الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 23:01

الدروز ينقذون المعهد الاسرائيلي للديمقراطية – دعوة للتعلم من تجربتهم/ بقلم: ب. أسعد غانم

ب. أسعد غانم
نُشر: 28/07/18 10:20,  حُتلن: 14:31

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

ب. أسعد غانم في مقاله الثالث بشأن قانون القومية:

الشعوب ليست مسطرة تقاس "وطنيتها " بمقياس يشترى من الصيدلية

اذا تأملنا مثلا في ردة الفعل الجماعية لدينا التي تمثلت في اجتماع المتابعة وقراراتها بشان "قانون القومية"، فإنها تمت باستثناء تام للدروز واجندتهم

لابد من الملاحظة بان اليسار الاسرائيلي والليبراليين اليهود ومن يمثلهم من مؤسسات مثل المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، يدينون الان كثيرا للدروز

مع بعض النشاط المنظم لبعض النشطاء السياسيين "الدروز" في الحيز العام، استطاع هؤلاء ان يضغطوا بشكل مثابر، وهذا ما اجبر بعض اعضاء الحكومة الاكثر فاشية على مراجعة موقفهم واعلان ضرورة تعديل القانون

الدروز هم جزء مهم من مجتمعنا فقد سعت الدولة تباعا الى سلخهم والتأسيس "لمجموعة قومية ودينية" منفصلة، الا انها اجمالا لم تنجح على المستوى الشعبي العام، فهم منا ونحن منهم، همومهم هموم كل مجتمعنا، عاداتهم، تقاليدهم، هويتهم ومواصفاتهم، كما كل مجتمعنا وشعبنا، الا انه يبدو لي بانه ما لم تنجح المؤسسة على فعله شعبيا، نجحت به الى ابعد الحدود سياسيا. فالدروز اجمالا يخدمون في جيش الاحتلال وجزء مهم من نخبهم منخرط في المؤسسات السياسية والعسكرية التي تسيء كثيرا لشعبهم تحت الاحتلال ولنا هنا، ومن ناحية ثانية المؤسسات السياسية الجمعية لدينا لا تشمل الدروز، اجمالا، وتستثني اجنداتهم من نقاشاتها ومواقفها وافعالها، والعكس صحيح فالمؤسسات الدرزية السياسية تستثني نفسها. المتابعة "تخلو من الدروز" واللجنة القطرية لا تقوم بجهد حقيقي لشملهم فيها، وهنالك افكار طرحتها سابقا على رئيس المتابعة والقطرية السيد شوقي خطيب، الا انها بقيت هناك على رف التفكير حتى الان. وهذا برأيي لان هذه الخطوات تتطلب بعض الجهد والتواصل والاتصال والتفاهم على حلول وخطوط مشتركة، وفوق ذلك مواجهة، وعدم السماح لبعض مدّعي اصدار "صكوك الوطنية" ان يتحكموا في شعبنا ومقدراته.

اذا تأملنا مثلا في ردة الفعل الجماعية لدينا التي تمثلت في اجتماع المتابعة وقراراتها بشان "قانون القومية"، فإنها تمت باستثناء تام للدروز واجندتهم، وأنا اعي تماما بان بعض ممثلي الاحزاب سوف يدعون تمثيلهم، ولم تقم المتابعة بأي جهد حقيقي لاستحضارهم ووجودهم، حتى لو كان جزءا من "ادعاءاتهم" لا يعجبنا جميعا او بعضنا. وبالتالي فأننا ساهمنا مرة اخرى في استفراد الدولة بهم، من خلال رجالاتها، وتركهم لأجندة تسيء لشعبنا وللدروز كجزء منه. لماذا لم نكرس بعض الجهد للجلوس من الشيخ موفق طريف – او من ينوب عنه- او مع عشرات النشطاء الدروز الاخرين وعلى رأسهم بعض رؤساء السلطات المحلية الذين لا يقلون "وطنية" عن غالبية زملائهم من الرؤساء؟ لماذا لم يتم استدعائهم لاجتماع المتابعة واقناعهم بضرورة اتخاذ مواقف مبدئية ضد القانون بدل ادعاءات "حلف الدم"؟ لماذا لم نستفد من قدرتهم على الضغط على المؤسسة ؟ وقد اثبتوا ذلك بجدارة ولم تتهرب نخبهم من المواجهة، حتى لو حسب منطقها هي، بدل العزوف عن مواجهة الاكثرية في اعلامها، كما حدث عند غالبية قياداتنا، التي لا تترك منصة باللغة العربية الا وهدرت وزأرت بها، لكنها اختفت من "المنصات العبرية"، وهي كما نعرف تستطيع بسهولة التواجد في المنصات الاسرائيلية العامة.

ورغم اننا نريد تغييرا جذريا للقانون وللسياسات الموجهة له، لكن لابد من الملاحظة بان اليسار الاسرائيلي والليبراليين اليهود ومن يمثلهم من مؤسسات مثل المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، يدينون الان كثيرا للدروز، لكونهم نجحوا في اختراق الشارع اليهودي وحتى اليمين الفاشي، واقناعه بضرورة ان يعيد النظر في نص القانون، رغم ان ذلك قد لا يغير شيئا، لكنه ثبت في وعي اليسار الاسرائيلي، بان اي تغيير سوف يجري مستقبلا لا يستطيع ان يتنكر لقوة مجتمعنا، او اجزاء منه على الاقل.

المعهد الاسرائيلي للديمقراطية هو مؤسسة اليسار او الليبراليين اليهود، ويمثل صوتهم في الحيز العام، رغم انه يدعي بانه مؤسسة عامة ليس لها هوية سياسية او حزبية. وهو يمثل خروجا عن النهج الجامعي من حيث خوضه كمؤسسة النقاش العام واتخاذه مواقف عامة ودفاعه عما يعتبره مهما في سياق الحفاظ على الحقوق، اهمها برايي تطلعه الى ان يمثل ما اسميه "الديمقراطية اليهودية" ويعمل لتثبيت ذلك بشكل منهجي. واهم ما اذكره هنا هو استماتته في الوقوف ضد "التصورات المستقبلية" للفلسطينيين في اسرائيل، وتجنيده لباحثين ومثقفين يهود وعرب واجراء "استطلاعات رأي" وعقد ورشات "علمية"، قبل عقد من الزمن ليثبت ان "التصور المستقبلي" لا يمثل الفلسطينيين في اسرائيل، وانهم يقبلون الدولة "اليهودية الديمقراطية"، وبهذا فانه ساهم –ولا زال- في جهد نزع الشرعية عن مواقف وتطلعات الفلسطينيين في اسرائيل وفي حقهم بالتمثيل في الدولة كجماعة وليس كأفراد–درجة ثانية- فقط.
ويأتي هذا المعهد على نهج المؤسسات الاخرى من حيث تجنيد باحثين عرب كجزء من تجميل وجهه كمؤسسة معنية بالديمقراطية (اليهودية طبعا). وهذا مهم لو كان بشكل متساو ومنصف في القدرة على طرح مواقفهم، وجل هؤلاء العرب لهم باع مهم في البحث العلمي والنقاش العام ويستطيعون ذلك نظريا، الا ان صوتهم لم يسمع بصفتهم باحثين في هذا المعهد ولا اي مرة في سياق عشرات المواقف المعلنة لهذا المعهد، في قضايا اساسية يقصدها المعهد في بياناته وابحاثه العاجلة فيما يعتقد بانه "دفاع" عن الدولة اليهودية-الديمقراطية، مثل الموقف من التصور المستقبلي، او مكانة المحكمة العليا والتضييق عليها، والان في قضية قانون القومية.

الان يأتي قانون القومية، ويقدم المعهد "ممثلا" لليسار ولليبراليين اليهود موقفه المنادي بإجراء تعديلات عليه، اهمها مطلب ادخال كلمة مساواة الى فقرة نظام الدولة في "قانون القومية"، ومطالبه بشطب موضوع تشجيع اقامة بلدات يهودية، وصولا الى مسائل تتعلق بموضوعي المواطنة والدين، وهي كلها مهمة جدا، وتمثل موقفا متقدما في المشهد الاسرائيلي، وقد يكون ان من اهم ما سوف نتذكره في النقاش الاسرائيلي حول القانون هو اجهاش البروفيسور مردخاي كريمنتسر بالبكاء في مقابلة على الاثير حول اقرار قانون القومية، متأثرا بما يحدثه اليمين الاسرائيلي من "تخريب للدولة اليهودية" والتوازن بين "يهوديتها وديمقراطيتها". كريمنتسر معروف بكونه من اشجع الاكاديميين الحقوقيين الاسرائيليين واكثرهم استقامة، الا انه يؤمن بالتوازن في معادلة "اليهودية الديمقراطية" وساهم في جهود المعهد في ضرب شرعية الفلسطينيين في اسرائيل من خلال التجند الى جانب جهد الانقضاض على التصورات المستقبلية.

وهنا اعود الى "موقف الدروز"، الذين انقذوا، مجازا وفعليا، اليسار الصهيوني وموقف المعهد الاسرائيلي للديمقراطية وبعثوا برسالة مهمة: تغيير اسرائيل مستقبلا لا يتم الا بوجود وشراكة العرب وقوتهم المنظمة، او على الاقل جزءا منهم، ومستقبل التغيير السياسي العيني كالسياسات والقوانين او الاستراتيجية، مثل الذهاب الى دولة مشتركة بدل حل الدولتين المفلس، لا يتم بغير وجود العرب الفلسطينيين هنا في الداخل كمجموعة منظمة، وكلنا جزء من ذلك، وتقسيمنا وتفتيتنا يضر بهذا وبمستقبلنا عموما كمجتمع متكامل. فمع بعض النشاط المنظم لبعض النشطاء السياسيين "الدروز" في الحيز العام، استطاع هؤلاء ان يضغطوا بشكل مثابر، وهذا ما اجبر بعض اعضاء الحكومة الاكثر فاشية على مراجعة موقفهم واعلان ضرورة تعديل القانون، وليس كلام "ضريبة الدم" ووحدة "الماضي والحاضر والمستقبل"، اذ ان مشاكل الدروز كثيرة والتمييز ضدهم مجحف كما كل مجتمعنا، وبيوت الكثيرين منهم مهددة بالهدم، ولم ينجحوا في نضالاتهم لإبطال ذلك، لأنها لم تكن منضبطة ومنظمة ومباشرة مع رسالة واحدة، وكل هذا ينقص قياداتنا، فيا ليتنا نجلس مع "الدروز" نتعلم منهم، بدل الاستمرار في استثنائهم، "بفتاوى وطنية". وصحيح ان هنالك اشكالا جديا مع بعض ادعاءات بعض نشطائهم، الا ان هؤلاء لا يمثلون كل الدروز، وبعض منا، من باقي شعبنا هنا في الداخل، لا يختلفون عن "الدروز" الا انهم يتمثلون في المتابعة ولجنة الرؤساء، ويدلون بآرائهم في هذه المنصات، وبعدها تخرج القرارات، بعضها جيد وبعضها سيء، لأن الشعوب ليست مسطرة ولا تقاس "وطنيتها" بمقياس يشترى من الصيدلية.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة