الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 06:02

رواية نطفة سوداء في رحم أبيض في اليوم السابع

جميل السلحوت
نُشر: 27/09/19 05:12

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس رواية "نطفة سوداء في رحم أبيض" للكاتبة الفلسطينية سماح خليفة، صدرت الرواية عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، وصمّم غلافها وأخرجها شربل الياس وتقع في 282 صفحة من الحجم المتوسط.

افتتحت النقاش ديمة جمعة السمان:
نطفة سوداء في رحم أبيض اختصرت أهم المحطات في القضية الفلسطينية،
طرحت الكاتبة سماح خليفة في روايتها هذه سؤالا إنسانيا حتى النخاع " لا يختلف على إجابته اثنان: هل ينتصر الحب على الحرب؟
وكان جوابها حاضرا، صريحا واضحا في بداية صفحة رقم 9، إذ قالت: لا يوجد قوة في هذا الكون بمقدورها أن تمنع قلبا من الخفقان، أو أن توقف نبضه ولهفته للحب.. وحتى الحرب لن ترعب وجه الحب في قلوبنا، بالحب وحده ننتصر لوجودنا في هذا الكون الفسيح، وبالقوة نثبت هذا الوجود.
إذن بالحب والقوة ننتصر ونصل إلى ما نصبو إليه.
رواية اختصرت كثير من الأحداث التي مرت على القضية الفلسطينية منذ عام 1948 مرورا بنكسة 1967، والانتفاضتين.. حتى اليوم، من خلال عائلة عانت الأمرّين وقدمت أبناءها شهداء وأسرى من أجل الوطن.
كما عرجت الكاتبة على بعض الأحداث التي جرت في بعض الدول العربية الشقيقة. أجادت الكاتبة بوصف مشاعر القومية العربية الجميلة التي تعزز الوحدة بين الشعوب العربية. فلا فرق بين فلسطيني ومصري وعراقي.. هم أبناء شعب عربي واحد، يؤمنون بقضيتهم ويسعون سويا للوصول إلى هدف واحد.
كان القائد جمال عبد الناصر حاضرا في الرواية، وقد أصرت بطلة الرواية أمل بالذهاب الى مصر للمشاركة في الجنازة.
وكان الشهيد القائد ياسر عرفات حاضرا في آخر أيامه.
رواية سجلت أهم المحطات في حياة الشعب الفلسطيني والتطورات على الساحة السياسية، وكشفت عن الوجه الصهيوني البشع، وربطت بين العلاقة الاميركية الاسرائيلية والمؤامرات التي يتم حياكتها ضد فلسطين وأهلها.
أصف الرواية بالجريئة، والمباشرة، سجلت ما لم يسجله التاريخ. ربطت الماضي بالحاضرلتستشرف المستقبل. رسمت الشخوص بذكاء، واستطاعت تمرير ما يجري على أرض الواقع دون أن تكون تقارير صحفية كما ورد في بعض الأعمال الروائية لبعض الكتاب.
ولكن كنت أتمنى من الكاتبة مراجعة العمل قبل طباعته، إذ أن عدد الاخطاء المطبعية والاملائية واللغوية والمعلوماتية كبيرة جدا، حتى أنها استبدلت بالخطأ أسماء الشخوص في بعض الاحيان، إذ ذكرت في أكثر من موقع اسم أمل بدلا من حرية، وذكرت اسم يوسف بدلا من يحيى.
أمّا النصوص التي كتبت باللغة الانجليزية، فكانت عبارة عن خطأ أضعف الرواية، إذ أن الترجمة كانت غير دقيقة، ومليئة بالأخطاء الإملائية.
التنقل بين اللغتين ومن ثم الترجمة كانت غير موفقة، ثم الانتقال من اللغة العربية الفصحى إلى العامية الخفيفة المكسرة، ثم نرى يحيى يخاطب كلارا الأميركية بلغة فصحى معقدة...إلخ.
في البداية تناوب يحيى وأمل في رواية قصة أمل، وبعد أن غادرا أمريكا وعداها أن يكتبا الرواية، وتعهدت بنشرها.
لا أدري كم كان ذلك موفقا، ولربما لو لجأت الكاتبة للراوي العليم لكان الأمر أكثر إقناعا وأقل تعقيدا.
ولا بد من الاشارة إلى أن الكاتبة أجادت بحبكتها الروائية، والتي تميزت باللغة الجميلة وبعنصر التشويق، وبالرغم من كل الألم إلا أن الأمل كان يطفو، فارضا نفسه بقوة.
وقال جميل السلحوت:
عنوان الرّواية: جاء في الرّواية أنّ أحد جنود الإحتلال في المسجد الأقصى جرّ "أمل" إلى ظلّ شجرة وضربها بقسوة حتّى أفقدها وعيها:"ثمّ جرّدها من ملابسها بوحشية،وأنزل بنطاله كاشفا عن عضوه المنتفخ بالسّمّ الصّهيونيّ، اقترب من أمل وأفرغه في رحمها الطّاهر دون هوادة أو رحمة"ص 168. وهكذ نجد أنفسنا أمام عمليّة اغتصاب، ليتبيّن لاحقا أنّ المغتصبة قد حملت سفاحا جرّاء ذلك، ومن هنا جاء عنوان الرّواية.
ملخص الرواية: تتحدّث الرّواية عن الحرب والإحتلال والمرأة، في زمن يمتد إلى أكثر من أربعين عاما، وتدور أحداثها في مدينة القدس بشكل رئيسيّ، وفي رام الله وبغداد والقاهرة.
وأمل إمرأة مقدسيّة في حرب حزيران 1967 قتل والدها وشقيقها أمام عينيها في ساحة البيت الواقع في واد الجوز في القدس، وهي طفلة لا تقوى على فعل شيء، ورغم تداخل الأحداث وتعدّدها بين حبّ وكراهية وحروب تنهي دراستها الثّانويّة بتفوّق، لترسل في بعثة دراسيّة لدراسة الطّبّ في جامعة بغداد، وهناك تقع في غرام زميل دراسة عراقيّ فيتزوّجها، وتنجب منه طفلة أسمياها حريّة، وتعود لزيارة عائلتها في القدس، وأثناء زيارتها للمسجد الأقصى اعتدى جنود الإحتلال على أخيها يوسف الذي كان برفقتها، وعندما شتمت أحد الجنود الذي اعتدى على أخيها، قادها إلى شجرة معمّرة، واغتصبها، لتحمل منه سفاحا، ورغم جراحها وعذاباتها عادت إلى زوجها العراقيّ، واعترفت له بما جرى لها، فتركها لتعود إلى القدس مرّة ثانية، وتنجب طفلها الذي لم تتقبّله، وأثناء زيارة أخرى للأقصى وأثناء اشتباكات مع المحتلين، ضاع ابنها في باحات المسجد، ليخبرها يوسف الذي بقي ليبحث عنه أنّه قتل، فلم تكترث لذلك، ولم يرد في الرّواية أيّ متابعة لذلك، أو التّحقّق من صحّة مقتله، أو دفنه! بل انتهى الحدث بخبر مقتله فقط! وتراه لاحقا جنديا عند حاجز قلنديا العسكريّ الواقع بين القدس ورام الله، لكنّها لم تتحقّق من شخصيته إن كان هو حقيقة أم أن الجندي يشبهه، لكنّه يطلق الرّصاص عليها ويقتلها.
البناء الرّوائيّ: تعدّدت أحداث وحكايات الرّواية وتشابكت بطريقة لافتة ومشوّقة، وإن ورد فيها مرّات تقارير إخباريّة بعيدة عن السّرد الرّوائيّ، كما تعدّد الحوار بين شخصيّات الرّواية بطريقة لافتة وهذا يسجّل لصالح الكاتبة. ومن هذه الأحداث حرب حزيران 1967، حريق المسجد الأقصى عام 1969، وفاة زعيم الأمّة جمال عبد النّاصر، الحفريات تحت المسجد الأقصى، انتفاضة النّفق تحت الأقصى، تهريب نطف من الأسرى لتحمل نساؤهم وتنجب أبناء، اقتحام شارون للأقصى عام 2000 وغير ذلك.
وواضح لمن يقرأ هذه الرّواية أنّ الكاتبة متمكّنة من الفنّ الرّوائيّ. لكنّها وقعت في أخطاء لا يمكن التّغاضي عنها، وقد يكون سبب ذلك هو عدم معرفتها للمدينة المقدّسة التي يمنعها المحتلّون من دخولها كما هو حال بقيّة أبناء الأراضي الفلسطينيّة المحتلة في حرب حزيران 1967. ومن هذه الأخطاء ما جاء في الرّواية عند إشعال الحريق المتعمّد في المسجد الأقصى يوم 21-8-1969، "دخان يتصاعد من مسجد عمر بن الخطاب، وكذلك من مسجد قبّة الصّخرة الواقع في الزّاوية الجنوبيّة الشّرقيّة للأقصى، ومنبر صلاح الدّين ومحراب زكريّا......إلخ". والحقيقة أنّ النيّران أُشعلت في المسجد القِبْليّ، ومنبر صلاح الدّين هو منبره، ولم تصل النيران قبّة الصّخرة، التي هي أحد المساجد القائمة في باحة المسجد الأقصى شماليّ المسجد القبليّ، ولم تصلها النّيران، ومسجد عمر بن الخطاب يقع أمام كنيسة القيامة على بعد بضعة مئات من الأمتار عن الأقصى، واستعمال الكاتبة اسم "مسجد عمر بن الخطّاب" عن الأقصى خطأ فادح، حيث أنّ المحتلين الإسرائيليّين يطلقون هذا الإسم على المسجد الأقصى.
والخطأ الثّاني أنّه عندما حاولت أمل ويوسف السّفر إلى مصر:" شغّل يوسف المحرّك، وانطلق بسرعة البرق، وفي حدود ساعة تقريبا كانا على معبر رفح"ص 95، وهذا كان عام 1970، ومعروف أن رفح تقع جنوب قطاع غزّة، ومن يسافر من الضّفّة الغربيّة إلى قطاع غزّة، يدخل من شمال القطاع حاجز بيت حانون"حاجز إيرز". وفي تلك المرحلة لم يكن هناك ما يسمّى معبر رفح، لأنّ اسرائيل كانت تحتلّ صحراء سيناء.
والخطأ الثالث جاء في وصفٍ "لحرّيّة" : ترنو بنظرها نحو قبّة الأقصى الذّهبيّة الشّامخة" ص202، والقبّة الذّهبّيّة هي قبّة الصّخرة، أمّا قبّة الأقصى فهي رصاصيّة.
اللغة: استعملت الكاتبة اللغة الفصحى، والانجليزية في الحديث مع كلارا التي ترمز إلى بعض المؤسّسات الأجنبيّة التي تتجسّس على الشعب الفلسطيني تحت شعار مساعدته. وقد ورد في الرّوايّة أكثر من مئة خطأ لغويّ ونحويّ، وكان واضحا سوء استعمال الجملة بعد "أمّا" وهي حرف شرط وتفصيل وتوكيد، تأتي لربط جملتين، يجب أن تأتي الفاء بعدها كقولنا:"جاء محمد أما زيد فغاب."
وقال عبدالله دعيس:
تحاول الكاتبة سماح خليفة في روايتها (نطفة سوداء في رحم أبيض) أن تسلّط الضوء على أحداث رئيسيّة في فلسطين والعالم العربي منذ عام 1967 مرورا بالانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة وحتى وقتنا الحاضر. تصيغ الكاتبة قصص عشق وحبّ، وتحكي عن مآل هذا الحبّ في ظل حالة الحرب، واستمرار الحبّ وتخطيه للمصاعب، ثمّ تتساءل: هل ينتصر الحبّ على الحرب؟
لكن، هل كانت الكاتبة موفّقة في روايتها، وهل حقّقت الغرض الذي كتبتها من أجله؟ أعتقد أنّ الجواب: لا. فالرواية لم تُخرج على الوجه الأكمل، ولم تعط الصورة الصحيحة للصراع في فلسطين، ولا للحياة الاجتماعية في مدينة القدس، وكانت المعلومات مجزوءة مبتورة، تعطي صورة مغايرة عن الواقع لقارئ لم يعش هذه الفترة ولم يقرأ عنها. أما مَن خَبِر تاريخ فلسطين وعاش أحداثها فسيكتشف مبكّرا أنّ الكاتبة، لم تبذل جهدا كبيرا في استقصاء الأحداث، أو القراءة عنها، أو السماع ممّن عاصروها، أو حتّى ترتيب الزمن ووصف المكان، ولم تعتنِ كثيرا بصحّة اللغة وسلامتها.
فالكاتبة لم تعِ طبيعة الحياة في فلسطين في فترة بعد حرب 1967، ولم تستطع أن تصف الأمور كما يجب أن تكون: فمثلا: أمل (بطلة الرواية) تسافر بصحبة صديقها يوسف، في سيّارة يوسف، من القدس إلى القاهرة ثمّ تعود بعد أيّام؟ وهل كان السفر إلى القاهرة بالسيّارة متاحا؟ وهل التنقّل خارج فلسطين كان يتمّ بهذه الطريقة؟ ولا تعلم الكاتبة أن في تلك الفترة كانت سيناء تحت الاحتلال الصهيوني! وتسافر أمل ذهابا وإيابا إلى العراق دون قيد، وتصطحب زوجها العراقي معها! وكذلك تحضُر ابنتها العراقية ذات السنوات الإثنتي عشرة من العراق إلى فلسطين وحيدة، وكأنّ الحدود غير موجودة، والتنقل متاح! وتقتل أمل جنديا صهيونيا بعدما اغتصبها، ثمّ تتنكر في زيّ رجل وتسافر إلى العراق، وتعود من جديد! أما قرية بيت ثول فقد دمرها الاحتلال في عام 1967 حسب ما قالت الكاتبة! والحبيبان يذهبان إلى سينما الحمراء في القدس، بينما كانت السينما قد أغلقت منذ زمن بعيد! مجموعة من الأحداث غير المنطقيّة. وهذا غيض من فيض. ووليد الذي أنجبته أمل إثر اغتصابها يصبح جنديا صهيونيا ويقتل أمه بدم بارد! وعندما حاولت الكاتبة في الصفحات الأخيرة أن تستدرك الأمر، اتهمت يوسف صديق أمل بالعمالة، مع أن هذا الاتهام لا يخدم الرواية أبدا.
اختارت الكاتبة أن تكتب جزءا من الحوار في الصفحات الأولى من روايتها باللغة الإنجليزية، وليتها لم تفعل. فلا ضرورة بتاتا لكتابة الحوار بلغة أجنبية وترجمته للعربيّة. والواقع أنّ كتابتها الإنجليزيّة كانت ركيكة وضعيفة جدّا ومليئة بالأخطاء اللغوية والإملائية، ولا تصلح كلغة تخاطب بالإنجليزية عدا أن تكون في رواية.
أما لغة الكاتبة العربيّة فهي أدبيّة جميلة في معظم الأحيان، تقريرية أحيانا أخرى، لكنّ سطورها تزخر بالأخطاء المطبعية والنحوية والإملائية بشكل ملفت.
فكرة الرواية جميلة، حيث حاولت الكاتبة أن تربط بين إجرام الصهاينة في فلسطين وتجارة الأعضاء البشرية خارج فلسطين. لكن، كان لا بدّ لها أن تقوم بمزيد من البحث في الموضوع، وأن تعتني أكثر في أخراج الرواية وحبكتها، وأن تتجنب الأخطاء اللغويّة المقيتة، وأن تبتعد عن الإنجليزيّة التي لا تجيدها.
وقالت رفيقة عثمان:
سردت الكاتبة روايتها الطويلة، والتي حملت قضايا متعدّدة، ذات صلة بمدينة القدس؛ من انتهاكات، واعتداءات، حدثت وما زالت تحدث منذ عام 1967. كان لمدينة القدس حضو بارز على مدى سرد الرواية. تمّ ذكر بعض الأماكن الهامّة مثل: مصر، العراق، رام الله.
في الجزء الأول أجرت الكاتبة حوارًا باللغة الإنجليزية، حبّذا لو تخلّت عن زج اللغة الإنجليزيّة، التي احتوت على أخطاء بالترجمة الحرفيّة وغير المُتقنة، بالإضافة، أنّها تُشوّش القارئ.
تبدو الرواية واقعية، من وحي الخيال، حيث اختارت الكاتبة أبطال شخوصها القليلين، من أسرة مقدسيّة؛ مثل الأمّ أمل وابنتها حرية، ويحيى زوج حرية، ويوسف صديق أمل.
نجحت الكاتبة في تحريك أبطالها خلال السرد؛ لتحقيق إيصال فكرتها للقارئ، في أسلوب فنيّ، باستخدام
– الارتجاع الفنّي . flash back-
تمثّل هذا الأسلوب بواسطة: كتابة المُذكّرات، والرسائل الدائرة بين الشخصيّات الرئيسيّة في الرواية؛ ممّا أدخل عنصر التشويق للرواية، وباستخدام أسلوب الحوار الخارجي، والحوار الذاتي كما ورد صفحة 147.
لغة الرواية سهلة وسلسة، احتوت على المحسّنات البديعيّة، والوصف الجميل للأحداث والأشخاص؛ للأسف هذا الجمال لم يكتمل؛ لوجود أخطاء نحويّة ولغويّة عديدة لا حصر لها، بالإضافة للأخطاء المطبعيّة.
راعت الكاتبة إبراز اللهجات المختلفة، خاصّة: اللهجة العراقيّة، كما ورد صفحة 144-133 اللهجة العراقيّة " وشلون شفتيني وانت غايبة عن الوعي؟ لو انت جنت تختبرين رجولة العراقي بهيج مواقف؟". " بنيتي أمل اشْبيج؟ وش صار معها يا بنيي؟"." على كيفجى بنتي الي صاير؟ اكو احد لاحكج؟". كذلك استخدمت الكاتبة اللهجة المصريّة، كما ورد صفحة 104-105 " اهلا بيك يا حبيبي وبضيوفك كلّهم، ربنا يبارك بفلسطين وبناسها الطيّبين". " أنا كنت أشتغل على بسطة كدة قريبة من قصر البيه... وفعلا صار ووظّفُه."
الوصف في الرواية جميل، ويجذب القارئ نحو الاستمراريّة بالقراءة، وأبدعت الكاتبة في وصف المشاعرالإنسانيّة، وعلاقات الحب والغزل؛ تك النصوص مُطعّمة باستخدام اللغة البلاغيّة الغنيّة، وهذا يُحسب لصالح الكاتبة.
سُردت الرواية ، على لسان الرواي، لسرد الأحداث المتلاحقة؛ حيث احتوت على حبكات عديدة ومفاجآت، وحبكة رئيسية مثل: اغتصاب الجندي الإسرائيلي للمرأة الفلسطينيّة ( أمل).
غلبت على الرواية عاطفة الحزن، والألم، والغضب، تكاد تخلو من الفرح؛ حيث عكست المآسي التي عاشتها وما زالت تعيشها مدينة القدس.
بداية من العنوان: " نطفة سوداء في رحم أبيض"، يبدو العنوان لافتا للإنتباه للوهلة الأولى؛ لكن بعد قراءة الرواية، من الممكن فهم المقصود منه. لا شك بأنّ الكاتبة قصدت عمدا إبراز هذا العنوان الذي يبعث على النفور والاستفزاز؛ لهول الانتهاكات التي تعرضّت لها مدينة القدس.
الاغتصاب في الرواية، من قِبل جندي اسرائيلي؛ تعرّضت له امرأة فلسطينيّة أثناء الأحداث الدامية، وأدّى إلى حملها بطفل أسمته وليد، والذي اختفى إثر صراع دار رحاه في المدينة، وبنهاية الرواية تعرّفت الأمّ على ابنها، من بعيد؛ وقتلها أثناء عبورها المعبر. كما عبّرت عنه الكاتبة صفحة 183 " تحمل في أحشائها حملا غير شرعي من نطفة صهيونيّة سوداء". على كلّ حال يبدو العنوان ثقيلا على مسمع الأذن؛ لقوّة وجرأة لفظه يُعبّر عن الغضب، والسخط، كان من الممكن اختيار عنوان آخر وأقصر؛ لكن تظلّ الحرّية للكاتب في الاختيار. يبدو أنّ الكاتبة قصدت بتشبيه اغتصاب المرأة الفلسطينيّة، باغتصاب فلسطين على أيدي الأعداء. " يا ويلي عليك يا فلسطين ضعتِ واغتصبوكِ الملاعين". صفحة 50.
وردت بعض الأحداث في الرواية التي لم تراعِ الكاتبة فيها عنصر قياس الزمن، مثل: عندما كانت الصغيرة حريّة في العراق مع أبيها جاد، تركتها أمّها في عمر خمس سنوات، ثم لحقت بأمها إلى فلسطين من العراق، دون تمهيد أو أي تطوّر على شخصيّة حرّية، فجأة أصبحت فتاة بجيل اثني عشرعاما؛ وربطت علاقة حب بينها وبين الطبيب يحيى في عمر أربعة عشر عامًا، وبعدها قرّر يحيى الزواج بالفتاة؛ في نفس الوقت اللذي كانت أمّها حاملا بـ ( وليد )، الابن غير الشرعي. استغرب لهذه العلاقة غير المناسبة خاصّة لفتاة قاصر، والفرق بالجيل، هذه العلاقة تدل على الجهل الاجتماعي والعاطفي للمتعلّمين والمثقّفين في مجتمعنا العربي، وخاصّة الفلسطيني.
الفكرة الثانية غير المُقنعة، كيف ولماذا أصبح يوسف عميلا، لا يوجد أي تبرير لذلك، وخاصّة عندما خان ووشى بحبيبة قلبه عند عبورها المعبر، لم تكن الفكرة واضحة بما فيه الكفاية. الفكرة غير مقنعة خاصّة كانت شخصيّة يوسف وطنيّة جدّا، ومخلصة ومُحبّة.
الفكرة الرابعة: عندما عزم يحيى على الزواج من حرّية، قُبض عليه وسُجن لمدّة عشر سنوات، ومن ثمّ قرّرت حريّة الإنجاب من يحيى بتهريب نطفة منه، وهو داخل أسوار السّجن؛ ونجحت بإنجاب طفلين منه: خالد وياسر.
الفكرة الخامسة: عندما قرّرت أمل السفر إلى مصر؛ للمشاركة في جنازة المرحوم الزعيم جمال عبدالناصر؛ تبدو لي هذه الفكرة فيها مبالغة إلى حدّ ما، لفتاة فلسطينيّة تبلغ الرابعة عشر من العمر، وتتحدّى الواقع الاجتماعي والسياسي للوصول لهذا المكان، على الرغم من مساعدة صديقها يوسف.
المرأة الفلسطينيّة في الرواية، وُصفت بالقويّة المناضلة، والمُقاومة متساوية مع الذكور في النضال والمشاركة السياسيّة في الدفاع عن الوطن؛ كما ظهر أثناء الانتفاضة؛ كذلك وُصفت بالوفاء والإخلاص والعطاء للعائلة، والاعتماد على النفس برعاية الأسرة عند غياب الزوج.
حصل تبديل بين أسماء الشخصيّات، أثناء السرد مثل: ذِكر اسم يوسف بدلا من اسم العم سالم، صفحة 186- واسم يوسف بدلا من يحيى صفحة 241، 266، 267؛ كذلك ذكر اسم أمل بدلا من حرّية صفحة ، 270.
خلاصة القول: " رواية نطفة سوداء في رحم أبيض" تُعتبر رواية ذات قيمة أدبيّة؛ تتعمّق أحداثها في القدس بشكل خاص، حيث غاصت الكاتبة في مواضيع شائكة تخص القدس والمقدسيين. تشتمل فيها العناصر الأساسيّة لبناء الرواية، ذات أسلوب فنيّ مُتقن؛ إلا أن هنالك بعض الثغرات التي وقعت فيها الكاتبة.
وكتب نمر القدومي:
سماح خليفة .. لقد أبحرتِ بنا إلى عالمٍ لا حدود له من الخيال اللامنطقيّ ، وأحداث مُستباحة على أرض الواقع لم نجد لها مكانا في القلوب الوطنية المُتآكلة، تماما كالتي موجودة في صدرِ عجوز فلسطيني، يعرفُ بالضبط عدد حصى وذراتِ تراب مدينته المقدسة، هذه القلوب يا سيدتي تُنادي بعدم العبث بأمور خطيرة تمسُّ بقدسيتنا. مثل هذه الأمور قد تثير الجدل الفِكري أو تُحرّك تساؤلات عديدة من قِبل غرباء الوطن على الحالة النفسية التي وصلنا نحن إليها، كيف لا، وقد زلزلت أرواحنا ما تناولته الرواية من حَدَثٍ مُشين حين اغتصب جندي صهيوني إمرأة فلسطينية في باحة المسجد الأقصى، والنتائج التي ترتبت من وراء ذلك ، وذلك في سابقة مبالغ فيها بشكلٍ غير طبيعي ؟

عزيزتي ( سماح )، إنَّ الرواية المحليّة وصلت بنا إلى مرحلة الملل بسبب تشابه الأحداث الإخبارية المنمّقة والمزيّنة بأشد الكلمات المثيرة للعاطفة والإحساس والمشاعر، لقد نادينا كثيرا أنْ نخرج من تلك الحلقة المفرغة والتي تهدف إلى استمالة وإرضاء الرأي العام أو الخاص على وجه التحديد، وذلك على حساب الشّرف أو الطُهر أو العِفّة، والتي نستنجد بها دوما لتقوية أي عمل أدبيّ ، بل علينا أن نعمل جاهدين إلى دخول ذلك الفراغ الجوهري داخل الشخوص وحقنها بالمفيد لصالحهم، وأن نقف بصلابة الحجارة أمام قهر الزمان؛ فشخوص مجتمعنا بحاجة إلى تهذيب وتوعية فكرية على جميع الأصعدة لإستعادة مكانتهم وصوتهم ونفوذهم المسلوب.
يبدو أنني وللأسف توقفتُ عن قراءة الرواية في محطة ما من صفحاتها، عندما شعرتُ أنني أغوص في فوضى الفكر الوطني النزيه، والأخطاء الواردة في تسلسل الأحداث التاريخية، وربط المواقع الجغرافية وتنقلات شخوص الرواية بطريقة شبه سحريّة في الرواية، وكأنما طُويت الأرض للكاتبة دون حسيب أو رقيب . فشعرتُ في نفسي أنني مشارك في جريمة في أكثر الأماكن قداسة، ناهيكِ يا سيدتي عن شحن القلب والعقل بمتاهات هما في غنى عنها ؟
أمّا أنا كقارئ، فلا تهمني اللغة أو الحبكة أو توارد الأحداث وترابطها، وأكثر ما يهمني هو طرح الجديد في الرواية المحليّة الوطنية، وأيضا رفع مستوى القرّاء في بناء طبقات الخيال المنطقي المُكمّل للواقع والحقيقة، وكذلك إثراء الرُّوح للتشبّث بجذور الأرض والوطن من خلال قصص وروايات تعمل على توطيد العلاقات المجتمعية والإجتماعية والأسرية الآخذة للأسف بالإنقراض السريع.
عذرًا منكِ أديبتنا، فأنا ابن القدس وابن الأقصى، ومهما بلغ الخيال أوجهُ عند قلمكِ، فهناك حدود لا بدّ من التوقف عندها. وبالنسبة لدار النشر، ومع كل الإحترام، فهل التسابق في غرق الأسواق بالروايات يبقى هو الأهم، أَم أنه علينا البحث والمراجعة في آفاق الكلام وخفايا السطور والمنطق الجميل الذي يتقبّله العقل؟ فعندما يكون هناك مضمون عقلاني تحتويه الصفحات، ومُزَيّن ببعض من الخيال منبعه الحرمان والشوق ، فقد نتقبّله بكل محبة وحنين.
وقالت نزهة أبو غوش:
العاطفة في الرواية:
حب الوطن: بدا حب الوطن واضحا من خلال شخصيّات الرواية كبيرها وصغيرها. التّضحية والفداء والخروج أفواجا، وهبّة لرّجال والنّساء والاطفال والاستشهاد من أجل الأقصى والحريّة والكرامة كانت واضحة مع كلّ حرف من حروف الرّواية.
الحبّ المزدوج:
بطلة القصّة أمل وبطلها يوسف كانا يختلفان في عواطفهما، حيث أحبّت أمل الشّاب يوسف حبّا أخويّا بحتا، كلّ مشاعرها وأحاسيسها وتوجّهاتها تجاه هذا الشّاب كانت تعوّض بها عن أخيها الّي نال الشّهادة وعدها والدها؛ حيث وجدت فيه المنقذ والمساعد والسّند في حالة الأزمات، وحين الحاجة.
أمّا حبّ يوسف فكان مختلفا تماما كان ينظر لأمل نظرة المحب الهائم العاشق الّذي يتمنّى نظرة منها؛ كي تحييه. يعشق رائحتا وأنفاسها ويخاف عليها من النّسمات ألا تجرحها.
أتساءل هنا هل هذا الحبّ منطقيّا، وهل يحدث في الحياة فعلا؟ وهل الطّرف الآخر انسان جاهل لا يميّز بين الحبّ الأخويّ وحبّ العاشق؟ أعتقد بأنّ الإِجابة : لا. وقد تبيّن ذلك من خلال الرّسالة الأخيرة الّتي كتبتها أمل ليوسف "اردتني حبيبة، وأردتك صديقا نعم أنا مجنونة أن غادرتك، وأنت مجنون ان أحببتني" ص16، هل نعتبر شخصية أمل شخصيّة مخادعة؛ لأنّها رغم معرفتها الحقيقة استمرّت في لعب الدّور؟ ربّما الاجابة نعم، لكنّي أرى بأنّ أمل أرادت أن توحي ليوسف بأنّه أخوها وكأنّها لا تعرف بما يخفي تجاهها؛ لأنّها كانت بحاجة ماسّة لإنسان يدعمها ويقف لجانبها لأنّها وحيدة. أرى بأنّ الكاتبة سماح خليفة قد استخدمت هذه الوسيلة؛ من أجل ربط العلاقة بينهما واقناع القارئ بقوّة هذه العلاقة ومتانتها، وكم هو صعب الفراق بالنهاية.
الحبّ الآخر هو حبّ أمل وجاد:
كان حبّهما حبّا نموذجيّا صادقا بين زوجين متيّمين ببعضهما منذ دراستهما في جامعة بغداد، حيث كان من خلالهما الرّبط ما بين شعبين، الشّعب الفلسطيني والعراقي. رأت أمل في زوجها جاد زوجا مثاليّا لا يمكنها الاستغناء عنه ولو لحظة واحدة، كما بادلها هو نفس المشاعر والعواطف ورأى الدّنيا وجمالها من خلالها وعاش سعادة يحسد عليها.
لكنّي مذهولة من ردّة فعل جاد؛ حين عرف بأنّها قد اغتصبت من قبل جنديّ غاضب وحصل الحمل على أثر ذلك. ماذا فهم جاد؟ ألا يعرف بأنّ ما حدث هو رغما عنها؟ لماذا تركها وخرج غاضبا؟ لماذا لم يحتوها ويحتوي ألمها ودمار نفسيّتها؟ هل لأنّه عربيّ شرقي لا يقبل الواقع الّذي يلامس المرأة؛ حتّى وان كان منطقيّا؟
أمّا حبّ يحيى الطّبيب وحريّة، ابنة أمل وجاد فقد كان حبّا غير مقنع حسب رأيي. كيف يحبّ طبيب فتاة صغيرة بعمر الطّفولة! – 12- عاما فهي غير ناضجة عاطفيّا ولا عقليّا، ولا جسديّا، رغم أنّها قالت بأنّها تبدو أكبر من بنات جيلها.
مبادرة حريّة بأن تزرع في رحمها من يحيى، حتى قبل أن يتزوّجا رسميّا ؛ لأنّه سجن لمدّة عشر سنوات، ثمّ تنجب طفلين وهو بعيد عنها. أيّ نوع من الحبّ هذا؟ هل هو حبّ التّضحية من أجل الوطن كما أرادت الكاتبة؟
محبّة كلارا الطّبيبة الأجنبيّة لعائلة يحيى وحريّة، الّتي تبيّن بأنّها امرأة يهوديّة تعمل مع والدها في استئصال الأعضاء من النّاس، وكما فهمت بعد قتلهم طبعا، وتبيّن فيما بعد – حسب اعترافها- بأنّها بيّتت النيّة لاستئصال أعضائهم؛ لكنّ المحبّة لهذه الأسرة وما مرّ عليها من صعوبات ومآس في وطنهم، فلسطين هي الّتي دفعتها بأن تهرّبهم بعيدا عن شركائها.
عاطفة الكراهية والحقد المتبادلين من الفلسطينيّ للمحتلّ وبالعكس. هي عاطفة منطقيّة ومتوقّعة.
وقالت هدى عثمان أو غوش:
في هذه الرواية روايّة تنتقل بطلة الرّوايّة من القدس، رام الله، والعراق والقاهرة، تختنق مشاعر الحبّ بين أجواء الظلم والحرب، وتفتح الأحداث السّياسيّة فمها، فتسكب الوجع الفلسطينيّ على أوراق الرّوايّة، منذ عام 1967 حتى يومنا هذا، وتطفو على الأوراق حالة الحزن والخيبة، حزن على وطن مسلوب، لم تجعل لنا الكاتبة لعلاقة واحدة أن تستمر حتى النّهايّة بسعادة، فالفرح ليس لنا كما يقول الماغوط في إحدى قصائده. فأمل تغتصب على يد جندي محتل، ويكون الفراق بينها وبين زوجها العراقي جاد، حين رفضت إجهاض الجنين فتعود لفلسطين، وتقتل في النّهايّة على يد ابنها الجندي الصهيّوني، أمّا حريّة، ابنة أمل فتشتعل بداية زواجها بالقلق بسبب سجن زوجها يحيى، يوسف الذّي كتم حبّه وعشقه لأمل يتحوّل لخائن.
وتستمر المعاناة في كلّ جانب من الرّوايّة حتى النّهايّة، يشعر القارئ باختناق مشاعره ويتساءل أين المفرّ؟ من ينقذنا من الحزن والكآبة؟فيحيى وياسر مصابان بفشل كلوّي، وحريّة وخالد قررا التبرع لهما بكليتهما.
سردت الكاتبة الرّوايةّ بأُسلوب شيّق وسلاسة التعبير، وجمال البلاغة، كانت العاطفة جيّاشة وغزيرة، استخدمت أُسلوب الرسائل الورقيّة التّي بعثتها أمل ليوسف من جهة، ورسائل كان يكتبها يوسف لأمل مفعمة بعذب الكلام والحسرة، لكنّه لم يرسلها لها. كما واستخدمت رسائل عدة، لجاد يوسف،وأمل، ليبرّر كلّ واحد منهم موقفه ويدافع عن نفسه، فهل باسم الحبّ نخون ونظلم؟ استخدمت الحوار باللّغة الإنجليزيّة والترجمة للعربيّة في بدايّة الرّوايّة، وهذا لم يكن موفقا، فلم يكن بحاجة لذلك. بالإضافة إلى الأخطاء النحويّة الكثيرة، وبعض الأخطاء في الأسماء (213 حيث ذكر يوسف اسم أمل بدل حريّة)،وإلى عدم الدّقة في أسماء المعالم الدينيّة كذكرها "ترنو بنظرها نحو قبةّ الأقصى الذّهبيّة" والصحيح الصخرة الذّهبيّة، فالأقصى هو المسجد القبليّ، وقبة الصخرة مسجد في باحة الأقصى .
استخدمت الأسماء أمل وحريّة (الجدّة والحفيدة)، لتؤكد أنّ الفرج آت يوما ما، وكما ختمت نهايّة الرّوايّة نحن شعب حياة يتقن الفرح رغم الحزن المتكالب عليه.

مقالات متعلقة