الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 21:02

لماذا نطالب بابطال قانون كامنتس؟ وكيف لنا اسقاطه؟!-المحامي د. قيس يوسف ناصر

المحامي د. قيس
نُشر: 08/06/21 23:05,  حُتلن: 08:10

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

تصوّر بعض الجهات المساعي المبذولة لإلغاء قانون كامنتس، قانون الهدم والترحيل، كتنازل من قبل دولة اسرائيل على "مكافحة البناء غير المنظّم" في المجتمع العربيّ، وان المواطنين العرب يبتغون من وراء نضالهم لابطال هذا القانون الاستمرار بالبناء بشكل غير منظّم دون رقابة ودون رادع. ان تصوير المطالبة العادلة بإلغاء قانون كامنتس على النحو المذكور هو تحريضٌ خطيرٌ وهو تشويه للحقائق وللواقع. على الدولة ان تلغي قانون كامنتس ليس من اجل المواطنين العرب فحسب بل في نظري أولا وقبل اي أمر آخر لان قانونا عنصريا وتعسفيا كهذا ما كان في نظري ليرى النور في دولة تعتبر نفسها ديموقراطية لانه يقوّض اسس اي مجتمع ديموقراطيّ! أبني موقفي على أمور عديدة أوجز منها ما يلي:


اولا، إن التعامل مع قانون كامنتس كمادة قضائيّة مجرّدة هو تعامل خاطىء. هو قانون سياسيّ وقد سنّ لأغراض سياسيّة ضد المجتمع العربي. سن هذا القانون مع جملة قوانين تمس المواطنين العرب كقانون القومية وغيره من القوانين العنصرية التي سنّت لخنق المجتمع العربي حاضرا ومستقبلا. بل ان رئيس الحكومة نتنياهو والوزيرة السابقة شاكيد اعترفا، في جولات الانتخابات السابقة، ان قانون كامنتس نسج خصيصا ضد المجتمع العربي وحدة ولا يجب تنفيذه في التجمعات اليهودية المليئة بمخالفات البناء. هذا اعتراف لا لبس فيه من مبتكري قانون كامنتس اننا لا نتحدث عن قانون بالمعنى الطبيعي بل عن وسيلة غير شرعيّة سنتها حكومة اسرائيل لملاحقة ومحاصرة المجتمع العربي. هي حالة اخرى يستخدم فيها القانون لتسويغ مآرب عنصرية ضد المواطنين العرب وحالة يستر بها جسد العنصرية القبيح برداء القانون.
ثانيا، لا يعاني المواطنون العرب من صفة جينيّة تدفعهم بشكل تلقائيّ للبناء بشكل غير منظّم. بل ان الدولة التي تقاعست عن تأمين الخرائط الهيكلية في البلدات العربية عقودا طويلة، وهذه حقيقية سجلت في تقارير رسمية عديدة، هو ما دفع غالبية اصحاب المباني غير المنظّمة في البلدات العربية ان يبنوا على اراضيهم الخاصة دون رخصة وحين لم تؤمن لهم الدولة حلولا سكنية وعقاريّة تغنيهم عن الدخول في مغامرة البناء غير المنظم. من هذا المنطلق نرى ان قانون كامنتس حوّل الضحية الى مجرم والمجرم الى بريء. كما انه لا يعترف بحق المواطن في السكن والتطور والعمران. هو قانون يرى الحجر ولا يرى البشر. قانون يقدّس الهدم ولا يقدّس الانسان.
ثالثا، علينا ايضا ان ندحض بشدة الادعاء ان تجميد قانون كامنتس سيؤدي الى "ضياع النقب" كما تدعي جهات يمينية تعارض ابطال قانون كامنتس. إن ازمة المواطنين البدو العرب في النقب حارقة وتتقاعس الدولة عن حلها منذ عقود، بل ان الدولة تمتنع رغم توصيات لجان رسمية عن الاعتراف بالقرى العربية في النقب ليعيش سكان هذه القرى حتى الساعة، في عام 2021، بلا مساكن منظمة وبلا شوارع وكهرباء وماء وخدمات اساسية تحق لكل مواطن. والدولة ذاتها التي لا تريد الاعتراف بالقرى العربية في النقب، أخذت تستعمل قانون كامنتس بطريقة تعسفية ووحشيّة في النقب ايضا حتى تمحو تلك القرى وترحّل سكانها وترغمهم على الانتقال الى المواقع التي قررت الدولة نقلهم اليها دون موافقتهم وبما لا يتوافق مع رغباتهم ومطالبهم وحقهم في تقرير مصيرهم.
رابعا، لا يمس قانون كامنتس المواطنين العرب فحسب بل هو يلغي ويعطّل جهاز المحاكم في اسرائيل. ذلك ان قانون كامنتس يحوّل التعامل مع مخالفات التنظيم والبناء من المسار القضائي الذي تسيطر عليه المحاكم الى المسار الاداري الذي تسيطر عليه وتقوده الوحدة القطرية للتنظيم والبناء دون التوجه للمحاكم. حسب هذا القانون، يستطيع مفتش الوحدة القطرية ان يصدر امرا لهدم مبنى دون محكمة! ويستطيع مفتش الوحدة القطرية ان يغرّم صاحب مبنى غير منظم بمئات آلاف الشواقل دون محكمة! بل ان القانون يمنع المحاكم من تجميد اوامر الهدم ولا تستطيع المحاكم تجميد امر هدم الا ان توفرت شروط تعجيزية حتى أصبح قضاة المحاكم في حالات كثيرة جدا مجرد موظفين لدى الوحدة القطرية ينفذون اوامر الهدم والغرامات التي تصدرها دون وجه حق! لا يمكن لقانون كهذا ان يستمر في دولة تعتبر تفسها ديموقراطية لان اهم اسس الديموقراطية هو استقلالية الجهاز القضائي واحترامه وتمكينه من مراقبة قرارات السلطة الادارية والفصل في الخصومات بينها وبين المواطن!
خلاصة القول: لا يريد العرب العيش بشكل غير منظم ولا العيش بشكل دائم تحت شبح الهدم والترحيل. يريد المواطنون العرب العيش بشكل منظّم وان يتمتعوا بالخدمات العمرانية وبحياة سليمة وراقية كأي مواطن. طلبنا كان ولا زال التعامل مع المجتمع العربي بعدل ومساواة واحترام حقوقه الفردية والجماعية في مختلف مناحي الحياة وفي مجال الارض والعمران ايضا. ان كانت الدولة تنظر للمواطنين العرب كمواطنين متساوين فان ابطال قانون كامنتس هو القرار الطبيعي الذي عليها اتخاذه وبسرعة. لا يمكن التظاهر بمعاملة المواطنين العرب بمساواة وعدل وكرامة وقانون الهدم والترحيل يحلّق فوق بيوت ومتاجر ومشاغل المواطنين العرب!
سيسقط قانون كامنتس لا محالة ان وحّد المواطنون العرب جهودهم وقارعوا هذا القانون في الميدان الشعبي والسياسي والقضائي، محليا ودوليا، وما أقرب اليوم من غد!

*محام ودكتور في القانون من جامعة تل ابيب مختص في قضايا الارض والمسكن
 

مقالات متعلقة