الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 00:02

رفع الاذان وخطبة الجمعة وجهان لثقافتين مختلفتين! ‏/ بقلم: د. رائف حسين

د. رائف حسين
نُشر: 20/07/20 14:49,  حُتلن: 17:07

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

الكاتب والمحلل والمفكر السياسي د. رائف حسين في مقاله:

رفع الاذان كقرع اجراس الكنائس جزء من ثقافتنا العربيه الاصيله والدفاع عنهما جزء من تحصين ‏ارثنا الحضاري من التزوير والتشويه الداخلي والخارجي. ‏

في شرقنا العربي نعتز ونفتخر جميعاً بثقافتنا العربيه الاصيله المطبعة بغالبيتها بالثقافة الاسلاميه ‏ومطعمه بثقافات مسيحيه غزيرة. ‏
هذه الثقافة،بكل تشعباتها وروافدها الاثنية والدينيه هي ارثنا الحضاري. الارث الحضاري لكل شعب او ‏امة معرض دائما للخطر، لذا حذر الفيلسوف الصيني كونفوشيوس من تزويره من الداخل والخارج… ‏وقال عنه انه العمود الفقري للتقدم والازدهار وتطوير الثقافه والمجتمع.‏
ثقافتنا العربيه هي جزء هام من الحضارة البشريه. الكلام عن حضارة اسلاميه خطأ يقع به الجميع ‏بغض النظر عن درجة الثقافه والتحصيل العلمي للشخص، وبه قسط وافر من الشعبوية والمغالاة ولو ‏كانتا باغلب الاحيان عفويتين… علمياً لا توجد حضارة اوروبيه مسيحيه وشرقيه اسلاميه وافريقيه ‏واسيويه… الخ. هنالك حضاره انسانيه روتها وزادتها ترسيخا واغنتها وطورتها ثقافات الشعوب والامم ‏المختلفة. الثقافات هي روافد الحضاره الانسانيه. ‏

رفع الاذان كقرع اجراس الكنائس جزء من ثقافتنا العربيه الاصيله والدفاع عنهما جزء من تحصين ‏ارثنا الحضاري من التزوير والتشويه الداخلي والخارجي. ‏
تزوير الارث الحضاري لا يعني فقط ان تزور او تشوه ما هو قائم ومتعارف عليه فقط… بل يحصل ‏هذا عبر اضافة تشويهات وتأويلات دخيلة على الثقافه. ‏
بث خطبة الجمعه عبر المايكروفون، بالصراخ الغير مفهوم للسامع هو احد هذه التشويهات… وربطها ‏برفع الاذان وتسويقها على انها تجديد الثقافه هو تحريف وتزوير للارث الحضاري ولا علاقة له لا ‏بتطوير الثقافه ولا بتحصين الارث الحضاري. هو ببساطه محاوله لاحتلال الحيز العام من قبل فئة ‏صغيرة مهيمنه وتوظيفه لاهداف ايدولوجيه ضيقه علاوة على انه ارهاب صراخي تخويفي تراكمي ‏للعقل والوعي. ‏
لا اقول هذا لأقل من اهمية خطبة الجمعه… ابدا، هي كاقامة الصلاة جزء من تراثنا الحضاري لكنها، ‏خطبة الجمعه، تخص هؤلاء الذين يذهبون الى اقامة الصلاة ومن اراد سماعها يذهب للجامع… قداس ‏الاحد لا يبث عبر المايكروفون بل يبقى داخل جدران الكنيسه وخاص بالمصلين فقط. ‏
ما هو موجود الان هي منافسه برفع الصوت عبر اجهزة مايكروفون رخيصه. النتيجه هي ان احدا لا ‏يفهمها حتى هؤلاء اللذين يسكنون الى جانب الجامع والاكثريه الساحقه من السكان يصلها الامر ، خطبة ‏الجمعه، كصراخ غير مفهوم. ناهيك عن ان في معظم القرى والحارات العربيه الاسلاميه هنالك ‏جامعين او اكثر وكل خطيب وكل جهة قائمة على هذا الجامع ام ذاك تحاول برفع الصوت زيادة هيمنتها ‏على الحيز العام ومنافسة الجامع والخطيب الاخريين. ‏
الخاسر من هذا التزوير للارث الحضاري هي التقوى والخنوع للله، اذ بهذا التسويق نجعله سلعه وليس ‏ايمان وطقوس دينيه. والخاسر ايضا هو المواطن، مسلما كان ام مسيحيا ام لاديني، الذي يرغم على ‏سماع صراخ الخطيب الغير مفهوم . ومواضيع خطب الجمعه … فحدث ولا حرج! ‏
نعم المحافظه على التعددية داخل المجتمع هو جزء من صيانة الارث الحضاري ومحاولة فئات مؤدلجه ‏لصبغ المجتمع والحيز العام بلونها الخاص وتسييره على هواها ووفق فهمها للامور هي محاولة ‏رخيصة لاختزال العقل. ‏
محاولات احتلال الحيز العام في القرى والمدن والحارات العربيه لا يقتصر فقط على الصراخ عبر ‏مايكروفون الجامع بل انتقل الى الشارع بوضع الملصقات الدينيه، من دعاء سفر وتذكير بالله واحاديث ‏الرسول وايات قرأنيه الخ … تراها معلقه في كل زاويه وفي كل شارع. ‏
هؤلاء المؤدلجون، مزوري الارث الحضاري ومغتصبي الدين هم حجر العثره امام التقدم والالتحاق في ‏قطار الحداثه. هؤلاء وضعوا انفسهم محامين عن الله وعن دينه الحنيف وكأن الله صبحانه وتعالى غير ‏قادر على حماية دينه ويستنجد هؤلاء ضعفاء الحجه والايمان! ‏
التدين والايمان علاقة مباشرة بين الخالق والمخلوق … وربنا حذر من هؤلاء بسورة البقره الايه ١٤٢ ‏عندما قال : ‏
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَنْ ‏يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿١٤٢﴾‏ .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة