الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 03:02

إصدار رواية "هاتف الرياح" للكاتبة مريم مشتاوي

كل العرب
نُشر: 08/05/21 11:17,  حُتلن: 12:36

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

صدرت رواية "هاتف الرياح" لمريم مشتاوي عن المركز الثقافي للكتاب في المغرب، وهي الرواية الخامسة لمشتاوي بعد رواية "عشق" وياقوت" و"تيريزا أكاديا " و"جسور الحب".

تسرد لنا "هاتف الرياح" قصص العشق والعشاق بلغة شعرية سلسة لا تخلو من النفحات الفلسفية. وقد وصفها الناقد الجزائري عبد الحفيظ بن جلولي بأنها " مسار سردي رؤيوي، أي تكثر فيه النظرة إلى الحياة، وهو ما يقترب بهذا النص الحكائي من الرواية الجديدة، باعتبارها تهتم بالإنسان وموقفه من العالم، طبقا لرؤية ميشال بيتور."


الكاتبة مريم مشتاوي

نبذة من الرواية :

هذا العالم لنا نحن من يعشق الإنسان وواجبنا أن ندافع عنه...
نعم ، علينا أن ندافع عنه ضد القبح والكراهية...
هكذا كان يسير كل ليلة يردد هذه الأسئلة ويكلم القمر .. ظن أنه كليم القمر . ظن أنه يرتقي عبر مدارج السماء  ليصل إلى القمر يضمه ويشكي لوعته وفواجع الأرض... استمر على هذا الحال خمس سنوات وهو يخرج كل ليلة يردد نفس الأسئلة .. كان يحب زوجته أكثر من نفسه ولم تكن تعلم ذلك لأنه رفض خلال هذه السنوات معاشرتها كان يكتفي بتقبيلها ويقول لها إنها سماؤه وهواؤه وأفقه البعيد.
لم تكن تكترث لما يقول.. كانت تبكي في كل ليلة منزوية في ركن غرفتها القديمة . اعتقدت أن خروجه كل ليلة في وقت معلوم يعني ذهابه إلى امرأة أخرى..
هكذا قررت في يوم الأربعاء أن تتبع خطواته .. تبعته حقاً فرأته يخطو متثاقلاً ورأسه منشد إلى السماء .. استغربت حاله ...
فجأة رأته يقف رافعاً يده اليمنى في اتجاه القمر كان يتحدث لغة غريبة لم تفهمها.
فهمت فقط جملة واحدة رددها بصوت عال .. أحضني أيها القمر لكي أنجو من هذه الأرض ...أجبني فأنا طريد بين سفهاء جعلوا للزينة تاجاً وصولجان.
هرعت زوجته تضمه وهي تصرخ:
- ماذا يحدث لك يا نصف العمر
 
ضمته بقوة  وهي ترى وجهه مصفراً تخترقه دمعتان سائحتان من عينيه  الواسعتين.
استغرب حضورها لم ينبس بأية كلمة ألقى يده فوق كتفها وهو يسير برفقتها نحو البيت. حاولت أن تكرر السؤال :
ماذا يحدث لك؟
لم يرد عليها بأية كلمة .
اكتفى بالصمت وكأنه مقبل على شيء مريع.
 
في لحظة صمت وزوجته تراقب حركاته وسكناته وجدته على غير عادٍته هذا الصباح.
يتحرك يميناً وشمالاً ، في كل الاتجاهات ..
فجأة وضع رأسه بين يديه ثم صرخ.. كان صراخه قوياً يصق الآذان .. ارتعبت زوجته وتوجهت نحوه منهارة. كان زوجها طوني مغمياً عليه رفعت رأسه وهي تتأمل وجهه .. وجدته بارداً متيبساً كورقة خريف ميتة.
فتح عينيه نظر إليها باستغراب سألها من تكون . ثم نهض مسرعاً وهو يصرخ في وجهها :
ابتعدي عني يا امرأة فأنا لا أعرفك.
حاولت أن تقنعه بأنها زوجته وحبيبته لكنه لم ينصت إليها .. ألح على أنه لا يعرفها.
صرخ من جديد وهو يطالبها بأن تبتعد عنه ..
وقتها أدركت زوجته بأن طوني قد فقد عقله..
تراجعت خطوتين إلى الوراء وهي تراقب  غضبه الهستيري وحركاته السريعة والكثيرة.
ولما صرخ قائلاً:
اقتلوا هذا العالم الذي قتلني!
أدركت أن طوني فقد عقله بالفعل...
لحظة قاسية أن ترى فيها روزا  زوجها  يقتاد من طرف ممرضين إلى سيارة المستعجلات الخاصة بالمرضى العقليين.
أُقعد خلف السائق ويداه شبه مربوطتين .. تحركت السيارة وبقيت زوجته ثابتة في مكانها ترسل دمعاً غزيراً حارقاً يذيب الصخر..
كيف ترى زوجها الذي طوّع المعاني والأفكار والذي كان أمير الهدأة والرزانة يتحول إلى شبح فاقد لأي معنى.
ما أقبح الحياة! تفرغنا من نبضنا وحياتنا الداخلية لتسلمنا إلى الألم والموت المستطاع.
دلفت إلى بيتها وهي تخاطب نفسها :
تباً لك يا روزا كم كنت تحبين الحياة وتثقين فيها.
وكم كان طوني محقاً لما قال عنها هي مجرد هواء قد ينعشك وينقلب إلى سم يوقف نبض قلبك الولهان.
الوله عربون حياة مثقوبة الجوهر. هكذا كان طوني يتفلسف.. وهكذا كانت روزا لا تفهمه.
هي الآن فهمت أن الحياة فارغة خائنة، لا تُصْدِقك أبداً أبداً.. 

مقالات متعلقة