الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 16:02

أطباء بلا حدود/ بقلم: رغدة بسيوني

رغدة بسيوني
نُشر: 06/12/18 14:37,  حُتلن: 16:51

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

رغدة بسيوني:

إطلاق سراح غالبية المعتقلين لا يعني بالضرورة أنهم بالفعل بريئون من هذه الشبهة، لأنّ معظمهم لم يزاولوا المهنة أصلا، بالتالي فإنّهم لم يشكّلوا أي خطر على حياة أي شخص

هذا الملف بالرّغم من أنّه فُتح بطريقة مستفزّة ولم تصدر أي أوامر تحظر النشر في التفاصيل، وعلى ما يبدو لأنّ جميع أو معظم المعتقلين هم من المجتمع العربي، إلا أننا لا يمكن أن نتخفّى وراء اصابعنا

بمناسبة الكثير من التنظيرات على مواقع التواصل الاجتماعي في ملف الأطباء، في حملة الشرطة التي عنونتها ب "رخصة للقتل" لدي ما أقوله في هذا الخصوص.

بالبداية شرح حول الصورة اليوم: الحديث يدور حول 47 طبيبا، متدربا وصيدلانيا، تمّ إطلاق سراح 21 منهم في مركز الشرطة دون الحاجة للمثول أمام المحكمة، وغالبيتهم لم يزاولوا مهنة الطب، كما وتمّ إطلاق سراح 22 طبيبا بعد مثولهم أمام المحكمة، وبالرّغم من استئناف الشرطة للمركزية على قرار صلح الناصرة بإطلاق سراحهم الا أن المحكمة رفضت الاستئناف وتمّ إطلاق سراحهم بشروط مقيّدة، ومن بقي رهن الاعتقال هم 4 اطباء فقط.

قد يكون الأطباء والصيادلة والمتدرّبون "الـ47" الذين اعتقلوا في هذه القضية كلّهم بريئين، ولا علاقة لهم بأي تزوير واجتهدوا وتعلّموا والى آخره حتّى حصلوا على شهادات تؤهّلهم لمزاولة مهنة الطب بكل نزاهة. ولكن، أنا أكيدة بأنّه لا دخان دون نار، إطلاق سراح غالبية المعتقلين لا يعني بالضرورة أنهم بالفعل بريئون من هذه الشبهة، لأنّ معظمهم لم يزاولوا المهنة أصلا، بالتالي فإنّهم لم يشكّلوا أي خطر على حياة أي شخص، أما الباقي وبعد عدم توفّر الأدلة الكافية وقسم منهم زاول المهنة تمّ إطلاق سراحهم بشروط مقيّدة ما يعني أنه لا يمكنهم حتّى اللحظة العودة لمزاولة المهنة حتّى إصدار قرار نهائي بالبراءة، عندها يجب مطالبة الدولة بالاعتذار منهم ولهم ومحاسبة جهاز الشرطة.

ولكن هذا الملف بالرّغم من أنّه فُتح بطريقة مستفزّة ولم تصدر أي أوامر تحظر النشر في التفاصيل، وعلى ما يبدو لأنّ جميع أو معظم المعتقلين هم من المجتمع العربي، إلا أننا لا يمكن أن نتخفّى وراء اصابعنا وأن ندافع بهذه الشراسة عن أمر بهذه الحساسية، وكأن الموضوع مجرّد خرافة ولا أصل له!

بدايةً، لا أحد ينكر أن هناك الكثير من الأطباء الذين اختاروا أن يتعلّموا الطب خارج البلاد، أي مكان في العالم، لعدم استيفائهم شروط التعلّم في البلاد، فمشوا وراء أحلامهم وحققوها، وعادوا إلينا أطباء ناجحين وعلى قدر كاف من المسؤولية والنزاهة تجاه أنفسهم، عائلاتهم، مهنتهم والمرضى. والكثير لا يعني الجميع.

أنا أعتقد أنّ هذا الملف يجب ألا يغلق وأن تفتح أبواب الشكّ الآن وعلى جميع المصاريع، وأن نبدأ اليوم بالمحاسبات، دون لفّ ودوران، دون "تمثيل"، أو نفاق. الانتقاد واجب وحق، لأن الانتقاد لم يأت من فراغ، وبراءة الـ47 لا تعني براءة الآلاف، من محبي الطرق القصيرة والتفاخر والتباهي بما ليس لهم ومنهم، فقط لأنّ بعضهم امتلك من المال ما يخوّله لشراء وتزوير الشهادة لغاية في نفس يعقوب.

للأسف نحن مجتمع تقوده العاطفة، ننساق وراء عواطفنا وننجرف مع تيّارتها إلى المجهول بكامل إرادتنا أو بما تبقّى منها فينا، نحن في هذه المرحلة بأمس الحاجة للمكاشفة، وأن نقف وجها لوجه أمام الحقائق، وألّا نسكت عن الأخطاء لأنّها قدّ تمسّنا من قريب أو بعيد، أو قد تمسّ مصالحنا!

*قصّة قصيرة من حياتي: حين عانت مرّة جدّتي رحمها الله من ألم في جسدها، تمّ نقلها إلى أحد مشاف البلاد، عدّة أيام، كانت بطنها مختبرًا لتجارب الأطباء الذين لم يعرفوا كيف يشخّصوا سبب آلامها، حتّى تمّ نقلها إلى مستشفى آخر .. من المسؤول؟ من المتهم؟ كيف تعطى دواء دون أن تشخّص حالتها أصلًا؟ وغيرها من القصص الكثيرة التي أعرفها والتي لا. والسبب أطبّاء. ولا يعني هذا أنّهم بشهادات مزوّرة، وقد يكونوا، لكن هناك من يعمل في هذه المهنة بغير كفاءة أو نزاهة، أو حتّى إنسانية.

في النهاية أقول، أنا لا أتّهم أحدًا ولا أبرئ أحدًا، لست بمكان القاضي، ولكنّي كمواطنة أتلقّى الخدمات الطّبية مثلي مثل أي شخص آخر، من حقّي أن أذهب لأتلقّى أي علاج وأنا مطمئنة بأنّي بين يدي إنسان/ة نزيه/ة وفيّ/ة لقسمه/ا.

إن بعض الظن إثم.. والبعض الآخر يكون الظنّ في مكانه.

سلام طيّب ووردة

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة