الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 05:02

امرأة.... ولكن!/ بقلم: بروفيسور محمد حجيرات

بروفيسور محمد حجيرات
نُشر: 06/03/19 15:17,  حُتلن: 18:52

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

بروفيسور محمد حجيرات في مقاله:

تطفو على السطح في المجتمع العربيّ ظاهرتين غربيتين، الاولى الرجل ضد المرأة والأخرى المرأة ضد المرأة

للأسف الثقافة العامة للمجتمع الانساني عامة والعربيّ خاصة تغرس وتشرش في ذهن المرأة ومنذ الصغر انها كائن من الدرجة الثانيّة 

ظاهرة عالميّة ولها إسقاطات على المجتمع العربيّ، وهي ان المرأة عندما تصل الى القمة تحاول جاهدة جهض امكانية انضمام اي امرأة اخرى لها في القمة

قبل ان ابدأ بخط كلمات مقالي الحاليّ، يحضرني ما قلته قبل سنتين في احتفال مهيب في مدرسة الكعبيّة الابتدائيّة بتكريمي للحصول على درجة الاستاذيّة (البروفيسورة) من مجلس التعليم العالي، وقد صادق هذا اليوم، يوم المرأة العالميّ. فقد قُلت:" اعتز وافتخر وأُفاخر بانني... ابْنُ امرأة... وأخو امرأة... وزوج امرأة... وابو امرأة... وانتظر ان اكون في المستقبل جدُ امرأة".
يُحكى ان احد أعيان قريش وكان معارضاً لمحمّد (ص) ودينه الجديد، قال بعد ان انتشر الدين في أنحاء الجزيرة العربيّة:" ورب الكعبة لولا وقوف خديجة بنت خويلد زوج محمّد معه ودعمها له في البدايات لما عُبد الله في ارض العرب".
احد اتباع السيّد المسيح (عليه السلام) قال وهو يراقب السيّدة العذراء تراقب وحيدها مصلوباً على مذبح الإنسانيّة :" ورب المسيح لولا هذه المرأة ما عمّ التسامح بين بني البشر اليوم وغداً".

احد حكماء بني اسرائيل وهم في تيه سيناء قال لجلسائه وهو يراقب من بعيد اخت موسى عليه السلام:" ورب موسى وهارون لولا هذه الصبيّة لما نلنا حريتنا من الطاغية فرعون، فقد رسمت ورأت حريتنا عندما وضعت الطفل الرضيع في الصندوق وقذفته ليطفو فوق مياه النيل".
تطفو على السطح في المجتمع العربيّ ظاهرتين غربيتين، الاولى الرجل ضد المرأة والأخرى المرأة ضد المرأة.
تقدّم المرأة العربيّة كل سنة العديد من الضحايا على مذبح ظاهرة " على شرف العائلة"، والرجل المشارك في المذبحة يبقى بعيداً وكأن يحق له ما لا يحق لها، ولكن من نصّب الرجل قاضياً وجلاداً لأمر هو اصلاً من صنيعه، وبعد ان حدث هرب بعيداً وقت القصاص، وكأن حال ذاته يصرخ مطالباً "جسد الرجل ملك له وجسد المرأة ملك للرجل".
الرجل يعمل ويفعل ما يريد ولا يصيبه العار والمرأة فإنها جالبة للعار في افعالها....

يُحكى ان رجلاً جاء للخليفة الصالح عُمْر بنُ الخطاب ( رضي الله عنه) وقال له:" يا أمير المؤمنين لي ابنة اسلمت وتزوجت وبعد زواجها زنت، فأرجعها زوجها اليّ بدون ان يفضح امرها، وقد مرّت سنوات على هذا الامر، فعادت اسلمت وحسُن إسلامها. قبل ايام جاء اليّ رجل آخر يخطبها للزواج. أزوجها يا عمر ام أُقيم الحد عليها....".
صرخ به عُمْر وقد اخذ بتلابيب ثوبه قائلاً:" ويحك يا عبد الله.. اتفضح ما قد ستر الله... زوّجها وقل قال عُمْر ".
للأسف الثقافة العامة للمجتمع الانساني عامة والعربيّ خاصة تغرس وتشرش في ذهن المرأة ومنذ الصغر انها كائن من الدرجة الثانيّة وعليها ان تعمل جاهدة للدفاع عن نفسها واثبات عكس ذلك. كل هذه الأفكار الهدّامة والمغلوطة تربى عليها الفتاة في مجتمعنا وللأسف الشديد بدون وعي ودراية، والمرأة تورثها بدورها لبناتها وللأجيال القادمة ليكتب لها الخلود.
ولكن... وعلى الرغم من القيود التي وضعها المجتمع على المرأة الا انها نجحت، بسبب نضال الكثيرات، في إثبات ذاتها في الوظائف القياديّة والمواقع المسؤولة.
ولكن هناك ظاهرة غريبة تطفو على السطح وهي ان المرأة تلهث وراء الرجل ليعطيها بعض الفتات مما عنده، فتطالب المجتمع الذكوريّ بان يمن عليها بإعطائها هذه الوظيفة او تلك المسؤولية بمبدأ " المساواة التصحيحيّة"، وانا شخصياً ضد هذا التوجه لأنه يبقي المرأة تحت سياط ذكوريّة الرجل. على المرأة ان تنافس بنزاهة الرجل في كل موقع لتثبت انها على قدم المساواة وهذا سيُثبّت حقها الأزلي.

ظاهرة اخرى، وهي ظاهرة عالميّة ولها إسقاطات على المجتمع العربيّ، وهي ان المرأة عندما تصل الى القمة تحاول جاهدة جهض امكانية انضمام اي امرأة اخرى لها في القمة. المرأة التي تصل الى موقع المسؤوليّة عليها ان تكون أنموذج، وعليها مساعدة فتيات أخريات لتسلق القمة والانضمام اليها ليكون جداراً واقياً لها ولهن.
وانا اقول للمرأة:" عليك ان تعملي جاهدة وهذا سيأخذ زمن طويل، عليك ان تضعي كرامتك جانباً لتستعيديها لاحقاً. عليك ان تقتربي من ناقديك وتقبلي توجهاتهم حتى لو ناقضت فلسفة حياتك لتعملي على تغيرها لاحقاً. عليك ان تكوني هم لبعض الوقت ليكونوا انت بعض مضي الوقت. لا بديل عن العمل جاهدة من اجل التقارب والحوار وفقط بعد هذه التجربة وبمهارة عاليّة تعودي لتكوني انت، وهذا الامر يحتاج لصبر ايوب".
المرأة التي ترى نفسها ضعيفة، مكسورة، مهزومة هي امرأة مجرمة بحق نفسها ومجتمعها وابنائها. عليها ان تؤمن بنفسها وقدراتها ودورها المحوريّ في بناء أركان المجتمع الانساني التي تُشكل هي ركيزته الاولى. عليها ان تُخرج نفسها من غياهب سجن العادات المظلم، عليها ان تتشبث بقدرتها وحقها باحتلال القمة.
أمي، أختي، زوجتي، ابنتي، حفيدتي ولكل امرأة رائعة تتطلع لاحتلال القمة اقول:" اذا نظرت الى قمة الجبل والتفتِ خلفك ولم يأتك الدعم... لا تقلقي سيدتي انت هناك..."
لكل نساء الارض " كل عام وانتن الخير كلّه..." 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة