الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 19:02

بيضة القبان العربية والرحلة في مناطق الألغام الإسرائيلية

بقلم: وديع عواودة

وديع عواودة
نُشر: 01/04/21 16:05,  حُتلن: 18:28

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

تعتبر القائمة العربية الموحدة نفسها " بيضة القبان " رغم أن نفتالي بينيت يحتفظ بـ " كرت الجوكر " في هذه الجولة الانتخابية

من النتائج المؤكدة لهذه الانتخابات أن الموحدة والمشتركة سبب مهم جدا في تعميق الأزمة الإئتلافية فلولاهما لكان تشكيل الحكومة مهمة أسهل أو منتهية 

ربما يكون خيار عدم التوصية على أحد المرشحين جدير بالدراسة ريثما تتضح الصورة أكثر بعد تقديم الأحزاب توصياتها 

- وديع عواودة

لا يقل هدف التأثير عن التمثيل السياسي العربي في الكنيست خاصة أن المجتمع العربي ظهره للحائط ومشاكله ملحة وتدنو من حالة الغليان وبسبب تراجع المناعة الوطنية لم يعد يقوى على الانتظار طويلا وعلى تغليب كفة الأهداف الوطنية السياسية المتعلقة بـ حقوقه السياسية كأقلية وطنية وبالقضية الفلسطينية الأم مقابل كفة المطالب الحياتية. إذن الميزان مختل اليوم وبالنسبة للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل باتت الحقوق المدنية والمطالب الحياتية أهم من تلك السياسية نتيجة عدة عوامل منها تعمّق الأسرلة سنة بعد سنة منذ نكبة 1948، تراجع قوة الأحزاب العربية وجفاف التعبئة والتثقيف إضافة لـ ظاهرة انحسار اليسار والأحزاب في العالم حالة الجزر الفلسطينية والحالة العربية المتردية عقب فوضى " الربيع العربي " والانهيارات العربية ولهاث التطبيع وغيرها. ولذا وبدون تغيير الواقع الراهن وبدون هذه موازنة حقيقية على الأرض بين القومي واليومي سيذهب معظم الجيل الثالث بعد النكبة لـ إسرائيل بحثا عن مكاسب حياتية بدون ضوابط وطنية وكيفما اتفق. ويخطأ من يظن أن من لم يشارك من المواطنين العرب( 53%) يرفض المشاركة في اللعبة الإسرائيلية،بالعكس. عدا أقلية تقاطع انتخابات الكنيست مبدئيا تتطلع الأغلبية الساحقة للتأثير وتغيير قواعد اللعبة السياسية مع الاحتفاظ بالهوية الوطنية وعلى الأحزاب التقاط ذلك على رأس الإصلاحات السياسية المطلوبة اليوم بعد الهزة الأرضية السياسية الأخيرة.

الوطن والمواطنة
الأحزاب العربية طيلة عقود لم تلتفت كفاية للحقوق المدنية وحّل المشاكل الحياتية المتفاقمة نتيجة التمييز العنصري الرسمي، وكرسّت جل جهودها حتى السنوات القليلة الأخيرة للقضية السياسية وهي اليوم ونحن معها نسّدد ثمن اختلال التوازن بين الوطن والمواطنة المتمثل بـ ترجيح كفة القضايا الحياتية (على أهميتها) على حساب الحقوق السياسية لـ أقلية وطن قومية وعلى حساب القضية الفلسطينية والهوية الوطنية.

اعتراف السكان الأصليين بالمهاجرين
تصيب وجهة النظر الداعية لـ إعادة الاهتمام للمشاكل والهموم الحياتية كما ترى الموحدة لكن الموازنة تعني أيضا عدم ترجيح كفة اليومي على حساب القومي مثلما هي تحتم الأداء السياسي الواثق منه ذاته المتوقع من قبل السكان الأصليين في وطنهم بعيدا عن مظاهر التزلف والضعف. البراغماتية هنا من قبل الموحدة وفي كل مكان وزمان لا تبرّر تبني رواية الآخر الإسرائيلي في قضايا مهمة ولو جزئيا من باب التقرب والتودد. بالعكس، من شأن الإفراط في البراغماتية أن يؤدي لـ نتائج معاكسة خاصة أن الجانب الإسرائيلي أيضا ( وليس المجتمع العربي فحسب) محتاج بنهاية المطاف لـ اعتراف السكان الأصليين والمشاركة شبه الكاملة في لعبته السياسية وقد لمسنا الانفعال الكبير الذي رافق توصية المشتركة على غانتس.

" بيضة القبان "
تعتبر القائمة العربية الموحدة نفسها " بيضة القبان " رغم أن نفتالي بينيت يحتفظ بـ " كرت الجوكر " في هذه الجولة الانتخابية. مع ذلك ضاعفت الموحدة قوتها النوعية ونجحت في انتزاع اعتراف المنظومة السياسية الإسرائيلية بـ النواب العرب كـ لاعبين محتملين، وذلك في انحياز الموحدة لـ موقف " لسنا بـ جيب اليمين ولا اليسار "،كما فعل نفتالي بينيت.
ويبقى السؤال إذا كانت تأخذ بالحسبان المخاطر و" الألغام " على الطريق واحتمال تحّول فوزها إلى كيد مرتد ينال منها وهي " ألغام " موجودة في الطريقين، مع معسكر نتنياهو أو معسكر مناوئيه. من هذه المخاطر عدم تعلم الموحدة من دروس المشتركة في رفع سقف التوقعات منها والذي شكّل أحد عوامل تراجع شعبية المشتركة- بعدما انقلب غانتس عليها عقب التوصية عليه وبالتالي عجزت عن تحقيق وعودها المفرطة لناخبيها. نظرا لحالة الانقسام والتبعثر الحزبي يبدو أن أي حكومة جديدة لن تعّمر أكثر من عام : حكومة الليكود مع الصهيونية الدينية ويمينا بدعم خارجي من الموحدة ستقف أمام امتحانات صعبة منها مثلا عدوان جديد على غزة أو لبنان أو اقتحامات متتالية على الحرم القدسي الشريف وعندها ستجد الموحدة نفسها أمام مأزق كبير يهّدد مستقبلها البرلماني على الأقل. مثل هذا الانتهاك ربما يحدث بعد تشكيل حكومة بديلة لـ نتنياهو أيضا ومن قبل أي حكومة مستقبلية لكن الفارق هنا أن الموحدة ستكون والمشتركة في ضفة واحدة وهذا ربما يمنحهما أكثر قوة في فرض المزيد من الشروط أولا ويحول دون تعرض إحداهما لمزاودة الأخرى سياسيا ويشق الطريق أمام استعادة الوحدة على أساس التعددية الحزبية بعد الانتخابات.

المديان القريب والبعيد
وهكذا هو الحال مع حكومة بديلة تطيح بـ نتنياهو فهي الأخرى لن تطيل عمرا لأن كثرة الأحزاب وتناقضاتها السياسية وطغيان حسابات الأنا الشخصية ستجعل حكومة بينيت ولابيد وغانتس بدعم خارجي من المشتركة والموحدة حكومة قصيرة الأمد خاصة أن بينيت سيبقى دون سيطرة على حكومته لقلة عدد نواب حزبه. ولذا فإن الحكمة السياسية تقتضي خفض المشتركة والموحدة سقف التوقعات من مثل هذا الدعم الافتراضي حتى الآن( في كلا الخيارين : حكومة نتنياهو أو حكومة خصومه) والاكتفاء بالتشديد على الرغبة في فحص كل إمكانيات التأثير مع التنبيه أن هذه مسيرة ورحلة جبلية صعبة وتحتاج للصبر والنفس الطويل.
نتيجة حسابات كثيرة قريبة وبعيدة المدى( مصالح الموحدة والمجتمع العربي) يبقى خيار الموحدة بدعم حكومة نتنياهو رحلة محفوفة بـ مخاطر أكثر من دعم حكومة بديلة له : وفق المنطق البراغماتي نفسه وعلى المستوى الداخلي- المدني تدللّ تجربة نتنياهو على طغيان وعوده الكاذبة والأفضل تجربة البديل حتى لو لم يختلف عنه أيديولوجيا. على المستوى الفلسطيني العام يبقى نتنياهو في وعي كل الفلسطينيين ألّد وأخطر خصم ومحرّض طيلة حكمه الطويل، وعملية هضم المجتمع العربي لـ دعمه من الخارج بـ أصابع نواب الموحدة تبدو مهمة عسيرة وفيها مغامرة سياسية وبالتالي من المفضل أن يجري التأثير بـ الخطوة خطوة ،تدريجيا وبحذر فليس من المعقول البقاء خارج اللعبة سبعة عقود ليبدأ التأثير دفعة واحدة في ظل صراع قومي ما زال بيننا.
هل يأخذ رئيس الموحدة النائب منصور عباس بالحسبان ذلك قبيل خطابه هذه الليلة ؟ وهل فعلا الموحدة منفتحة على المعسكرين أم أنها حسمت أمرها لصالح دعم حكومة يمين ويمين متطرف؟ وهل تتفق الموحدة مع التقديرات بأن إسرائيل على موعد مع انتخابات جديدة حتى لو تشكلت حكومة ؟

سيناريو غانتس
رغم الموقف " الحيادي " المعلن تبدو الموحدة من خلال قراءة ما وراء الكلمات أنها تفضّل التأثير من خلال دعم حكومة برئاسة نتنياهو لعدة أسباب منها : الخوف من تكرار سيناريو التوصية الفاشلة على غانتس، الخوف من ليبرالية المعسكر المناهض لنتنياهو مقابل محافظة الأحزاب اليهودية الدينية في المعسكر المضاد اجتماعيا، التشكيك بـ إمكانية نجاح عدد كبير من الأحزاب الصغيرة المناهضة لنتنياهو من التفوق على الذات وتشكيل حكومة علاوة على الرغبة بـ التأثير منفردة دون إشراك المشتركة في " الحصاد ". في خطابه سيحاول منصور عباس مخاطبة العرب واليهود معا باللغتين: سيحاول من جهته المساهمة في تخفيف معارضة أوساط في اليمين فكرة تشكيل حكومة بدعم خارجي من نواب عرب على شاكلة " تأليف القلوب" مثلما سيسعى لـ مضاعفة قوة وهيبة قائمته بـ تبيان صحة مناورته و" خروجه من عباءة اليسار " عبر استغلال دراما إعلامية - سياسية في أوجها وسيمّهد جمهوره ويعدّه لـ احتمال دعم حكومة برئاسة نتنياهو... وربما يستغل ذروة المشاهدة عند الثامنة أيضا لـ تحديد التوقعات منه احتفاظا بطريق الرجوع.

اختصار الشيطنة والتحريض
من النتائج المؤكدة لهذه الانتخابات أن الموحدة والمشتركة سبب مهم جدا في تعميق الأزمة الإئتلافية فلولاهما لكان تشكيل الحكومة مهمة أسهل أو منتهية وأن مسيرة المشاركة الفعالة والتأثير في اللعبة السياسية الإسرائيلية المستمرة منذ أول انتخابات للكنيست عام 1949 قد شهدت تحولا جوهريا مهما هذه المرة عقب تقليص الشيطنة والتحريض على العرب و" إسباغ الشرعية الإسرائيلية " (بدأها نتنياهو نفسه مضطرا وتكتيكيا-) على مشاركة العرب في اللعبة السياسية البرلمانية- الحكومية وهذه فرصة للأحزاب العربية لتوسيع التأثير المتوازن بالأسلوب والأداء واللغة والخطاب السياسي والنتائج. أما التوهم في قدرات الاختراق دفعة واحدة والإفراط في تنمية توقعات كبيرة ( من قبل المشتركة أيضا) من شأنهما التسبب بـ هبوط نسبة المشاركين العرب في انتخابات مستقبلية للكنيست إلى دون الـ 46% نتيجة عدم تحقيق نتائج عملية. وعلى خلفية كل ذلك ربما يكون خيار عدم التوصية على أحد المرشحين جدير بالدراسة ريثما تتضح الصورة أكثر بعد تقديم الأحزاب توصياتها خاصة أن رئيس إسرائيل قد أعلن أنه سيّسمي المكلف بتشكيل حكومة بناء على احتمالات نجاحه بالمهمة وليس وفقا لعدد الموصين عليه.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة