للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
أولاً) ثورة التكنولوجيا اليوم لم تقتل الأدب في العالم، الأدب في العالم ميت منذ أزمانه البعيدة، مات الشعر ليخلي مكانه للقصة القصيرة، ثم ماتت القصة القصيرة لتخلي مكانها للرواية التي ماتت بدورها لتخلي مكانها للمسلسل التلفزي، فالتلفزيون الواقعي، فالشبكات الاجتماعية.
ثانيًا) هناك علاقة مع موت كل نوع أدبي بتطور الواقع، بتطور اللغة، وبعلاقات الإنتاج، فالشعر ليواجه الواقع الجديد خرج من عالم الواقع ودخل في عالم التجريد، عالم الحداثة كما يقال دون تحديد، تحت معطف فضفاض لهذا المصطلح يغطي كل فلسفة الحداثة، ومعها مواقف شعرائها، في الحالة العربية، الذين لكل واحد منهم قصيدته، وبالتالي لكل واحد منهم فلسفته. تجاهلوا تمامًا أن قصيدتهم لن تصمد طويلاً في حربها اللغوية مع القصة القصيرة، في الحالة الغربية، وكان منهم أن لفلفوا قصيدتهم كشعراء بالسلطة، وتحت مسميات كثيرة شعر ليبرالي (أدونيس) شعر مقاومة (كلهم في لبنان وفي فلسطين) شعر بدون هوية (الباقون)، فهم إن شاؤوا أم أبوا يظلون أبناء للسلطة، ينطقون بمنطقها، وعندما ينطقون بغير منطقها (درويش) تنطق السلطة بمنطقهم، لأنهم في حقيقة الأمر لا يخرجون عن منطقها، وما أن يموتوا، فالموت وحده الذي يقطع تلك العلاقة بين الشاعر والسلطة، حتى تسقط قصيدتهم في عالم النسيان إلا من ذاكرة بعض أصحاب النوسطالجيا. بخصوص القصة القصيرة الشيء نفسه في الحالة العربية، إضافة إلى ذلك عجزها عن استيعاب علاقات الانتاج في تعقداتها وما توجبه هذه التعقدات من طرح أوسع وأعمق للثيمات التي تفرض نفسها على القارئ في الحالة الغربية، لهذا تبوأت الرواية عرش الأدب، وأصبحت القصة في الحالتين العربية والغربية قصة المؤلف لا قصة القارئ، حتى اليوم الذي اكتسحت فيه عالم القارئ المسلسلات الفيكشن والمسلسلات التيليه رياليتيه، فانحطت الكتابة الروائية في الثيمة وفي اللغة، بينما الروايات الاستثنائية، وهي موجودة، كالقصص الاستثنائية، كالقصائد الاستثنائية، تنام في ذاكرة كاتبها الذي هو في نفس الوقت قارئها أو على رفوف المكتبات تتغطى بأكداس الغبار.
ثالثًا) القارئ لم يكن موجودًا على الإطلاق لأي نوع من أنواع الأدب تحت معنى القارئ المسئول القارئ "الإينشتايني"، وذلك في الحالتين العربية والغربية، هناك ناشر، وهناك ربح، وعلى الربح يتوقف موت وحياة هذا النوع أو ذاك، هذا الشرط الموضوعي للكتاب يرافقه الشرط الموضوعي للمجتمع، والشرط الموضوعي للمجتمع اليوم هو اللايك والسمايليس والكومنت، لقد حلت التكنولوجيا للقراءة في الأصابع بدلاً من القراءة بالعينين وتشغيل العقل والإدراك، الإنسان اليوم هو روبو علاقات الإنتاج.
رابعًا) الأدب لم يبدل ولن يبدل الواقع، الأدب حتى في أقصى نشاطه كإبداعات أدبية يبقى ترفًا، أهم شيء التلاعب فيه من طرف السلطة كهيولى، ومن هذه الناحية هو جزء لا يتجزأ من الفكر السائد، لهذا تصعد الكتب ذات القيمة والكتب ذات غير القيمة في الشعر أو في القصة القصيرة أو في الرواية لمدى قرب أو بعد هذا الكاتب أو ذاك من الفكر السائد في الحالتين العربية والغربية، هناك إرادة سياسية في مصلحة السلطة مهما كانت الإرادة الإبداعية، وهناك إرادة إيديولوجية في مصلحة السلطة مهما كانت الإرادة الفكرية، وهناك إرادة قمعية في مصلحة السلطة مهما كانت حرية الإرادة.
خامسًا) شخصيًا أراهن على التغيير العالمي لتكون العولمة في الأدب العربي والأدب الغربي وكل آداب الكون، فالتغيير السياسي سيرافقه إرادة سياسية في مصلحة الجحافل، وإرادة إيديولوجية في مصلحة الرعاع، وإرادة سلمية في مصلحة المتحررين الأحرار. عندئذ سيستعيد الأدب شروطه الإبداعية في القصيدة والقصة القصيرة والرواية، ليكون التطوير الطبيعي لهذه الأنواع الأدبية في صحن التقدم الذي منه يلتهم العقل ما طاب له من إبداع.
سادسًا) أهدي هذه المقتطفات السريعة لرشاد أبو شاور (آخر العمالقة تحت معنى آخر من يكتب القصة كما لم يكتب أحد مثله) الذي طلب مني أن أكتب شيئًا عن الموضوع لأثير في القراء الرغبة في قراءة القصة.