الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 19:02

قتلة هذه الايام خانوا حتى عهد الجاهليات الخوالي/ بقلم: الشيخ كامل ريان رئيس مركز أمان

الشيخ كامل ريان
نُشر: 08/01/21 11:49

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

رحم الله سليمان واسكنه فسيح الجنان ،واحسن الله عزاءكم والبسكم لباس الصبر والتقوى والرضا بقضاء الله ،ولا نملك في هذا الحال ان نقول شيئا الا ما قاله رسولنا الكريم حينما لجأ الى الطائف ولقي منهم ما لقي ، فقد أعياه الضرب والركل، ودماء شريفة تنزف من وجهه الكريم، ومن قدمه الشريف، فضلاً عن ذلك الجرح النفسي في قلبه المكلوم، والأسى الذي ينكأ جروح الماضي، فإذا بخير البرية – صلوات الله وسلامه عليه - يتوجه إلى ربه ضارعًا، خاشعًا ، رافعًا يديه إلى السماء، مناجيًا ربه، متحببًا إليه، بكلمات كريمة ، وبدعاء صادق نبع من أعماق قلبه الحزين، قد امتزجت كلماته بحرقة وجدانه المكسور :
"اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك"

برغم الألم والحزن اللذين غمراني منذ سماع نبأ مقتل ابنك ،فلذة كبدك سليمان ،الا اني وبغير العاده في مثل هذه الظروف والمواقف ، وجدت نفسي ملزما بالكتابه، حتى لو أكتب بدموعي وحزني وحسرتي الكبيره على ابني الذي ثكلته قبل اثنى عشر عاما، وعلى ابننا سليمان الذي انضم الى قافلة الضحايا وتعداد الشهداء ان شاء الله ،ومنذ تلك اللحظه وانا اصرخ واحذر واكتب واكتب لأني لا اريد احدا ان ينضم الى هذا الركب ،ركب العائلات الثكلى ، لانه ركب حزن والم وكسر وجرح ، لانه ركب فراق احبه ،ووداع من غير لقاء في هذه الدنيا الفانيه، التي تصدر امرا باعدام سليمان ومعاذ وعلي ومحمد وتُبقي على ظهرها وحوش براري لا تضبطهم نظم ولا تنظمهم ضوابط.

ولكن ،اخي ابا سليمان، استدركت نفسي ، وسألتها ماذا اكتب؟ وخصوصا لمن اكتب ؟ لان ليس الجميع يقرأ ! وبعض ممن يقرأون لا يدركون ولن يدركوا ما أكتب ، وان ادركوا ما اكتبه بدم جراحي سرعان ما ينسوا ، ويبقي ذلك الوحش القاتل ،هو الذي يصول ويجول في الميدان ، وتمر الايام والليالي ،بعد ان تضاف ضحيه وضحيه وضحيه لقائمة الضحايا ،وينسى الجميع حتى اسم الضحيه ،ويواصل الجميع حياتهم وكأن شيئاً ما لم يحصل ،الا الذين فقدوا فلذات اكبادهم ،يعيشون حزنهم وجرحهم الدامي والنازف يوماً بيوم.

اخي نزيه "ابا سليمان "لقد قدر الله لي ان اقرأ عن جاهلية الماضي ،وان اعيش بعض جاهلية القرن العشرين ، وها انا اواكب جاهلية القرن الواحد والعشرين المختلفه كل الاختلاف عن سابقتيها ، لتجد في جاهلية الماضي وجاهلية القرن العشرين ضوابط وقوانين وحدود ،وحتى احيانا كنت تجد بعض القيم الحميده في تلك الجاهليات ومن هؤلاء الجهله، أما جهلاء جاهلية هذا القرن فإنهم خانوا عهد الجاهليه التي تجمعهم ،فلا قيم ولا اخلاق ولا حدود تردعهم ،لانهم تسلحوا بضعفنا ،وتأزروا بوهننا ،وتجمعوا على فرقتنا ،لتجدهم يرضعون خيانة مجتمعهم صغاراً ،ويطعنونه بخنجرهم المسموم كبارا، ليصبح الغدر ديدنهم ،والجهل مأكلهم، والسطو مبتغاهم.

اخي نزيه "ابا سليمان "، لمن اكتب؟ الى بعيد يتجهمنا ؟ ام لعدو تملك امرنا ؟ لمن اكتب الى الجهلة من الابناء ؟ ام الى الضغمة من الاعداء ؟لمن اكتب؟ الى سلطان ظالم باغٍ؟ ام الى مجتمع جريح اصم؟؟ من اخاطب ومن أُعزَّي ؟هل أعزي الاباء والامهات الثكلى ام اعزي الاباء والامهات الذين سيكونون ثكلى ولا يعرفون ماذا ينتظرهم وما ينتظر ابناءهم ان خرجوا من بيوتهم ؟ اخاطب من ؟
اخاطب الذين يرقصون على جراحنا من الاعداء؟ ام الذين تولوا امرنا من الابناء ؟ ام تريدني ان أسمع؟ أسمع من ؟ أأسمع ولي امر قد اختفى؟ وان حضر تخفى! وإن تكلم اشبعنا عبارات ،كلها شعارات وشعارات ،والدماء تجري تحت قدميه وهو منشغل بذاك وذاك وذاك وذاك !!!!!!!أسمع من؟ أسمع "مختارا "لا يجيد اختيار الكلام، ام شيخا متكلما لا يجيد الا تفسير الاحلام! أسمع من؟

ومع كل ذلك ،وبالرغم من كل ذلك ،لا نفقد الامل بالله عز وجل، ولا نفقد العزيمه ،ولا نفقد الاصرار ،وسنبقى صابرين ومرابطين ومكافحين الى ان يأتي الفرج بعون الله ،ومن ثم تأتي نهضة شبابنا من كبوتهم من جديد، ليعيدوا بناء هذا المجتمع ،وهذا الوطن ،الذي لا وطن لنا سواه،ولا ملجأ لنا الا فيه،ولا رباط لنا الا عليه.

واتمنى من نفسي ومن جميع الفعاليات الاجتماعيه والسياسه والفكريه والاكاديميه تحويل هذا القلق وهذا الغضب الى مناهج عمل جديده ،والى اعادة تنظيم من جديد لمجتمعنا "المخطوف" ،والذي ما زال رهينة عصابات محليه وسياسات خارجيه لا تريد الخير لهذا المجتمع ،والا نكتفي بالاحتجاج والاستنكار وانما نحول هذا الغضب الى بركان وثوره ضد الباطل واهله "فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة