الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 01:01

غسان كنفاني في ذكرى استشهاده التاسعة والأربعين - عبقريته تتجسد في إخلاصه لقضيته

الإعلامي أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 11/07/21 13:12,  حُتلن: 15:31

قبل أيام قليلة، مرت علينا الذكرى التاسعة والأربعين على اغتيال الراحل الفلسطيني غسان كنفاني. ففي الثامن من شهر يوليو/ تموز عام 1972، سمع سكان منطقة الحازمية في العاصمة اللبنانية بيروت دوي انفجار كبير، وقد تبين فيما بعد، أن قنبلة انفجرت في سيارة الكاتب المبدع والسياسي الفلسطيني غسان كنفاني، مما أدى إلى وفاته على الفور عن عمر ستة وثلاثين عاما ًوهو في أوج عطائه لقضيته الفلسطينية. لم يكن الراحل وحده في سيارته، بل كانت برفقته ابنة شقيقته لميس وكانت وقتها طالبة في عمر الورود في سن السابعة عشر.

عرفته مخلصاً لشعبه ولقضيته ولأصدقائه ومعارفه والمقربين منه بشكل عام، لأن الوفاء كان صفة مميزة فيه، يتحدث عنها كل من عرفه. تعرفت على الراحل كنفاني في بيروت خلال السنوات الأولى من عملي في الصحافة. في كل مرة كنت ألتقي الراحل فيها، كانت بمثابة محاضرة في السياسة والإعلام. فقد تعلمت منه كيفية زرع اسم فلسطين في عقول القراء والمستمعين، وتعلمت منه كيفية حفظ تاريخ فلسطين عن ظهر قلب، وتعلمت منه أيضاً أن الفلسطيني الذي لا يعمل من أجل فلسطينيته هو ناقص الفلسطينية. وقد قال لي ذات يوم وأنا في مكتبه، ولا يمكن أن أنسى ذلك: " خلي فلسطين دائما في عقلك وقلبك".

كان مكتب الراحل غسان كنفاني يقع في بناية مجلة "الحوادث" على كورنيش المزرعة في بيروت، حيت كانت مكاتب مجلة "الهدف" التي كانت في تلك الفترة الزمنية لسان حال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي كان الراحل رئيس التحرير فيها. كان مكتبه في غاية التواضع وأقل من عادي قياساً بالمكاتب الفخمة لرؤساء تحرير الصحف اللبنانية، لكنه لم يكن يهتم بالمظاهر إنما بالجوهر. كانت جدران مكنبه تزينها ملصقات ورسومات سياسية رسمها بنفسه وخريطة لفلسطين.

كان كل حرف خطه الراحل عبارة عن رصاصة موجهة ضد إسرائيل، التي كان قادتها منزعجون تماماً من كل ما يكتبه الراحل غسان. وأدرك قادة إسرائيل أن كتابات الراحل تستطيع أن تصنع جيلاً ثورياً قادراً على التغيير، فأرادت التخلص منه. ولذلك، وافقت غولدا مائير رئيسة الحكومة الاسرائيلية في ذلك الوقت على تنفيذ عملية اغتيال غسان كنفاني، حيث قام إيهود باراك بالتخطيط لعملية الاغتيال وتنفيذها.
وقد جاء على لسان الجنرال أهارون ياريف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي،“آمان” في مقابلة أجرتها معه الإذاعة البريطانية في العام 1993، أنه كان يتلقى أوامره مباشرة في أوائل السبعينات، من رئيسة الوزراء آنذاك “غولدا مائير”، بملاحقة واغتيال شخصيات فلسطينية “منتقاة” أينما وُجدوا، وبالطرق التي يراها “الموساد” مناسبة.

كان الراحل غسان كنفاني أول من كتب عن شعراء الداخل الفلسطيني، وأطلق عليهم لقب "شعراء المقاومة"، وكان كثير الكتابة عنهم لتعريف فلسطينيي الشتات بهم، وهو الذي أطلق على شعرهم اسم “شعر المقاومة”. لقد جمع الراحل غسان بين النضال والصحافة والكتابة والفن، فكان إعلامياً وروائياً وكاتب قصة وناقداً ومسرحياً ورساماً وسياسياً. لاحظت ذات مرة عندما كنت في مكتبه، انه يحمل مسدسا صغيراً، فسألته عما إذا كان هذا المسدس يحميه من الأعداء. فأجابني مع ابتسامة المناضل المؤمن بقضيته وبوطنه:"الله وحده الحامي يا أحمد، وأنا عندي إحساس بأن موتي لن يكون طبيعياً".
عاش الراحل من أجل فلسطين واستشهد من أجل فلسطين. رحم الله ابن فلسطين غسان كنفاني معلمي في السياسة والإعلام.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة