الأخبار العاجلة
تبعثرت الحروف ولا أستطيع ان الملم شظايا الألم المتناثر بين ثنايا ضلوعي، فقد انبثقت روحي في رحمك واختلط دمي في عروقك ورافق نبضي نبض قلبك.
قلبك الذي ملأ الدنيا حنانا لا يندثر، أشع بنور العاطفة والمسؤولية، فأرضعتني نهج الواجب والالتزام بالقيم والخلق الحسن، وبالاحترام لإنسانية الانسان. اسقيتني معاني التضحية، فقد تحملتِ عناء وقسوة الحياة في ريعان شبابكِ وكهلكِ الا ان قلبكِ موصول بالسماء لإيمانك بأن غرْس الإحسان أقوى من أي ظلم وجور، وآثرتِ وهْب خيركِ ومعروفكِ لله وحده.
مسيرتكِ نسجتْ لنا قببا من صروح السداد والاصالة والرشاد، أخاطبك اليوم يا امي وقلبي ينزف الماَ على فراق جسدك، فروحك تسكن في روحي وتناجي قلبي كما كنتِ تُدلين لنا بكل حوار عبرة، وبكل جملة درسا، وبكل كلمة توجيها، وبكل تصرف ارشادا لمسارات حياتنا وتعاملاتنا مع الاخرين، فلم تترددي يوما عن قول الحق لأن في قلبك اجتمعت المحبة والعاطفة والجرأة.
ورغم أنك لم تقرأي، إلا أنكِ رشَدْتِ العلم في فكركِ وكنتِ تناقشينا في كل قضية عابرة في مسارح الحياة القاسية ورأيك الحكيم يثبت لنا أن العلم هو بصيرة الفكر والرصانة والتدبير.
انسانيتك تجلّت في جبْر الخواطر لكل مَن قصد عطاءك، اعزّك الله كما اعزَزْتِ كل من جال في كنفكِ وطرق أبوابكِ، فنثرتِ الصدقة بالكلمة الطيبة والابتسامة الراقية وافضْتِ من فضل الله عليكِ صدقات جارية يشهد لكِ بها القاصي والداني. فمع كل نداء "الله أكبر" نتذكر عطاء قلبك الحاضن لحب الله. فالمآذن يا امي تصدح بهباتك له، وكم من لحظات شهدْتُكِ مقدامة، هُمامة بجودكِ وسخائكِ وسماحة كرمكِ ولا تغيب عن ذهني كلماتكِ " لله يما كله لله".
عام 2020 قاسي وأقساه، أيامه الاخيرة لينهي حياة جسدكِ الطاهر ولكن ذكركِ الطيب وروحكِ الطاهرة حاضرة في قلوبنا وارواحنا واعمالنا فنحن بناتك وابناؤك امتدادا لزرعك الرابي يا مهجة القلب، ويا روح الروح، فانت كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، انت الوطن الذي حُرمنا منه والسكينة التي نصبو لها، والرضا الذي نسعى به الى الجنة.
رضاك يا امي قبل الوداع، أنار دربي بالصلاح والفلاح، لان رضا الله من رضاك وسخطه من سخطك وحقك عظيم بما أقرنه الله تعالى بتوحيده حين قال:
" وقضى ربك ألا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا"
أحمل يا امي اليوم أمانة مسيرتك في استشعار اسعاد الاخرين وتخفيف آلامهم ما استطعت لان نفسك الطاهرة رجاؤها دوما إرضاء وجه ربها وسعيها المستديم في طرقات الخير المضيئة. فيدك الحانية تربت على اكتاف الجميع في وقت الشدة، مفرّجة على كل عسير، قابضة على آلامها واوجاعها وايذائها.
برُّكِ يا قلبي سيبقى موصولا في الدعاء والصدقة ما حييتْ، سأناجيكِ بكل فجر لترافقيني في يومي وتأنسي وحشتي وغربتي في الدنيا. سأدعو لكِ مع كل بزوع أن أسال الله ان يتغمدك بواسع رحمته، وأن يبدلك دارا خيرا من دارك، واهلا خيرا من اهلك.
الله يرحمك يا امي يا حاجة مسعدة بنت احمد ابن يوسف تلس محاجنة بعدد ذرات الأرض ونجوم السماء وبقدر شوقي لك وحنيني الى عطفك.
4.1.2021
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency