الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 16:02

اليقظة الداهمة للمسلمين في حيّ على الفلاح/ بقلم: د. نسيم الخوري

د. نسيم الخوري
نُشر: 09/06/19 13:49,  حُتلن: 10:07

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

د. نسيم الخوري في مقاله:

أعتقد بأن حسابات المسلمين في الأرض هي غير حسابات أميركا أو الغرب أو العالم في السماء أو الفضاء

تبقى الأرض أغلى وأكثر أماناَ وعزَة للمسلمين والعرب وسكان هذه البقعة من العالم

بمناسبة إنتخابات برلمان منظومة الوحدة الأوروبيّة التي أفرزت صناديقها ونتائجها بما كان متوقّعاً بممثلي الأحزاب اليمنية المتطرّفة والشخصيات المتوتّرة المزدانة بالتعصب الديني وكراهية السحنة السمراء، يمكننا التطرّق إلى أسئلة قيمية تجتاح العقول والمساحات من جون أجابات مقنعة وهي تحتاج إلى الكثير من الحكمة الدولية في ما يعرف بالمجتمع الدولي المفكّك:
ما معنى أن يكون الغرباء/المسلمون بصيغة الجمع هم مصادر التوجس والخوف في مستقبل أوروبا والغرب ؟ ماذا ينتظر الغرب من شدّ أعصابه المتوترة واستفزاز المسلمين فكرياً وإعلاميا ويومياً في مقدساتهم سوى ما نشهده من ردود فعل تقوّي ردود فعل هؤلاء وتجذّر خطاهم وتحير خطاهم حيال معاداة الغرب لتتضاعف التحديّات؟
تلمس بوضوح إنشداد عصب العديد من المسلمين في بريطانية وأوروبا. يجاهر لك بإرتياح مثلاً مهاجر ليبي إجتاز أهوال بلده والبحر المتوسط إذ كان يبيع العسل في آخر طريق الملوك kingsRoad بلندن إذ سألته عن مستقبل المسلمين في بريطانيا: هذه البلاد لنا... تركض بريطانية ركضاً كي تصبح بلاداً إسلامية. وعندما إلتقط الدهشة في عيني، قال تعال معي لأريك بأم العين!!!

لا يمكن تصوّر اللإجابات المشابهة والضحك بالعربي على بساطة الغربيين في هذا المجال المنتظر الذي سيبقى في نظري مستحيلاً.
تذكّرت زلة الرئيس الأميركي جورج بوش في تناوله الإيجابي للحروب الصليبية قبل تهشيم باب العراق وعروبته وتراثه وتاريخه العريق وبعثرتها في أنحاء الأرض، وتذكّرت فصول الرسوم المتكرّرة المسيئة لنبي الإسلام والمسلمين وإسترجعت خطاب روما الذي خلّف يوماً أرواحاً أزهقت وأحرقت وكنائس دُمّرت وطائرات خطفت وكلها جاءت ردود فعل شعبيّة ومسائل لا مبررات لزمانها أو مكانها أو إنسانها كان معظمها متكوّماً ومتبادلاً وقابلاً للتحقّق في عقل الغرب وزواياه وأرصفته فصولاً متعاقبة ومنتظرة من المعضلات والتحدّيات صارت عصيّة على الحلول المناسبة في الغرب أو في الشرق.
تظهر الإستحالة واضحة ومعقّدة لأنّ مسائل السيادة والحدود بين الدول والأنظمة باتت مرذولة ومخروقة ولا قيمة لها متجذّرة في ثقافة البشرية كما كان حاصلاً في عصور القوميات المعصورة والمتشنجة في القرون الماضية. هناك إختلاطات وسلاسل شركات متعاضدة وتعاون إلكتروني ضخم يتجاوز الماضي بمسافات ويحصل عبره تثاقف Acculturation في العقائد والثقافات والأمكنة في العواصم والمدن الصناعية والإلكترونية المتنوّعة فوق سطح الكرة.

لم تعد تردم الإعتذارات الكثير من الشروخ والتحدّيات المتنامية التي تجعل المسائل أكثر تعقيداً وخطورة تورث الدماء والإنقسام والأذيّة.

هناك ثقافة إيمانية مخيفة لدى العديد من زعماء العالم نتيجة تربيتهم وقناعاتهم حافلة ببروح النصوص التوراتية الحافلة بإنتقام الخالق الذي أرسى في نفوسهم مشاعر التعذيب والقهر والندم وعقدة الذنوب التي لا تغتفر، أو كوّن لديهم لاوعياً مسكوناً بالهواجس والأساطير العدائية الخارقة للشعوب الأخرى. هذه الثقافة كانت ترذل الجمع بين العهدين القديم والجديد لكنها صارت تباركه نتيجة مفارقة غريبة بارزة منذ الزمن القديم قوامها عطف أبدي على اليهود بالرغم من اعتدادهم وقساوتهم وكراهيتهم للآخرين يدبرون لهم المكائد والمخططات وأصناف الشرور التي يصادفها قاريء العهد القديم! يحقق هؤلاء ربّهم الأرضي الذي اصطفاهم وكلّم نبيهم بينما يحقق المسيحيون ربهم السماوي ومقابلهما المسلمون يعقدون السبحة الأبدية في النبوّة بين الأرض والسماء.

تتقدّم اسرائيل محور التوتر بين الدول. وقد تصل المخاطر عبر القدس وفلسطين الى حدود دفع المسلمين يقظة جديدة وهم في دائرة : " الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا اله إلا الله، حي على الصلاة... " بعدما استغرقوا فيها منذ سقوطهم في الأندلس الى دائرة صرخة " حي على الفلاح" المؤجلة أو نسيان معناها، والفلاح هنا بمعنى القتال والرفض وحيث يتّخذ الموت قيمته. قد يخرج المسلمون اليوم نحو الشهادة أو نحو الإيديولوجيا للحض على مضاعفة الإيمان والفلاح.

أعتقد بأن حسابات المسلمين في الأرض هي غير حسابات أميركا أو الغرب أو العالم في السماء أو الفضاء. تبقى الأرض أغلى وأكثر أماناَ وعزَة للمسلمين والعرب وسكان هذه البقعة من العالم. وعلى الرغم من أن الحروب الجاهزة المتنقلة من بلد عربي إلأى آخر ونتائجها التخلص من الأفواه الزائدة المهددة بالتهام موارد الكرة الطبيعية، تحقيقاً للمليار الذهبي الذي يفترض أن يحتكر الحياة وشروطها على الكرة على حساب المليارات البشرية الأخرى، تلك ثقافة وقناعات صعبة التحقيق تجعل العالم في وجه الإيمان بقوة المستقبل وتحقيق العدالة بعقد السبحة بين الأرض والسماء ولو تمادى الدنيا من نشر الأمراض البيئية والسيدا والسارس وجنون البقر وأنفلونزا الطيور والحروب الخفية من داخل أو من خارج أو بتالواسطة وحتى الإتّكاء على الألإكار التي تستعين بالرب التوراتي لمهاجمة البشر الذين ضلّوا الطرق بالبعوض والجراد والزلازل والكوارث وغيرها الكثير تماماً كما تهتزّ الرؤوس أمام الجدران بحثاً عن مضامين العهد القديم وإنتظاراته.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة