الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 07:02

اسرار عبقرية احمد شوقي كما رواها نجله/ بقلم: ناجي ظاهر

ناجي ظاهر
نُشر: 07/02/20 14:44

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

يكشف حسين شوقي، نجل احمد شوقي امير الشعراء العرب المصريين في القرن العشرين. في كتابه "ابي شوقي"، اسرارا وخفايا وحكايات صغيرة لم يكن بإمكان القارئ العربي الاطلاع عليها لو لم يصدر هذا الكتاب.
صدر كتاب "ابي شوقي" عن مكتبة النهضة المصرية في القاهرة عام 1947 واعاد الناشر العربي الاول في بلادنا الصديق الراحل فؤاد دانيال طباعته بعد صدوره الاول بعشرات السنين، ليطلع عليه القراء العرب في بلادنا. وقد قرأت هذا الكتاب حين صدوره في السبعينيات وعدت اليه هذه الايام لأعيد قراءته ضمن هزة حنين الى الماضي.
يفتتح المؤلف كتابه عن والده الشاعر المعروف باستعادة ذكريات طفولته، في البيت الذي انتقلت اليه العائلة من بيتها القديم في خط الحنفي القاهري. والمقصود ذلك البيت الذي اطلق عليه شوقي اسم "كرمة بن هاني"، وذلك نسبة الى الشاعر العباسي الحسن بن هاني الذي احبه شوقي واعجب بما تركه من ارث شعري يستحق كل اهتمام وتقدير، وكان شوقي يرى ان هذا الشاعر لم ينل حظه من الدراسة المتعمقة للأسف الشديد، كما ان الاساطير جعلت منه شاعرا ماجنا، اما لماذا انتقل شوقي واسرته للإقامة في هذا البيت فان المؤلف يقول انه فعل ذلك ليكون قريبا من الخديوي توفيق الذي احبه حبا جما وسعى دائما للجلوس اليه.
يتوقف المؤلف مطولا عند نفي الانجليز لوالده الى اسبانيا بعد الحرب العالمية الاولى. ويتحدث بتفصيل جميل، عما مرت به عائلته هناك من معانيات وانفراجات، ويستطرد في الحديث عن المدن العربية الاندلسية بعد الحكم العربي هناك، وما الت اليه، مثل قرطبة والحمراء من ضمور بعد ازدهار وظهور، وفيما يتعلق بعلاقة والده بفرنسا وعاصمتها باريس تحديدا يتحدث عن دراسته هو واخوه الاكبر "علي" الحقوق هناك وعن زيارات والده لهما علما انه سبق له واقام في باريس واتقن اللغة الفرنسية، كما يتحدث عن علاقة والده بعدد من الشعراء الفرنسيين البارزين امثال بول فرلن... ذلك البوهيمي العبقري.
يضم الكتاب العديد من الوقفات بين الوالد الشاعر الرؤوف الحنون الحادب على اولاده، على حسين وامينة، كما يتوقف عند والدته التي كان والده الشاعر يشبّهها بقطة من انقرة وذلك لسببين هو انها كانت رقيقة.. شديدة المسالمة مع زوجها الشاعر وادت دور المرأة التي وقفت وراء الشاعر العظيم. السبب الثاني هو الاشارة الى اصلها التركي.
الكتاب يحفل باللطائف عن علاقة شوقي بمعاصريه من شعراء عرب واجانب بينهم من العرب حافظ ابراهيم وخليل مطران، وهو مُقدّم الكتاب مدار حديثنا بالمناسبة، ومما يذكره المؤلف ان والده انفعل بشدة عندما تلا حافظ ابراهيم قصيدته التي بايعه فيها اميرا للشعراء قائلا:
امير القوافي قد اتيت مبايعا
وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
وكان ذلك خلال الاحتفال الرسمي الكبير بصدور الطبعة الثانية من الشوقيات.
اما فيما يتعلق بعلاقات شوقي بالشعراء الاجانب، فان المؤلف يتوقف عند العديد منها، ولعل اهمها علاقته بشاعر الهند رابندرانات طاغور الذي زار شوقي في بيته واجرى معه حديثا طليا حفل بالمحبة والاعجاب المتبادل بين الشاعرين العظيمين.
يروي المؤلف في كتابه هذا، العديد من المواقف التي حدت بوالده الشاعر لكتابة هذه القصيدة او تلك، ويقول حينا بالمباشرة واخر بالتلميح، ان والده كان حاضر البديهة غزير الانتاج الشعري، يمتلك مقدرة كبيرة على القول الشعري، وينقل عن صديق مقرب من والده انه نظم قصيدته المشهورة عن "النيل" في ليلة واحدة، علما انه هذه القصيدة تزيد عن المئة بيت. ومطلعها:
من اي عهد في القرى تتدفق
وبأي كف في المدائن تغدق
يشير المؤلف في معظم صفحات كتابه الى مزايا والده ومناقبه، ويتوقف عند عيب واحد اتصف به وهو أنانيته الشديدة، كما يقول، ويفسر هذه الانانية بقوله، انه كان لزاما على ابناء العائلة انتظار شهية والده ليتناولوا غداءهم.. علما ان شهيته هذه كثيرا ما كانت تتأخر جراء سهره ساعات متأخرة من الليل في صحبة كتبه واشعاره، ويتساءل المؤلف عن سبب انانية والده الشاعر هذه. قائلا.. ترى هل هي من لوازم الشعراء؟ ويوضح ان الشاعر شيلر عندما تحدث عن طبيعة صديقه الشاعر جيتيه، الالماني المهم جدا، قال عنه انه اناني الى اقصى درجات الانانية!
يختتم المؤلف كتابه بالتحدث عن السنتين الاخيرتين 1931/32 من حياة والده.. يقول انهما شهدتا توهجا ملموسا في كتابات والده، لا سيما في مجال الكتابة المسرحية الشعرية، تأليفا وتعديلا، وكأنما هو كان يشعر بدنو الاجل.
ويتحدث عن يوم وفاته 13 تشرين الاول من عام 1932 فيقول انه تحدث خلال تريضه في السيارة مع سكرتيره في موضوعات دينية مثل التوبة والغفران، وفي مساء اليوم عينه زار صديقه محمد توفيق بيك في مكتبه بجريدة "الجهاد".. وفي حوالي الثانية صباحا اسلم روحه لباريها، ليمضي في طريقه الابدية عن عمر ناهز الاثنين والستين عاما، وقد كتب ذووه على قبره. عملا برغبة ابداها ذات يوم، البيتين التاليين من قصيدته "نهج البردى" في مدح الرسول. هما:
يا احمد الخير لي جاه بتسميتي
وكيف لا يتسامى بالرسول سمي
ان جل ذنبي عن الغفران لي امل
في الله يجعلني في خير معتصم

مقالات متعلقة