الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 02:01

قصة ثقب في الأسطول/ اسيل منصور

أسيل منصور
نُشر: 13/09/18 00:24,  حُتلن: 14:59

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

الشوارع مكتظة بقلة الأدب ، السيارات تغلق الممرات بوقاحة ، الأطفال يزعقون في كل مكان،
"كم أكره الأطفال".. تتمتم بصوت يملأه السخط..

هي فارعة الطول ،جميلة الوجه ، نضرة الصوت دائمة البحث عن عمل ..ما إن تبدأ بعمل ما حتى تجد فيه مئة ألف عيب. الكراسي داكنة ، الإضاءة خافتة، الرائحة قاتلة، الموظفون كسالى ، ليس هناك من جهاز لصنع القهوة ، أضطر للمشي قليلا حتى أصل ، المكان قريب أكثر من العادة وأنا أحتاج لوقت أكثر أنظم فيه أفكاري قبل أن أصل ، الشاب في العمارة المقابلة ينظر إليّ من النافذة ويبدو أنه "فاضي أشغال" حتى يحدق بي طيلة اليوم ، المعاش قليل ، المعاش كثير وأنا لا أستحق، المدير لطيف أكثر مما ينبغي ، المديرة تظن أن لدي قدرات ، مكتبي فسيح ، أصوات الأطفال من المدرسة القريبة تضايقني، العصافير بالغت في الصفير اليوم ، الغيوم بيضاء ، الشمس ألطف مما يجب ، الجريدة ليس فيها ما يكفي من الأخبار السيئة وملايين من الأعذار تسرقها من قصص في الصحف وهي لا تدري أن عذرها الحقيقي هو بحثها الدائم عن دفءٍ يغمرها من الداخل ليضفي على أرضها سلاما ترى عبره الكون جميلا ..تترك البيت وقد خلّفت وراءها صحراء لا تصلح لأن تكون بيتا يعود إليه الإنسان مساءً..بيتٌ من كلمات متقاطعة شكّلت فراغا لكلمة من حرفين لو عبأها أحدهم لبات مكان السكنى جنّة ولطفقت هي تعمل في ذات المكان سنين تعطي وتمنح وفائضٌ من المزيد ينتظر لأن يُتْرَك لمن يحتاجه ..

"عانس "..أطلقت على نفسها الكلمة لأنها أرادت يقينا أن تدخل في خانة الكلمة المشكلة من أربع حروف أولها عينٌ على قلبها المشبع باليأس الخانق والأحكام المسبقة الجائرة على الطرف الآخر ..قد تطلق أبواها منذ أن كانت طفلة وتشكلت جداول من العبرات التي لطالما ذرفتها في فؤادها وبقيت جافة كجفاف غدد الدموع بعدما عاهدت نفسها ألا تبكي سرّا أو علناً..

والآن هي تعمل ، تحاول أن تتجاهل المشكلة الصغيرة التي تحملها أينما تصل ،وهي ثقب في أسطول الحب الفيّاض الذي يُخْلق مع كل أنثى ، ثقبٌ قد يودي بهلاك كل الأسطول لو لم يجد طرفا يعالجه بحنوّ ويزيل بذلك الهم والحزن والامتعاض واليأس والقنوط وعدم الاستقرار عن كل من له شأن بأسطولها وحتى ذلك اليوم تتنقل هي من عمل إلى عمل علّها تجد من يصلح العطل المنتظر بحرقة بإحدى سفن أسطولها ..

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة