الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 10:02

بدون مؤاخذة- إعادة تقسيم الشرق الأوسط/ بقلم: جميل السلحوت

جميل السلحوت
نُشر: 26/03/19 11:31,  حُتلن: 18:28

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

جميل السلحوت في مقاله: 

أمريكا لن تتوقّف عند هذا الحدّ بل ستواصل عدوانها على الوطن العربيّ أرضا وشعوبا، وليس مستبعدا ذلك اليوم الذي ستفتعل فيه حربا إقليميّة، ستستغلّها اسرائيل لقتل وتشريد الفلسطينيّين

رغم طاحونة الإعلام الهائلة التي تهدف إلى تضليل العرب وحرف بوصلتهم، فسيسجّل التّاريخ أنّ السّلطة الفلسطينيّة كان لها السّبق بقطع التّواصل مع أمريكا بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل

يخطئ من يعتقد أنّ أمريكا تخلّت عن مشروعها "الشّرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، تماما مثلما يخطئ من يعتقد أنّ اعتراف ترامب في 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعترافه يوم 25 مارس 2019 بسيادة اسرائيل على الجولان السوريّة المحتلة هو قرار شخصيّ من المتصهين رونالد ترامب، فأمريكا امبراطوريّة تحكمها مؤسّسات، وما الرّئاسة والخارجيّة والدّفاع إلا ناطقة باسم هذه المؤسّسات. ولا مقارنة بين دول عربيّة يحكمها أفراد يتحكّمون بالبلاد وبالعباد، وبين دول ديموقراطيّة تنتخب قياداتها بشكل دوريّ. وقد يكون من سوء أو حسن طالع ترامب أن يكون الوضع العربيّ المتردّي مناسبا في فترة ولايته لتنفيذ سياسة أمريكا العدوانيّة ضدّ الوطن العربيّ والأمّة العربيّة.

صحيح أنّ حزب الله اللبناني بصموده في العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، ومن بعده صمود سوريا وانتصارها قيادة وجيشا وشعبا في حرب الإرهاب الكّونيّة التي شنتّها الأمبرياليّة العالميّة وقوى التّخاذل العربي والإسلامي عليها منذ عام 2011، قد أعاقت تنفيذ المشروع الأمريكيّ، لكنّ أمريكا لم تتخلّ عن مشروعها الإمبريالي في المنطقة، والذي بدأته باحتلال العراق وهدم دولته وقتل وتشريد شعبه عام 2003، وتقسيم السّودان، وإسقاط نظام القذّافي في ليبيا، والحرب الظالمة على المستضعفين في اليمن، وتساوق دول عربيّة معها لشيطنة قوى المقاومة وللتطبيع والتّنسيق الأمني مع اسرائيل. ومحاصرة إيران واستعداء العربان ضدّها، وما الخطوات الأمريكيّة المتلاحقة ضدّ العرب إلا تنفيذ للمشروع الأمريكيّ "الشّرق الأوسط الجديد"، ويبدو أنّ ما يسمّى "صفقة القرن" والمراوغة في الإعلان عنها ليست سوى واحدة من نتائج تطبيق هذا المشروع الأمريكيّ. ومع خطورة اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالسّيادة الإسرائيليّة على الجولان السّوريّة، إلا أنّ ردود فعل النّظام الرّسمي العربيّ لم تتجاوز الرّفض الخجول غير المصحوب بأيّ فعل مضاد. كما أنّ الشّعوب العربيّة لا تزال مغيّبة، وإذا ما استذكرنا ردود فعل الشّعوب العربيّة أثناء العدوان الثّلاثيّ على مصر عام 1956، وكيف رفض العمّال العرب تفريغ أو تحميل السّفن البريطانيّة والفرنسية التي كانت ترسو في الموانئ العربيّة، ورفض عمّال المطارات تزويد الطّائرات الفرنسية والبريطانية بالوقود أو صيانتها في تلك المرحلة، لوجدنا مدى الضّياع الذي تعيشه شعوبنا.
ومن المفارقات التي لم تعد عجيبة أنّ دولا عربيّة ساهمت وشاركت في تدمير سوريّا وليبيا واليمن والعراق، لا تزال تضع شروطا لعودة سوريّا للجامعة العربيّة، لكنّها لم تفكّر للحظة بإعادة موقفها من أمريكا التي اعترفت بسيادة اسرائيل على الجولان السّوريّة المحتلة، ولا على القدس العربيّة جوهرة المدائن العربيّة.

وبما أنّ المشروع الأمريكيّ يستهدف من ضمن ما يستهدفه تصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، الذي لا يقتصر على حدود فلسطين التّاريخيّة، فإنّ أمريكا لن تتوقّف عند هذا الحدّ بل ستواصل عدوانها على الوطن العربيّ أرضا وشعوبا، وليس مستبعدا ذلك اليوم الذي ستفتعل فيه حربا إقليميّة، ستستغلّها اسرائيل لقتل وتشريد الفلسطينيّين الذين يعيشون على أرض وطنهم؛ لتبقى "اسرائيل وطنيّا قوميّا نقيّا لليهود فقط"، وهذا ما مهّد له نتنياهو وحكومته اليمينيّة بما سمّي "بقانون القوميّة". وسيتبع ذلك استهداف الأردنّ لإقامة ما سمّاه نتنياهو "الوطن البديل للفلسطينيّين"، وما الضّغوط الإقتصاديّة الهائلة التي يتعرّض لها الأردنّ الشّقيق ببعيدة عن هكذا مخطّطات.

ورغم طاحونة الإعلام الهائلة التي تهدف إلى تضليل العرب وحرف بوصلتهم، فسيسجّل التّاريخ أنّ السّلطة الفلسطينيّة كان لها السّبق بقطع التّواصل مع أمريكا بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكذلك الموقف الأردنيّ المشرّف من قضية القدس.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة