الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 01:01

أسرار نجاح "المحرض الأكبر" وخبايا الفزعة الخارجية لـ إسقاطه/ كتب: وديع عواودة

وديع عواودة
نُشر: 14/05/20 05:24,  حُتلن: 16:59

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

وديع عواوده في مقاله:

لم تتغير نتيجة الانتخابات رغم تدخل مصر والأردن وفلسطين.. فـ رحل حسني مبارك وبقي نتنياهو

في هذا التقرير المشبع بالتفاصيل نتوقف عند أسرار نجاح نتنياهو بالبقاء في الحكم مرات كثيرة وتجاوزه أعلى حاجز في إسرائيل ( جدران المحكمة العليا التي أسبغت الشرعية على حكمه وهو متهم بتهم جنائية خطيرة) رغم التهم الخطيرة واستهدافه من قبل أوساط إعلامية واسعة وتحالف خصومه في " أزرق- أبيض " وهو تحالف شكل تهديدا إستراتيجيا عليه ولكن دون جدوى. تماما هكذا حصل معه في أول ولاية يوم فاز عام 1996 بخلاف كل التوقعات بعد عام من اغتيال اسحق رابين واتهامه بالمشاركة بالتحريض على القتل ومنافسته لسياسي مخضرم وقائد مؤسس كـ شيمعون بيرس. فاز وقتها رغم تجند مصر والأردن والسلطة الفلسطينية لصالح خصومه ... فـ هل هي كفاءات نتنياهو أم ضعف منافسيه أم هي رغبات الإسرائيليين أم حظ " بفلق الصخر " أم كل الأجوبة صحيحة ؟ هنا نستعرض فزعة خارجية ضد نتنياهو كانت تصل وما تزال من القاهرة ورام الله وامتدت من وراء الكواليس إلى حيفا والناصرة واكسال وكفرمندا وأم الفحم ودون جدوى في معظم الحالات.

رئيس على كرسي الاتهام
في تاريخ الجولات الانتخابية لبرلمان إسرائيل سيكتب أن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو استطاع أن يبقى في الحكم رغم اتهامه رسميا بثلاث لوائح اتهام خطيرة وانضمام كتلة " يسرائيل بيتنا " اليمينية لـ معسكر مناهضيه وهو الآن يتجه لتشكيل حكومة بالتناوب مع خصمه السابق بيني غانتس بعدما نجح بتفكيك تحالفه " أزرق- أبيض " ورفض المحكمة العليا الالتماسات ضده. نتنياهو الذي شكّل أول حكومته الأولى عام 1996 سيشكّل في 2020 حكومة خامسة علاوة على ترأسه ثلاث حكومات انتقالية مما يجعله رئيس الوزراء الأكثر حكما في إسرائيل رغم عدم حيازته إستراتيجية لـ تسوية القضية العامة بالنسبة للإسرائيليين- الصراع مع الفلسطينيين- وربما بسبب إتقانه إدارة الصراع لا المغامرة السياسية بـ حله. فهل هذا إذن نتيجة قوته أو كونه " ساحرا " في السياسة والكاميرا أو لأنه الأكثر تعبيرا عن انزياح معظم الإسرائيليين بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 لجهة اليمين والدين المتشددين؟ وكم لعب الحظ في تحقيقه نجاحات رغم نقاط ضعفه وكونه " سريع الانضغاط والدخول في حالة ذعر وفقدان الصواب" كما قال عنه حرفيا أرئيل شارون الذي تابع بشريط فيدويو عام 2005 :" حتى تكون رئيس حكومة ناجح في إسرائيل عليك التحلي بصفتين وكلاهما غير متوفرتين لدى نتنياهو : رجاحة العقل والأعصاب الحديدية ". يبدو أن كل الأجوبة صحيحة فنتنياهو باق في السلطة رغم نقاط ضعفه ومعادة معظم الإعلام له( ستجد من يقول بسببها ضعفه ومعادة الصحافة له بمعنى أنه لا يبادر ولا يغامر ويدير الأزمات ولا يحلها كي لا يتعرض لخسائر سياسية وأن الإسرائيليين رأوا به ضحية ملاحقة " صحافة يسارية ") وذلك نتيجة ضعف خصومه وفقدانهم الشغف المطلوب للفوز بـ دولاب القيادة ونتيجة كونه رجلا محظوظا بالتأكيد كما تدلل الدراما الأخيرة وتفيد مسيرته منذ انتخاباته الأولى. منح بيني غانتس أغلبية برلمانية وكلف من قبل رئيس إسرائيل بتشكيل حكومة وبعد أسبوعين ينضم لحكومة يمين برئاسة نتنياهو رغم أنه سبق وشهّر به ووصفه بالمجنون والمعتوه والمتلعثم الخ. هذا الانشطار داخل تحالف " أزرق- أبيض " كان حلم نتنياهو وقد تحقق وهو غير مفاجئ رغم أنه مأساوي فقد ولدت هذه الكتلة منذ البداية توليفة أحزاب اجتمعت على مصالح أبرزها إسقاط نتنياهو دون أي عمود فقري عقائدي يجمعها ويطيل عمرها فتبعثرت في أول اختبار. بالطبع تبسم الحظ لنتنياهو بـ انتشار عدوى ( كورونا) شلت البلاد والعالم فالتقطها ونفخ فيها واستثمرها لصالحه بترهيب الإسرائيليين وإقناعهم بأنه أفضل مخلص لهم منها.
مستر كورونا
وقد جعلت هذه العدوى خيارات منافسي نتنياهو ضيقة وحولت الانتخابات الرابعة التي كان سيشارك فيها وهم على كرسي الاتهام خيارا غير وارد. كما أن اتساع مساحة اليمين في إسرائيل صب الماء على طاحونة نتنياهو لدرجة أن إثنين من حلفائه/ خصومه ( النائبان تسفي هاوزر ويوعاز هندل) قد انتخبا ضمن " أزرق- أبيض " تبين أنهما نوع من " حصان طروادة " ففي لحظة الحقيقة فضلا نتنياهو على حكومة برئاسة غانتس تستند على " المشتركة " وهذا خيار على الأقل كان بمقدور غانتس التلويح به. غير أن هذه الصورة ورغم تبدل المعطيات والوجوه نجدها أيضا في بداية طريقه السلطوي ففي عام 1996 فقد حالفه الحظ في مسعاه للسيطرة على رئاسة الوزراء وانتزاعها من خصم قوي لكن الضعف استبد به في الساعات الأخيرة من المنافسة : شيمون بيريز. وقتها وبعد اغتيال اسحق رابين في تشرين ثاني/نوفمبر 1995 جرت الانتخابات في مايو/أيار 1996 بعدما أصّر رئيس الحكومة المؤقتة شيمون بيريز على إجراء انتخابات وعدم انتظار انتهاء ولاية حكومته وخوض انتخابات كان يفترض إجراؤها في29 تشرين أول/ اكتوبر 1996.

فزعة من عرفات وحسني مبارك
رغم قلة تجربته ورغم صدمة اغتيال رابين بالنسبة لإسرائيل تغلب نتنياهو على بيريز بفارق ضئيل جدا. صحيح أن اتفاق أوسلو استفز واستنفر اليمين خلف نتنياهو خاصة بعد توجيه التهم لهذا اليمين بأنه مسؤول عن أجواء التحريض التي هيأت الاغتيال لكنه لم يكن ليصل رئاسة الوزراء لولاء تردد بيريز وضعفه في المناظرة المتلفزة التي لخصت الدعاية الانتخابية وظهر بخلاف طبيعته مترددا وضعيفا فيما بدا نتنياهو شابا واثقا ومتوثبا وقويا بما يذكر بالمناظرة التاريخية المشهودة بين الجمهوري ريتشارد نيكسون وبين الديموقراطي جون كندي في 1960. قبل ذلك بـ شهور حالف الحظ نتنياهو عندما تواصلت العمليات الاستشهادية داخل المدن الإسرائيلية وزادت من قوة اليمين المتشدد ثم ما لبثت بيريز أن تورط بـ عدوان على لبنان( حملة عناقيد الغضب أبريل/ نيسان1996) من أجل الرد على حزب الله وتحسين صورته الأمنية لكن الجيش الإسرائيلي ارتكب مذبحة مروعة في بلدة قانا دفعت كثيرين من المواطنين العرب للعزوف عن المشاركة في الانتخابات المباشرة والشخصية التي خسر بها بيريز بنحو 30 ألف صوت لصالح نتنياهو الذي فاز بـ 55% من أصوات اليهود : بنيامين نتنياهو فاز بـ 1501023 صوتا( 50.5%) مقابل 1471566 صوتا لـ بيريز ( 49.5%). غداة مذبحة قانا وقبيل الانتخابات بشهر وأكثر شعر بيريز بالخطر في ظل توجه العرب لعدم المشاركة بالتصويت كما اعترف في مقابلة أجريتها معه خلال سفره للبيت الأبيض ولقاء بيل كلينوت ومن جملة ما قاله " أنا لا أفهم القيادات العربية في إسرائيل فهل هم أكثر وطنية من ياسر عرفات ليزاودوا عليه.. هو يريد انتخابي وهم يريدون معاقبتي على مجزرة لم أصدر أمرا بتنفيذها ؟

أنا فلسطيني لا عضوا بـ " العمل"
وقتها لم تفلح محاولات متكررة وضاغطة مارستها مصر والأردن والسلطة الفلسطينية لـ دفع المواطنين العرب بالخروج لـ صناديق الاقتراع لتعزيز فرص بيريز بالفوز على نتنياهو الذي اعتاد الرئيس المصري وقتها حسني مبارك على وصفه بـ الكذاب " كما يؤكد وزير الشرطة الإسرائيلية موشيه شاحل بتصريحات إعلامية بصورته وصوته.
في ذاك العام وبتوجيه من الرئيس ياسر عرفات انتدب محمود عباس مسؤول ملف إسرائيل في منظمة التحرير وجيه القاسم ( أبو مروان) سفير فلسطين في الرباط في مهمة لترتيب أوراق الأحزاب العربية في إسرائيل بغية محاولة إنقاذ بيريز وإنقاذ أوسلو. وقبل ذلك شهدت انتخابات 1992 تجربة مماثلة تماما حيث سعت مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية من وراء الكواليس لتشجيع المواطنين العرب على توحيد أحزابهم وزيادة نسبة تصويتهم لتعزيز فرص رابين على شامير. يشار أن " لجنة الوفاق الوطني " الأولى قد تشكلت عشية انتخابات الكنيست عام 1992 حيث شهدت الساحة العربية محاولات منهكة لتوحيد الصفوف بتوجيه من منظمة التحرير وقد كانت معنية جدا بذلك أملا بفوز رابين وتوقيع اتفاق أوسلو التي كانت " طبخة على النار " وقتها. وتشكلت لجنة الوفاق وقتها برئاسة نمر حسين والراحل سميح القاسم ناطقا بلسانها وشارك بعضويتها الأديب محمد علي طه الدكتور الراحل سامي جرايسي.

ويرى كثيرون تفاصيل عن تلك التجربة تتناقض أحيانا ومنهم النائب السابق المحامي محمد ميعاري الذي استدعي للقاهرة لهذا الغرض وهناك صاح بهم " أنا فلسطيني وليس عضوا في حزب " العمل" كما يقول في مذكرات ستصدر قريبا عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية) وهذا ما حصل لكن العملية نجحت ومات المريض بعد موت رابين وبدء موت أوسلو موتا تدريجيا وفي الانتخابات الأخيرة تكررت محاولات وضغوطات الأشقاء لانتخاب هذا ومنع ذاك في هذه الانتخابات أيضا - مارس/آذار 2020 - وهذه مسألة تحتاج لتقرير منفصل لتبيان تفاصيل محجوبة حول مواقف بعض الأحزاب وتغيرها. بالمناسبة اكتفى رئيس المتابعة العليا محمد بركة لذلك بـ منشور سياسي قبل يومين قال فيه " نسأل الله منحه رحمته للذين راهنوا على غانتس في البلاد وخارجها ".

فزعة تلفزيونية
وقتها،في تلك الانتخابات عام 1996 كان السفير وجيه القاسم يزور صحيفة " كل العرب " التي ترأس تحريرها الراحل سميح القاسم،ويستخدمها مقرا لتحركاته السرية لتوحيد كلمة المجتمع العربي لـ إنقاذ أوسلو بـ منع نتنياهو من الفوز. كان سميح القاسم قد انتدب كاتب هذه السطور ( عملت محررا في " كل العرب") لـ إطلاع الجانب الفلسطيني على ما يدور في الداخل وتقديم تقديرات سياسية وانتخابية إما بالحديث المتواصل مع وجيه القاسم أو بمرافقته لـ رام الله ولقاء قيادات فلسطينية تابعت واهتمت عن كثب ما يجري قبيل الانتخابات. ساهمت " الفزعة " الخارجية في تشكيل كتلة وحدوية بين الحزب الديموقراطي العربي، وبين الحركة الإسلامية الشق الجنوبي، وولدت " القائمة العربية الموحدة " فيما امتنع أحمد الطيبي عن خوض انتخابات 1996 بتوجيه من عرفات.

ويوضح عبد الوهاب دراوشة أن الرئيس الراحل ياسر عرفات استدعاه وطلب الصانع والشيخ الراحل مؤسس الحركة الإسلامية عبد الله نمر درويش للقاء في غزة ويتابع في حديث معه" طالبنا بأن نضم الدكتور أحمد الطيبي للقائمة. رفضنا لأنه كان شخص غير معروف بعد وهو فرد وبدون حزب. وتنازل الطيبي بناء على طلب أبو عمار وكل احترام مبادرته ممتازة ليدخل الطيبي الكنيست للمرة الأولى في الانتخابات اللاحقة عام 1999 متحالفا مع عزمي بشارة. كان ابو عمار يحترم الشيخ إبراهيم نمر درويش ويراه صديقا ويجلسه بجانبه بعدما كنت همزة وصل بينهم ".

وقتها رفضت حركة " المستقلين " بقيادة رئيس مجلس محلي كفر مندا محمد زيدان الانضمام لـ الموحدة قائمة لعدم احترام الحزب الديموقراطي العربي اتفاق تناوب بين زيدان وبين طلب الصانع بعد انتخابات 1992. كما فشلت جهود منظمة التحرير في ضم قائمة " المستقلين " لقائمة الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة التي شملت لاحقا عزمي بشارة في المكان الرابع، وفازت فعلا بخمسة مقاعد فيما سقطت كتلة المستقلين ( أحرقت 16 ألف صوت بينما كانت نسبة الحسم 42 ألف صوت) وسقط بيريز لإحجام أوساط عربية عن التصويت لـ بيريز رغم المناشدات من أجل إنقاذ السلام ومنع نتنياهو من الفوز بسدة الحكم. وقتها لم تكن وسائل الإعلام متوفرة وتقتصر على بعض قنوات التلفزة والصحف المطبوعة. عند ساعات العصر وفي محاولة لإنقاذ الموقف إزاء نسب تصويت متدنية لدى المواطنين العرب تمت للمرة الأولى مناشدتهم العاطفية من خلال مكبرات الصوت في المساجد. وعندما تكشف حجم التراجع عن التصويت بادر النائب عبد الوهاب دراوشة بمخاطبة المواطنين العرب من خلال بث مباشر من التلفزيون الأردني الذي تميز بنسب مشاهدة عالية في بلداتنا العربية وقتها. ويوضح دراوشة أن التلفزيون الأردني منحه وقتها ما أراده من وقت بمبادرة من سفير مصر في تل أبيب محمد البسيوني، ومن القصر الملكي عن طريق النائب الأردني حمادة الفراعنة، لكن بيريز سقط رغم " الفزعة " وهناك من يقول إنها كانت واحدة من " سقطات " الأحزاب العربية في الداخل وهناك سيكون من سيقارن بينها وبين التوصية غير المجدية على غانتس اليوم.

تراكتور للأقصى
ويقدم الشيخ رائد صلاح مثالا واضحا على التعامل الأدواتي مع العرب الفلسطينيين في إسرائيل من قبل العالم العربي بكشفه عن محاولة مقايضة الحركة الإسلامية الشمالية المحظورة إسرائيليا. ويقول رائد صلاح في كتابه الصادر في الشهر الماضي( إضاءات على ميلاد الحركة الإسلامية) إن الرئاسة المصرية في عهد مبارك كانت معنية بـ فوز بيريز على نتنياهو. ويتابع" بطبيعة الحال كان الرئيس المصري يومها حسني مبارك، فاتصل بنا السفير محمد البسيوني وجلس معنا وحاول أن يقنعنا كي ندلي بأصواتنا لصالح حزب " العمل ". قبل ذلك كنا طالما نحلم أن يعترف الأزهر بكلية الدعوة والعلوم الإسلامية في أم الفحم وطلبنا ذلك مرة من البسيوني. وفي ذاك اللقاء سلمنا السفير المصري ورقة خطية باسمه على اعتبار أنها اعتراف الأزهر الشريف بكلية الدعوة والعلوم الإسلامية إلا أنه كان واضحا لنا أنها كانت مجرد ورقة ترضية لنا ومجرد حبر على ورق ليس إلا. وبطبيعة الحال أكدنا له في ذاك اللقاء أننا لا نشارك في انتخابات الكنيست". ويشير إلى ما هو أكثر من ذلك " وذات يوم زارتني في بلدية أم الفحم شخصية فلسطينية كانت تعيش في مصر وكانت من المقربين إلى نظام حسني مبارك وكانت ذات مال ونفوذ فحاولت أن تقنعني أن تدعم الحركة الإسلامية حزب " العمل " الصهيوني في انتخابات رئاسة الحكومة الإسرائيلية بيد أنني أبلغته بموقفنا الرافض للكنيست. ويوضح صلاح في كتابه أن الشخصية المذكورة التي يبقيها محجوبة الهوية قد قالت له ما في جعبتها ثم تركت ظرفا ورقيا على مكتبه وخرجت ويضيف " لما نظرت فيه وجدت فيه 40 ألف شيكل فحاولت أن أعيد لتلك الشخصية ذاك المبلغ فخرجت مسرعا وجدتها قد غادرت ولعلها كانت تظن أنها اشترتني. اشترينا بالمبلغ جرارا للمسجد الأقصى المبارك حيث كان بحاجة ماسة إليه وقد خدم ذاك الجرار المسجد الأقصى المبارك سنوات طويلة ". نتنياهو الذي أدرك مبكرا قوة الصوت العربي تبنى حملة انتخابية عنصرية عنوانها " نتنياهو جيد لليهود " فاز على بيريز وما لبثت حكومته أن سقطت في 1999 لصالح إيهود براك بفارق كبير وبمساهمة لافتة للمواطنين العرب لكن براك سبب خيبة أمل مرّة وصادمة بعدما أمر بفتح النار على المتظاهرين العرب في هبة القدس والأقصى عام 2000 متسببا بقتل 13 شابا ليجدوا أنفسهم مرة أخرى أمام السؤال ما حجم وجوهر الفارق بين اليمين وبين اليسار في إسرائيل ؟

هدايا ترامب وبوتين
خرج نتنياهو في إجازة محاضرا في العالم تاركا زعامة " الليكود " إلى شارون الذي مات دخل في غيبوبة عام 2005 وتسلم راية الحكم من بعده إيهود أولمرت وهو بعيون مراقبين إسرائيليين كثر رئيس حكومة ناجح وكاد أن يتوصل لتسوية مع الرئيس محمود عباس لولا تورطه بفضائح فساد دفعت حزبه ( كاديما ) للضغط علية فاستقال ودخلت على الخط تسيبي ليفني التي نجحت بالفوز بعدد مقاعد أكبر من مقاعد الليكود في انتخابات 2009 لكن بقلة تجربتها وحيلتها فشلت في التفاهم مع " الحريديم" وتركيب حكومة فكانت من حظ نتنياهو الذي شكل حكومة صمدت حتى 2013 ليجد نفسه محظوظا مجددا كـ مرشح اليمين مقابل ثلاثة مرشحين غير مقنعين لرئاسة الحكومة في المعسكر المناهض له : تسيبي ليفني( كاديما) وشيلي يحيموفيتش(العمل) ويائير لابيد( يش عتيد). وهكذا في انتخابات 2015 وجد نتنياهو منافسا لزوج منافسين غير مقنعين يتسحاق هرتوسوغ ( العمل) و تسيبي ليفني( هتنواعاه) اللذين شكلا " المعسكر الصهيوني" فكان " الليكود " في الصدارة مع 30 مقعدا يليه " المعسكر الصهيوني " مع 24 مقعدا. شعبوية وتحريض وتجربة نتنياهو ساعدته في 2020 أيضا في البقاء في الحكم لـ نصف ولاية رغم كل ما لحق به من تهم ومن غبار سياسي متراكم وساهمت قلة تجربة خصومه لجانب حظه المبتسم دوما بنجاحه أو بقائه في الحكم. في الجولتين الانتخابيتين عام 2019 كاد أن يطرح به لولا ما ذكر ولولا هدايا وعطايا الرئيسين بوتين وترامب اللذين جمعتهم مصالح مشتركة بعضها انتخابية مع نتنياهو وساعدته في الاحتفاظ بصورة زعيم دولي ومجرب ومهيب مقابل منافسين طالما دارت شكوك حول كفاءاتهم ناهيك عن تمسك الإسرائيليين بمن يرمز لليمين المتشدد بمعانيه السياسية والاقتصادية.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة