الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 01:01

الشيخ عبدالله نمر درويش... القائد الثائر - بقلم: الشيخ كامل ريّان

كل العرب
نُشر: 23/05/17 18:05,  حُتلن: 19:19

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

الشيخ كامل ريّان يكتب 15 محطة جمعته بالشيخ المرحوم عبدالله نمر درويش مؤسس الحركة الإسلامية 

فقد شعبنا معلما ومرشدا جعل خطابه بما يستطيع ان يحتمله اضعفنا وليس اقوانا وان يحتمله صغيرنا وليس كبيرنا وان يحتمله عامة الناس وليس نخبتهم ولم يجعل خطابه شعارا موجها الى ما يعود علينا بالويلات من جديد حين ادرك تمام الادراك كيف تدار الامور اقليميا ودوليا وعالميا 

 لست في هذه العجالة بصدد الحديث بإسهاب عن المحطات خمس عشرة التي جمعتني بالشيخ عبدالله نمر درويش مؤسس الحركة الاسلامية ورئيسها الاول رحمه الله ابتداءً من المحطة الاولى التي جمعتنا به حينما كنت طالبا في الصف التاسع وكان الاستاذ عبدالله هو معلم موضوع الدين في المدرسة محاولًا على مدار الاشهر الاولى تجميع طلاب كفربرا من اجل ان يحضر خصيصا لتعليمهم شؤون دينهم وبناء نواة دعوة اسلامية في بلدي والتي كانت بعيده كل البعد عن هذا المضمار الا ان هذه المحاولة انقطعت بفصل الاستاذ عبدالله من سلك التعليم بحجة التحريض ضد الدولة ومؤسساتها.

ومرورا بالمحطة الثانية التي جمعتني بزميل دراسة خلال دراستنا في معهد اعداد المعلمين في اواخر السبعينيات والتزامنا اسبوعيا بالذهاب مشيا على الاقدام للمشاركة في الدروس الاسبوعية التي كان يلقيةا الشيخ في مسجد ابي بكر الصديق في كفر قاسم تلك الدروس التي غرست فينا حب الاسلام والوطن وبلورت شخصيتنا الاسلامية والوطنية.

ومرورا بالمحطة الثالثة التي حضر من خلالها الشيخ عبدالله والشيخ حامد البيتاوي رحمهما الله والدكتور محمود السرطاوي ليشاركوني فرحي باول عرس اسلامي في كفر برا خاصه والمنطقة عامه وذالك في نهاية سنوات السبعينيات.

ومرورا بالمحطه الرابعة حينما كلفت مع بعض الاخوه بنشر الدعوه الاسلامية في منطقة النقب والتي كنت اعمل مدرسا بها انا وزوجتي ام معاذ وكلفنا باحضار الشيخ عبدالله الى منطقة النقب لالقاء المواعظ والخطب للاهل في النقب تاره وللمعلمين الذين يأتون من الشمال تارة اخرى.

ومرورا بالمحطة الخامسة حينما تم اعتقال الشيخ عبدالله وعشرات شباب الدعوه بعد الكشف عن ما يسمى باسرة الجهاد والتي يقودها الشيخ عبدالله حتى امتدت يد السلطه لتفصل من شباب الدعوه اكثر من ثلاثين معلما حيث كنت انا وزوجتي ام معاذ من اوائل ضحايا هذا القرار التعسفي الظالم.

ومرورا بالمحطة السادسة في الوقت الذي كان الشيخ في السجن وكنا نستدعى للتحقيق بشكل متواصل وكان محور التحقيقات هو حول شخصية الشيخ عبدالله وتحركاته وعلاقتنا به ولن انسى كلمات محقق المخابرات المسمى دودو بتحريضه وقذفه للشيخ عبدالله بكلمات نابية "ان شيخك مرمي كال.......في السجن ومصيركم ان تكونوا معه هناك".

ومرورا بالمحطة السابعة والتي كانت في بداية سنوات الثمنينات حيث كنت اول مرشح من قبل الحركة الاسلامية لرئاسة المجلس المحلي ومعظم قيادة الحركة الاسلامية تقبع في داخل السجن لاجد نفسي وبعض الاخوه من الحركة وبعد الفوز الذي حققناه في الانتخابات الاولى للحركة الاسلامية في كفر برا عام ١٩٨٣ امام واقع جديد يحتم علينا التواصل الدائم مع رئس الحركة وقيادتها والتي كانت في السجن وليس من السهل التواصل معها فأشار الشيخ علينا بتكوين قياده جماعية لمواصلة المشوار والتي جمعت بعض الاخوه امثال الشيخ ابراهيم صرصور والشيخ هاشم عبد الرحمان والشيخ رائد صلاح والشيخ عدنا عامر لنجتمع اسبوعيا في غياب الشيخ في مجلس كفر برا بمسؤولية كبيرة وعبئ كان ملقى على ظهر الشيخ عبدالله لوحده.

ومرورا بالمحطة الثامنه والتي بدأت بخروج الشيخ عبدالله من السجن وإعادة البناء من جديد بروح جديده ورؤية جديده وفكر متجدد يخلص الى حماية هذا المولود بكل ثمن.

ومرورا بالمحطة التاسعه والتي واكبت انتشار الدعوة في الجليل والنقب وبناء المؤسسات التعليمية والتربوية والصحية والرياضية والسياسية والتي توجت بنجاح الحركة الاسلامية برئاسة خمسة بلدات ام الفحم وكفر قاسم وجلجولية وكفر برا وراهط وعشرات البلدان الاخرى بمواقع مختلفه وهامه والاهتمام بكل ما يتعلق برباط شعبنا الفلسطيني على ارضه واوقافه ومقدساته وعلى رأسها المسجد الاقصى المبارك الذي ما زال يتعرض وسائر مقدساتنا الاسلامية والمسيحية الى الطمس والتدنيس وازالة المعالم.

ومرورا بالمحطة العاشره حينما اصطحبنا الشيخ عبدالله معه مع قيادة الحركة الاسلامية وقتئذ والزيارات المكوكية التي قمنا بها لرأب الصدع ما بين الاخوه في حركتي فتح وحماس في غزه وقد شاهدت عمق الاحترام الذي كان يحظى به الشيخ عبدالله عند الرئيس الشهيد ياسر عرفات وعند الشيخ الشهيد احمد ياسين حيث افضت المفاوضات الى تبني الاقتراحات الابداعية والخلاقه التي اتى بها الشيخ عبدالله المستنده على العدالة والانصاف والاحترام لكلا الطرفين.

ومرورا بالمحطة الحادية عشره والتي اتخذ من خلالها قرارا شوريا بخوض الانتخابات للبرلمان بمشاركة عربية اخرى عام ١٩٩٦ حيث توجه الي الشيخ طالبا مني ان اترأس القائمه نظرا لتجربتي في السلطات المحلية فشكرته على ثقته هذه والتمست منه العذر بعدم المشاركة لاسباب شخصية.

ومرورا بالمحطة الثانية عشره والتي من خلالها طلب الشيخ اعفاء نفسه من رئاسة الحركة الاسلامية وتسليم الراية لاحد تلاميذه معلنا امامي انه سيبقى الجندي الاول لقيادة الحركة الاسلامية وكان لي الشرف ان اكون مع اخوه ثلاثه اخرين ان ننقل هذا القرار لمجلس الشورى القطري والذي من خلاله يضرب الشيخ المثل الاعلى ان لم يكن الاول في عالمنا العربي والاسلامي باستقالته طوعا وتسليم الراية لاحد تلاميذه من غير تحايل او غضب او تأمر او مناكفة كما هو معهود في عالمنا العربي والاسلامي.

ومرورا بالمحطة الثالثة عشرة والتي كان لي الشرف بمصاحبته في بعض جولاته سواءا في داخل الوطن او خارج الوطن ورأيت القدرات التي يتحلى بها الشيخ عبدالله ورأيت الاحترام الذي يحظى به بعد حوارات دعوية او سياسية طويله يتناول المواضيع بشكل حضاري من خلال حوار هادئ جميل ومقنع.

ومرورا بالمحطة الرابعة عشرة من خلال مساهماته ومشاركاته القيادات العربية في البلاد في حمل الهم الوطني المشترك وتوضيح جميع الحواجز الفكرية والايدولوجية والدينية بما يصب بمصلحة شعبنا الفلسطيني ووحدته في كل اماكن تواجده لانه رأى ان مصلحة شعبنا ومصيره مقدم على مصلحة حركتنا ومستقبلها.

ومرورا بالمحطة الخامسة عشرة والتي امتدت على مدار اكثر من عامين من مرض الشيخ والتي بقي الشيخ عبدالله خلالها يشارك ويناضل من اجل وحدة شعبنا الفلسطيني ولم يقعده المرض من مواصلة نشاطه ودوره في المساجد لاجد نفسي واخي الذي شاركني بحضور دروسه في البداية متشوقين الى سماع خطبة كما كنا في بداية المشوار حريصين بالذهاب الى مسجد ابا بكر من جديد لسماع خطبته بين الحين والاخر لننهل من علمه ونسمع من فكره ونرتوي من كلماته.

حقيقة انني مررت على هذه المحطات التي جمعتني مع فضيلة الشيخ عبدالله والتي امتدت على ما يقارب الاربعين عاما لأوضح بأن شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية والاسلامية فقدت ثائرا تحدى بحزمه وعلمه وفقهه كل ما هو مألوف في المجتمع يتعارض مع مصلحة دينه وشعبه وامته ولم يخف في الله لومة لائم.

وفقد شعبنا قائدا فذا مقداما اهتم بشعبه ولم يةتم بشعبيته ورأينا كيف كان يصرح احيانا بتصريحات من شأنها ان تغضب البعض حينما ادرك انها حتمية لبناء سياج واق وحام لما هو ابعد ولما هو اعمق ولما هو اعم واشمل لحركته خاصه وللاقلية العربية في البلاد عامه.

وفقد شعبنا معلما ومرشدا جعل خطابه بما يستطيع ان يحتمله اضعفنا وليس اقوانا وان يحتمله صغيرنا وليس كبيرنا وان يحتمله عامة الناس وليس نخبتهم ولم يجعل خطابه شعارا موجها الى ما يعود علينا بالويلات من جديد حين ادرك تمام الادراك كيف تدار الامور اقليميا ودوليا وعالميا وتعرف على الواقع المرير الذي تمر به شعوبنا العربية والاسلامية والتي لا ينتظر منها الخير والمدد ليؤكد مرارا وتكرارا ان حصانتنا وأمننا ومرجعيتنا لن تكون الا من خلال انفسنا ومن خلال اعداد جيل جديد من ابنائنا وشبابنا يتمتع بالأمن والآمان والاستقرار والاستقلالية في اتخاذ قراراته وبناء حاضره ومستقبله.

فقدنا الشيخ عبدالله والذي بثورته وقيادته ابقى بيننا ارثا كبيرا وموروثا عظيما ونهجا واضحا سيبقى مشكاة لنا في حياتنا ومعالما في طريق الحرية والتحرر وسراجا منيرا له في قبره ان شاء الله. رحم الله الشيخ القائد الثائر

مقالات متعلقة