الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 03:02

نعم.. "الدين لله والوطن للجميع"

عمر مصالحة

كل العرب
نُشر: 09/02/21 17:30,  حُتلن: 17:54

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

في عام 1919 ألقى الزعيم المصري وأبرز قادة النضال ضد الاحتلال البريطاني سعد زغلول خطابا استخدم فيه عبارة "الدين لله والوطن للجميع". وسعد زغلول، بالإضافة لكونه قائدا لثورة 1919، كان رئيسا للوزراء ورئيسا لمجلس الأمة ووزيرا للتربية ووزيرا للعدل في مصر، كما كان من خريجي الأزهر وقد تتلمذ على يد جمال الدين الأفغاني ومفتي الديار المصرية الأسبق محمد عبده. بغض النظر عن مصدر المقولة ومن استخدمها، فعلى ما يبدو كان هناك إجماع عليها في القرن التاسع عشر خصوصا عند الوطنيين العرب الرافضين للحكم العثماني، وفي القرن العشرين ضد الانتداب الأوروبي على الشرق وصولا إلى فترة حكومات ما بعد الاستقلال التي وضعت أسس الدولة الوطنية. واستمر الوضع كذلك حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي عندما بدأت "الصحوة الإسلامية"، وبعد ظهور جيل جديد من الإسلاميين الرافضين لعبارة الدين لله والوطن للجميع، باعتبارها دعوة للحد من انتشار وتعزيز الإسلام. أن ان عبارة "الدين لله والوطن للجميع" صحيحة ولا غبار عليها، اخلاقيا وانسانيا. وهي تتماشى بشكل خاص مع مصالح المسلمين حول العالم تحديداً، لأنها تعني أن لمسلمي الهند بعددهم الذي يفوق 200 مليون نفس حقوق الأغلبية الهندوسية ومن ضمنها حقهم في ممارسة دينهم وطقوسهم بحرية. وتشير أيضا إلى حقوق مسلمي الصين بأعدادهم التي قد تصل لمئة مليون أو أكثر، أو المسلمين في روسيا والتي تصل نسبتهم إلى 20 في المئة من عدد السكان، وبالإضافة إلى الجاليات المسلمة الكبيرة والسريعة النمو في دول أوروبا الغربية. أي أنه حين يتبنى المسلمون هذه العبارة يصبح بإمكانهم المطالبة بالحقوق الثقافية والسياسية والقانونية للمسلمين المنتشرين في كل دول العالم والذين يبلغ عددهم مئات الملايين. يؤثرُ التعصب الديني على المجتمع بشكل سلبي من خلال زعزعة التعايش العام بين أفراد المجتمع متعدد الديانات والعقيدة، وقد يخلق الكره والبغضاء بين الناس. وهذا من شأنه أن يجعل المجتمع ضعيفاً مفككاً ويشكلُ أرضاً خصبةً لظهور النزاعات والخلافات وربما تتطور لتصبح حروب تسفكُ فيها دماءُ الأبرياء. وقد تسبب الكثير من التعصب الديني بين الأفراد إلى التنافر والكره والتكفير واستحلال الدماء، في التاريخ الحاضر وعلى وجه التحديد في الحرب الدائرة في شرقنا العربي. التعصب هي ظاهرة قديمة حديثة ترتبط فيها الكثير من المفاهيم مثل: التمييز العنصري والديني والجنس واللون. لكن أكثرها انتشاراً هو التعصب الديني، كالتعصب لأشخاص او مذهب أو فكر معين. لعقود وأجيال كان أهل الخير والمصلحين، يعظون الناس بعد كل منازعة دينية أو فتنة طائفية، بأن «الدين لله والوطن للجميع». والحال أن الله مصدرُ الدين، والوطن لم يكن لجميع المواطنين، بل لقلّة منهم أقوياء، ينعمون بموارده وخيراته، ويمسكون بمقاليد حكمه وسلطاته، وإن المتدينين الفقراء والضعفاء صدّقوا مقولات الأقوياء والأغنياء، ورضخوا لسلطانهم وجبروتهم أزماناً طويلة. أن الوطن لكل الناس باختلاف اديانهم والوانهم وثقافاتهم، وهذا الأمر مهم جداً بل واساسي لنهضة الشعوب، ومن حق كل إنسان الايمان بما يرتاح إليه قلبه فإيمانه متعلق بالله وحده فقط.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة