الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 18:02

هل ينقذ العرب المتأسرلون نتنياهو؟

بقلم: د. جمال زحالقة

د. جمال زحالقة
نُشر: 10/09/20 10:14,  حُتلن: 13:08

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

تواجه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، أزمات صعبة على الأصعدة كافة، أهمها بالنسبة له، ثلاث تهم فساد، قد تؤدّي إلى إدانته قضائيا وخسارته السلطة، ووصمه بالرئيس الفاسد، وحتى إلى دخوله السجن.


ويرى أن الإفلات من هذا المصير يكون عبر تغيير المسؤولين في مفاتيح القضاء المهمة المتعلقة بمحاكمته، وتغيير القوانين لحمايته منها. وحتى يحقق مبتغاه هذا، عليه الحصول على أغلبية يمينية مطلقة، وهو ليس بعيدًا عنها، وبحاجة فقط الى «دفشة» لزيادة الشعبية، والوصول إلى النصر السياسي، وقد تأتيه «الدفشة» من العرب. وإذا لم يكفه ذلك، فقد يلجأ إلى الحرب. نتنياهو بحاجة إلى صورة انتصار جديد على العرب، بالحرب أو بالسلم حتى ينجح في البقاء في الحكم.
رغم أنّ نتنياهو مسؤول عن جرائم حرب، وعن قتل الآلاف في قطاع غزّة والضفة الغربية، وسوريا وحتى في العراق، فإنّه يحاكم على قضايا فساد مالي لا أكثر. هذا هو الوجه الحقيقي لما يسمّى بالديمقراطية الإسرائيلية، التي تبهر الغرب وبعض العرب، وهي دومًا تمنح الأوسمة للمجرمين والقتلة، وتحاسب العابثين بأموالها وأنظمتها، بالضبط وفق منطق عصابات الإجرام. من المهم التوقف عند هذه المفارقة الإسرائيلية، لأننا في الأسابيع الأخيرة بدأنا نلمس ازديادًا ملحوظًا في إعجاب بعض العرب بكل ما هو إسرائيلي، وانبهار بالديمقراطية الإسرائيلية.
أكثر ما يقلق نتنياهو، هذه الأيام، هو الملفات القضائية التي يواجهها، فهو يرى فيها خطرا وجوديا على حياته السياسية، وأصبح المبدأ الناظم لسياسات نتنياهو هو وقف محاكمته، ومنع إدانته، ويسبق هذا الاعتبار أي شيء آخر في حساباته. ما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي، هو ان يستغل أول فرصة ممكنة لخوض انتخابات مبكّرة، والفوز بأغلبية مطلقة، تمكنه من تشكيل حكومة يمينية داعمة لحربه على الجهاز القضائي، وعلى الشرطة والدولة العميقة، التي يعتبرها عائقًا أمام تحقيق أهدافه الشخصية والسياسية. ويسعى نتنياهو تحديدًا إلى استبدال المدعي العام والمستشار القضائي للحكومة والمفتش العام للشرطة وعدد من القضاة وكل أصحاب المناصب، التي لها علاقة بمحاكمته وبالتحقيق معه، حتى يضعف «عداء» الجهات التي تقوم بمقاضاته، ويجعلها تسعى لتبرئته، بدل أن تسعى لإدانته، كما هو دورها في العادة. في المقابل ينوي اتخاذ قرارات في الكنيست، تمنحه الحصانة، وتمكّنه من تغيير قوانين قائمة لمنع تدخل المحكمة العليا بإلغاء القرار، كما هو متوقّع في مثل هذه الحال وكما فعلت المحكمة في حالات مشابهة في الماضي. وإذا كانت لديه أغلبية كافية فهو سيسعى لتمرير ما يسمى بالقانون الفرنسي، الذي يؤجّل إجراء تحقيق ومحاكمة رئيس وزراء إلى ما بعد انتهاء حكمه. ويعتقد خبراء في القضاء مطلعون على تفاصيل ملفات نتنياهو، ومن بينهم طاقم دفاعه، أنه إذا بقيت الأمور كما هي عليه اليوم، فهناك احتمال قوي أن تنتهي المحاكمة بدخول نتنياهو السجن، وعليه لن يستطيع أن يفلت من هذا الحكم إلا إذا فاز في الانتخابات فوزا مطلقا، ونفّذ انقلابا في الجهاز القضائي.
وتواجه حكومة نتنياهو نفسها مأزقًا صعبًا، جعلها لا تجتمع لمدة شهر، وهذا امر غير مسبوق في تاريخ الحكومات الإسرائيلية. لقد أقيمت هذه الحكومة كحكومة طوارئ لمواجهة الأزمة الصحية ـ الاقتصادية، لكنّها فشلت في إقرار ميزانية وبرنامج عمل اقتصادي، أو خطّة ملزمة لمواجهة كورونا، وهي لم تنجح سوى في تعميق الأزمة وجعلها عصيّة على الحل. وتطغى الخلافات على الحكومة في كل المجالات، لتصل حد الشلل الجزئي، سوى في المجال العسكري الأمني، حيث موقف المؤسسة الأمنية هو الحكم، ويبدو أنّ نتنياهو وغانتس سلّما، مؤقّتًا، القرار للجنرالات، الذين هم في العادة اقل تهوّرًا من القيادة السياسية. ولكن إذا أحس نتنياهو بأن سفينته تغرق، فسيبادر فورًا لاستعادة الحق في اتخاذ القرار، ليقوم بمغامرة عسكرية قد تفيده، حيث أن صورة نصر عسكري ما على العرب تساعده، ليس أقل من صورة استسلام بن زايد له، وهو بالطبع مطمئن الى ان حلفاءه العرب معه على طول الخط، وعدوّهم الأوّل إيران وبعده تركيا وحركة الإخوان.
وإذ تؤدّي الأزمات الكبرى، التي يواجهها نتنياهو، إلى إضعاف قوته الانتخابية، وهو ما دلّت عليه الاستطلاعات عشية الإعلان عن الاتفاق مع الإمارات، فقد يأتيه الفرج مع عرب، لم يقصّروا معه في يوم من الأيام، فصمتوا حين ارتكب جرائم حرب، وسكتوا حين اتفق مع ترامب على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعلى نقل السفارة إليها، ولم يفعلوا شيئًا لمواجهة منح الشرعية للاستيطان، وضم الجولان. وما حدث في الأسابيع الأخيرة، أن نتنياهو بدأ يغرق، وبدل الوقوف جانبًا والتفرج عليه، مدّت له الإمارات حبل النجاة وانهالت عليه حبال النجاة العربية من كل حدب وصوب. أدّى الإعلان عن الاتفاق الإماراتي، وإطلاق الرحلات الجوية إلى أبو ظبي عبر الأجواء السعودية، والحديث عن طابور التطبيع العربي، إلى عودة الروح لنتنياهو، بعد أن كادت تخنقه الأزمات. وإذ يعكف رئيس الوزراء الإسرائيلي على الإعداد لانتخابات الإنقاذ المقبلة، وعلى اختيار الموعد المناسب لها، فهو لا ينسى أن في الأمر مغامرة، والخسارة واردة. ولو بقيت الأمور جارية كما هي عليه، لكانت خسارة نتنياهو مؤكّدة، لكن رياح التطبيع العربي عادت ورفعت أسهمه عند الرأي العام الإسرائيلي، ليصل معسكره في الاستطلاع الأخير للقناة الثانية الإسرائيلية إلى 65 عضو كنيست، ما يسمح له بتشكيل حكومة يمينية خالصة ومخلصة. لكن هذه نتيجة استطلاع فقط، وقد تتغير، وهناك حاجة للمزيد من الدعم العربي لتثبيتها. فهل ينقذ العرب نتنياهو؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة