الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 23:01

الدين والدولة في السعودية- بقلم حازم القواسمي

حازم القواسمي
نُشر: 11/03/21 20:27

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

لكل المسلمين المهتمين بالدولة الإسلامية ومعرفة كيف يمكن تطبيق هذا المفهوم على الأرض، من المهم أن ينظروا إلى المملكة العربية السعودية لأنها الدولة العربية الوحيدة التي تطبق الإسلام وتطبق الشريعة الإسلامية. وتعتبر السعودية، وهي الدولة الأكبر مساحة في الشرق الأوسط، المركز الديني الأول للمسلمين في العالم لوجود الكعبة المشرفة فيها التي يتجه إليها جميع المسلمين في العالم كل يوم في صلاتهم نحوها. صحيح أنّ السعودية دولة عربية أسسها آل سعود سنة 1932، إلا أنها تصف نفسها بأنها دولة إسلامية، دينها الإسلام، ودستورها القرآن والسنة وجميع مواطنيها بلا استثناء مسلمين. أما تفسير القرآن والسنة فيكون عن طريق فقهاء الدين الإسلامي. إنّ نظام الحكم في السعودية نظام ملكي، يتوارث الحكم فيها أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود وأبناء الأبناء. ويبايع المواطنون الملك على كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره. الملك هو رئيس مجلِس الوزراء وهو الآمر الناهي الأول في الدولة، وعلى الجميع طاعته وعدم مخالفة أوامره وتوجيهاته. ويوجد مجلس شورى يختارهم الملك، وتحدد حقوق الأعضاء وواجباتهم وكافة شؤونهم بأمر ملكي.

تطبق المملكة العربية السعودية أحكام الشريعة الإسلامية وهي مرجعية القانون الجنائي الذي يضم ثلاث عقوبات جزائية: الحدود والقصاص والتعزير. الحدود هي أعلى الجرائم خطورة وتتضمن السرقة والنهب والردة والزنا واللواط. بينما تتضمن جرائم القصاص القتل أو أي جريمة فيها أذى جسماني. أما التعزير فتشمل قضايا مثل الرشوة والتهريب وتعاطي المخدرات. وكانت عقوبة التعزير الأكثر شيوعاً هي الجلد إلا أن السعودية قامت بإلغائها في العام الماضي واستبدلتها بعقوبات بديلة مثل السجن والغرامة نظراً للانتقاد الشديد لهذه العقوبة. حيث كانت عقوبة الجلد دارجة للتهم المرتكبة ضد الدين والأخلاق العامة مثل شرب الخمر وترك الصلاة والصيام. وتعتبر شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في المحاكم الشرعية، ولكن في المحاكم الجنائية شهادة المرأة لا تُؤخذ على الإطلاق. أما شهادة غير المسلمين أو المسلمين الشيعة فهي غير مقبولة في المحاكم. وتمّ تنفيذ مئات حالات الإعدام في الأعوام السابقة بقطع الرأس أمام العامة، منهم من اتهم بالسحر والشعوذة، وكذلك كانت هناك حالات إعدام بالرجم. أما عقوبة السرقة فهي بتر اليد اليمنى، أم عقوبة السرقة المشددة، فهي بتر اليد والرجل. وما زال هناك العديد من الانتقادات لنظام العقوبات والقانون الجنائي في السعودية، بالرغم من أنّ البعض يعتبره رادعاً وفعالاً ويقلل الجريمة بنسبة كبيرة.

وقد طالب ناشطون سعوديون منذ عدة سنين بتغييرات وإصلاحات في نظام الحكم في السعودية وفي القوانين والتشريعات حتى تلائم العصر ومن أجل تحقيق مزيداً من الانفتاح على العالم وإطلاق الحريات السياسية والثقافية والاجتماعية. إلا أن القيادة السعودية لم تسمع لهم ولاحقتهم لفترة طويلة. وقد تجاوبت القيادة السعودية لبعض المطالب فقط في السنتين الأخيرتين حيث قامت ببعض الخطوات الملموسة تجاه الإصلاح وإطلاق الحريات بشكل تدريجي في مجال الأحوال الشخصية والأسرة والمجالات التجارية والحقوق المدنية والعقوبات. فسمحت الحكومة للمرأة السعودية لأول مرة في تاريخ المملكة سياقة السيارة كما سمحت لها بالمشاركة في الحفلات الفنية العامة في الأماكن المفتوحة. ويقود هذا المشروع الإصلاحي الثوري والانفتاح على العالم الأمير محمد بن سلمان الذي يتحلى بجرأة لم يسبقه لها قائد سعودي من قبل، حيث أعلن أيضا توجهاته نحو الإسلام المعتدل وحارب الأئمة ورجال الدين المتشددين وضيّق الخناق عليهم بل وسجن بعضهم. فالسعودية لطالما عانت داخلياً من التشدد والتطرف الديني وما زالت، ويتهمها الكثير بإنها مصدر الإرهاب في العالم حيث لعب السلفيون من الأثرياء السعوديين أمثال بن لادن وغيره دوراً بارزا في نشر الإرهاب وتمويله تحت غطاء الدين والجهاد الإسلامي. ولكنّ طريق السعودية ما زال طويلا للتحول من الدولة الدينية المتشددة إلى الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، لأن المجتمع ومؤسساته ما زالوا غارقين في الجهل، والمستويات القيادية السعودية ليست تماما على قلب رجل واحد في التوجه لهذا التحول الجذري التاريخي. وقد ينجح الأمير محمد بن سلمان في خطواته الإصلاحية في المجال الاجتماعي والثقافي، إلا أننا لا نرى أية بوادر تذكر نحو الإصلاح السياسي والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة