الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 06:02

انتخابات الكنيست.. زلزال بدرجة 6/ بقلم: د. ثابت ابو راس

د. ثابت ابو
نُشر: 11/04/19 11:04,  حُتلن: 14:23

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

فشل الاحزاب، الجبهة والعربية للتغيير والموحدة والتجمع، في اقناع الناخب العربي للخروج للتصويت وبكثافه هذه المرة كان زلزال بدرجة 6 بسلم ريختر، لم يدمر كل شيئ لكنه كان قويا بما فيه الكفاية والذي لا يمكن التغاضي عنه.

حيث بلغت نسبة المصوتين بين المواطنين العرب حوالي ال 49% ( الاقل في تاريخ الانتخابات البرلمانية) اي اقل بحوالي 15% عن انتخابات عام 2015. لقد استطاعت القائمة الموحد والتجمع من "الفلتان من تحت السكين" بسبب هبوط في نسبة التصويت عند اليهود بحوالي 6%. في كل الحالات تقلص تمثيلنا العربي ب ثلاثة اعضاء كنيست. الوضع المزعج هو بقاء النقب بدون تمثيل في الكنيست بعد ان مثل بثلاثة اعضاء في اخر سنتين. للتعريف فان ادنى نسبة تصويت عند العرب كانت في النقب حيث صوت هناك حوالي 37% من اصحاب حق الاقتراع.

الزلزال كان مكتوبا على الجدار" وواضح للعيان منذ فترة من الزمن مع العلم ان هناك من سيعلق هذا الفشل النسبي على شماعة التدخل "الصهيوامريكي" او "قلة الوعي عند الناس"؟؟ الكل متهم ما عدا الاحزاب نفسها وعلاقاتها فيما بينها وعلاقتها مع الجماهير وتكلسها ونمط عملها في السنوات الاخيرة. "الفضل" لنسبة التصويت المتدنية في 2019 لا تعود لحركة مقاطعه منظمة مثلما لم يكن نجاح المشتركة في انتخابات 2015 منوط بالأحزاب نفسها، فقد خرج المواطنون آنذاك للتصويت دعما للوحدة بين المواطنين العرب والان لم يخرج المواطنين للتصويت احباطا ونزع ثقة عن الاحزاب وقياداتها وممارساتها.
عاقب المواطنون العرب القائمتين بسبب احباطهم منهما ولم يتدفقوا الى الصناديق بسبب انهيار الوحدة التي تمثلت بالقائمة المشتركة بسبب الصراع على الكراسي بين الاحزاب وفي داخل غالبية الاحزاب؟ مدهش ان ترى قيادات حزبية تقاطع الانتخابات واحيانا تحرض على قياديين اخرين في نفس الحزب. اضف الى ذلك قضية التناوب التي اعطت صورة سلبية عن هذه الصراعات التي دارت بين الاحزاب المركبة للقائمة المشتركة. فبالرغم من التعقيدات داخل المشتركة فهي تعد انجازا تاريخيا غير مسبوق للأقلية الفلسطينية في الداخل. فبدل تعميق الوحدة بين الاحزاب ونقلها الى المستوى المحلي حدث العكس وخاصة في انتخابات السلطات المحلية الاخيرة حيث تنافست الاحزاب فيما بينها او دعمت مرشحين عائليين بشكل علني.
الاحزاب والنشاط السياسي العربي في البلاد لم ولا يأخذ بالحسبان التغيرات في مجتمعنا العربي. بالرغم من كل شيء فان عدد الطلاب العرب في الجامعات والكليات في البلاد وخارجها والاكاديميون والمثقفين العرب في ازدياد والطبقة الوسطى بين ظهرانينا تتسع وهناك نجاحات فردية في كل المجالات مقابل ذلك نرى العمل الحزبي والجماعي الى الوراء وتأثير الاحزاب على الشباب في انحسار. الشاب او الشابة العربية يشعر بانه ليس بحاجة للأحزاب لكي يتطور او يتقدم بحياته ومنهم من يرى ان الأحزاب العربية قد شاخت وتقف عائقا امام تطوره. الاحزاب ترى ان عدم اكتراث الشباب بالسياسة، ازدياد الفردانية والشعبوية التي تتسع في مجتمعنا هي ظواهر عالمية لكن كل هذا لا يغطي على قصورات الاحزاب التي طغى عليها شخصنة الفكر والتكلس. بهذا الامر اضعفت الاحزاب العمل الجماعي لصالح القيادة الفردية و"الزعيم".
التحالف بين الجبهة والعربية للتغيير من جهة وبين الموحدة والتجمع والارتباط بينهما باتفاقية فائض اصوات لم يقنع الناخب العربي . فقد رأى كثيرون، وخاصة من النشطاء الحزبيين، ان "تحالف المصالح"؟؟ قد ولد مشوها . كان من الاجدى، حسب هؤلاء، ان يتم التحالف بين الاسلامية والعربية للتغير بقائمة واحده والجبهة والتجمع في قائمة ثانية. ان ضرب "لجنة الوفاق" وتهميشها على يد بعض القيادات اساء جدا للعمل الحزبي العربي في البلاد. للجنة الوفاق كان دورا تاريخيا بإقامة المشتركة في العام 2015 لا يمكن القفز عنه.
حملة انتخابية ركزت على شخصية المرشح. حيث اعتلت صور المرشحين الكبيرة على جدران البيوت، بدل التركيز على برنامج الحزب، خطط العمل او التحديات التي يواجهها المواطن العربي في البلاد مثل هدم البيوت والجريمة والعنف المستشريان في بلداتنا. من هذه الناحية لم يكن اي فرق بين دعاية الاحزاب السياسية ودعاية ومرشحي السلطات المحلية العربية في انتخاباتهم الأخيرة التي جرت قبل نصف سنة تقريبا.
الخطاب الموجه للمواطن العربي ديماغوغي احيانا. مثلا: عندما نتكلم غن الاحزاب الصهيونية هل حقا لا يوجد فرق بين ميرتس والاحزاب اليمينية الفاشية؟. اذا كان الامر كذلك كيف تفسر غالبية الاحزاب استعدادها الى توقيع القائمة المشتركة على اتفاقية فائض اصوات مع ميرتس الصهيونية في الانتخابات الاخيرة في العام 2015 ؟ هل نسيت بعض قيادات الجبهة والحزب ان الهدف من اقامة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في العام 1977 كان ليس فقط وحدة الجماهير العربية وانما انضمام قوى يهودية (صهيونية وغير صهيونية) تلتقي على النقاط الستة للجبهة ؟ الشعور السائد لدى كثير من المثقفين العرب ان الاحزاب الأربعة وبعض قياداتها تتبنى خطاب وكأنها تعيش وتقود دولة مستقلة ولا تعمل من خلال برلمان اسرائيلي وجزأ من المجتمع الاسرائيلي.
من المؤسف في العقدين الاخيرين تم اهمال الشارع اليهودي وتهميش الخطاب العربي اليهودي وخاصة على يد الحزب الشيوعي والجبهة لدرجة ان كوادر الحزب والجبهة ذوتوا كونهم من "الاحزاب العربية"، هذا المصطلح استعمل على يد الغالبية الساحقة من القيادة. من المستفيد من الموقف السلبي من الحركة اليهودية العربية "نقف معا" والتحريض عليها. الاعلام العبري لم يبذل جهدا ليميز بين الاحزاب المختلفة داخل القائمة المشتركة وفي التالي صبغ الاحزاب العربية والجبهة بلون واحد الامر الذي عزز في نزع الشرعية عنها في الشارع اليهودي.
كذلك لا يمكن القفز على ما رأه الناس طول الوقت من نزاعات داخل الاحزاب وبين الاحزاب ليس على امور فكرية وخطة عمل وانما على الزعامة والوجاهة؟ في بعض الاوساط الحزبية كانت هناك محاولة وعلى مدار اربع سنوات ل "סיכול פוליטי ממוקד" (اغتيال سياسي مستهدف) لرئيس القائمة المشتركة ايمن عوده ومن خلاله اضعاف القائمة المشتركة وقيادتها ومحاولة التطاول على المساهمة في انجاز خطة 922. من المستفيد من ذلك؟
فشلت الاحزاب في الرد على سؤال الناخب العربي المتكرر "شوعملتونا"؟ وتذويت قطاع واسع من الشباب لحملة التحريض على النواب العرب بحجة عدم اهتمامهم بقضايا المواطنين العرب وانما بالقضية الفلسطينية. هل حقا كان من الصعب على اعضاء الكنيست الرد على هذا التجني ما دامت كل المعلومات موجوده في الكنيست؟
التحريض العنصري والدموي احيانا ضد المواطنين العرب والاحزاب العربية من قبل رئيس الحكومة نتانياهو من جهة والرفض المبدئي عند المرشح المناوئ غانتس من اعتبار اعضاء الكنيست العرب حلفاء مستقبليون نجح الى حد ما في زعزعة الثقة عند الناخب العربي من امكانية التأثير في السياسة الاسرائيلية مما دفع في اتجاه العزوف عن التصويت.
لقد اخذ اقامة المشتركة في العام 2015 زخما خارج الدولة ايضا. فقد اعترف المجتمع الدولي بالمشتركة وبالأقلية الفلسطينية في الداخل ودعا اعضاءها الى لقاءات. هذه التحول ، والتي بداته منظمات المجتمع المدني قبل اكثر من عقد من الزمن، لم يستثمر جيدا. فبدل مأسسة العمل والمرافعة الدولية تحول الامر الى زيارات مكوكية ورحلات نقاهة لبعض الشخصيات السياسية بدون رؤية وخطة عمل استراتيجية
ما العمل؟
لا بد من فصل العمل البرلماني عن باقي ساحات النضال الاخرى. العمل البرلماني بماهيته ليس سن قوانين في الدولة فقط وانما ضمان الميزانيات المتساوية وتوزيعها وتطوير بلداتنا بما يليق بها. هذه الميزانيات هي عائدات دفعناها للدولة كضرائب. كل هذا يجري من خلال "لعبة" برلمانية ومقايضات ائتلافية وحزبية وقوانين اسرائيلية. كل اعضاء الكنيست العرب واليهود يتخطون حاجز حلف يمين الولاء للدولة "اليهودية الديمقراطية" وقوانينها. اذا لا حاجه للمزاودة الوطنية على اعضاء الكنيست العرب. لماذا يتم اثقال كاهلهم وتحميلهم كل قضايا شعبنا بما فيها القضايا القومية؟؟؟ لا يمكن ان يكون مردود العمل البرلماني دون بناء تحالفات داخل الكنيست نعم تحالفات مع اليسار واليمين الصهيوني في قضايا عينية. العمل البرلماني يجب ان يكون رافدا واحدا من روافد نضالنا وليس مركزه. النضال الجماهيري يجب ان يكون مركز نشاطنا وليس العمل البرلماني. قبل 30 عام كانت هناك قيادات حزبية في مجتمعنا اقوى ومؤثره اكثر من اعضاء الكنيست. اين ذهب هذا النموذج من القيادات. العمل الحزبي يجب ان يركز في المرحلة القادمة على التواصل مع الجماهير وتنظيمها.
دعوة الى تفكير جديد في العمل البرلماني. العمل البرلماني هو ساحة للتأثير على سن قوانين واتخاذ قرارات تتعلق في المساواة بين المواطنين ورصد الميزانيات. كل هذه الامور بحاجة الى بناء تحالفات مع احزاب اخرى. هناك حاجة لفتح ملف التصويت والذهاب للكنيست بشكل استراتيجي وليس كردة فعل او عقاب لتصرف ما او فشل معين لأحزابنا. . مردود العمل البرلماني للنواب العرب ضعيف بسبب القرار الاولي بالبقاء في المعارضة دوما مع توقعات كبيرة منهم من جانب المواطن العربي. هناك احزاب دينيه يهودية معادية للصهيونية تنجز الكثير من خلال كونها في الائتلاف. الاحزاب التي تمثل المواطنين العرب تستطيع ايجاد المعادلة الصحيحة للتأثير اكثر مع التذكير ان هذا الامر ليس منوط بها فقط، وهناك مثل يحتذى في دعم حكومة رابين على يد اعضاء الكنيست العرب. لكن لا يعقل ان ممثلي الاقلية العربية في البلاد وعلى مدار سبعون عاما يجلسون في المعارضة.
لتأخذ الاحزاب على مسؤوليتها ومن خلال لجنة المتابعة النضال القومي وتنظيم المواطنين العرب . نعم حان الوقت لتنظيم الجماهير واقامة صندوق قومي للصرف على الاحزاب ونشاطاتها القومية بدل انتظار نصيبها من مدخولات هذه الاحزاب من الكنيست فقط. الاحزاب اصبحت قوائم انتخابية للكنيست ليس اكثر.
مع التحول الكبير الذي طرأ على مجتمعنا وبعلاقة الدولة بمواطنيها العرب بعد سن قانون القومية والمتغيرات على الساحة الاسرائيلية الفلسطينية لا بد من العودة الى وثائق التصور المستقبلي الذي وضعها نشطاء واكاديميون عرب قبل اكثر من عقد الزمن . يجب مراجعة هذه الوثائق وتطويرها وجعلها البوصلة للأقلية الفلسطينية في البلاد.
-هناك حاجة الى اقامة لجنة تحقيق محايده لهذا الزلزال السياسي لان الاحزاب اعتادت ان لا تلخص فشلها او نجاحاتها بروح يخدمها ويخدم المواطنين العرب.
وفي النهاية - الخارطة الحزبية العربية وطروحات الاحزاب يجي ان تأخذ في الحسبان المتغيرات الاقليمية والمحلية والتماشي مع طروحات جيل شاب يعرف ما يريد. نقطة البداية ان تأخذ بعض القيادات السياسية المسؤولية عما حدث وتتنحى وتعطي الامكانية لأجيال اخرى قيادة المسيرة.
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com


مقالات متعلقة