء نمطي ضد الكثير من الكتابات النسويه, اريد هنا ان اعيد طرح فكرة اعادة تأسيس المجلس القطري للنساء الفلسطينيات لحماية حقوق المرأة وضمان مشاركتها بشكل ديموقراطي في العمل السياسي. خاصة في ظل ما تتعرض له النساء من عنف خلال مشاركتها السياسية الضئيله وعلى ضوء تعرضها للعنف المجتمعي والاسري بكافة اشكاله وانماطه ونظرا لما تحمله هذه الفكره من اهمية خاصة في حقبتنا التاريخيه هذه كما ذكرت انفا وبشكل مقتضب في المقدمة. حيث قُمت بسنة 2000 وبمشاركة اربع نساء ناشطات اخريات، مع حفظ الادوار والالقاب, بالمبادره لتأسيس المجلس القطري للنساء الفلسطينيات وقمنا من خلال المؤتمر الاول للمجلس بحشد اكثر من 150 امرأه فاعله جئن من الشمال مرورا بالمثلث وحتى الجنوب من اجل الاتفاق على الرؤيا والوثيقه التأسيسه للمجلس. هدف هذا المجلس هو تأطير النساء وتنظيمها في جسم واحد يُشكل رافعه لحقوق المرأه ويضمن مشاركتها الفاعله في العمل السياسي والمجتمعي. كما جاء في الوثيقه التأسيسيه للمجلس, انه سيعمل على رفع مكانة المرأه وضمان حقها في التعليم والعمل والصحة وحمايتها بواسطة المبادره لتشريع قوانين مثل قانون الاحوال الشخصيه وحقها في الميراث وغيرها.
يشبه المجلس من ناحية المبنى التنظيمي اتحادات نسائية اخرى مثل الاتحاد العام للمرأه الفلسطينيه (تأسس عام 1965) واتحاد المرأه الاردنيه (تأسس عام 1945) والاتحاد الوطني للمرأه التونسيه (تأسس سنة 1956) وغيرها من التنظيمات النسائيه الاتحاديه التي عملت على رفع مكانة المرأه في بلادها باشكال مختلفه. رغم خصوصية كل من هذه الاتحادات, واحيانا الاختلاف في ومع طرق عملها, الا انها سعت بلا كلل ومن دون شك الى تمثيل واسع وديموقراطي للنساء في العمل السياسي وشكلت ولا تزال منصه هامه لحماية حقوق وقضايا المرأه وبالتالي حمايتها من العنف المجتمعي. حيث كانت فكرة اقامة مجلس قطري للنساء عندنا، ان يكون مستقلا في عمله وان يتضمن نساء من كافة فئات المجتمع، يتم انتخابهن بشكل دوري من اطر حزبية سياسية، نساء من الجمعيات المجتمعية الفاعلة ونساء اكاديميات وباحثات، نساء مختصات في القانون والمرافعة، نساء من العمل الاجتماعي والنفسي والصحة العامة وممرضات وطبيبات ونساء من سلك التعليم ونساء عاملات ونساء من الحكم المحلي وغيرها. ويعمل المجلس من خلال لجان وفقا لهذه المجالات او لتخصصات معينة او قضايا عينية ومحددة تطرحها النساء من داخل المجلس او خارجه.
تأسيس المجلس القطري كان بإمكانه أن يضع مكانة المرأة الفلسطيني في الداخل وقضاياها في صميم العمل السياسي من دون منازع، كان بإمكانه أن يشكّل قوة ضاغطة على القيادة السياسية للمجتمع العربي الفلسطيني بالداخل تؤدي الى حتمية مشاركة المرأة بالعمل السياسي وبشكل ديموقراطي وكان سيحمي المرأة من العنف السياسي والمجتمعي والاسري الذي تعاني منه وبشكل نمطي.
الان يطرح السؤال لماذا لم يكمل المجلس عمله؟ من كن المسؤولات بالاساس عن عدم استمراره وبلورته بالصورة التي تمت المصادقة عليها من قبل المشاركات؟ من حاربنه وتركنه يدمي حتى الرمق الاخير؟
للاسف الشديد الاجابة كما شهدنا عليها، لم تكمن بمعارضة الرجال للمجلس، بل بانماط عمل ذكورية مرفوضة تبنتها بعض من النساء ذوات مصالح شخصية ضيقة سعين ولا يزلن للقوة كمصدر لتبؤ المراكز الاجتماعية لانفسهن والحفاظ عليها. تقوم هذه النساء بشكل منهجي حتى يومنا هذا بمحاربة كل مبادرة لامرأة وطمس صوتها وبالتالي قمع النساء بشكل نمطي.
لذلك علينا نحن النساء مراجعة انفسنا ايضا ووضع النقاط على الحروف عند ممارسة اللعبة السياسة وفحص كيف يتم التمثيل النسائي بالهيئات السياسية والحزبية وربما العمل بمشاركة رجال متفهمين لقضايا المرأة.
باعتقادي أنّ اعادة تأسيس المجلس القطري للنساء الفلسطينات بشكل مستقل عن الهيئات السياسية الاخرى سوف يعزز الوجود النسائي ويعمل على حماية حقوق المرأة الفلسطينية في الداخل، وضمان مشاركتها السياسية بشكل ديموقراطي وعادل وبالتالي حمايتها من العنف المجتمعي والسياسي وتحصيل مساواتها الجندرية.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net