بيتُ لحم… حين تنهض الأرض بوجوه النساء

كل العرب
نُشر: 22/11/25 09:11

بيتُ لحم… حين تنهض الأرض بوجوه النساء

رانية مرجية

في بيتِ لحم،

لا تبدأ الحكاية بالحجارة،

ولا بالكنيسة،

ولا بالطرق الضيقة…

بل تبدأ بالنساء

اللواتي يحمِلن المدينة

كما يحمل القلبُ

آخرَ نبضٍ لا يسمح له أن ينطفئ.

أمشي نحو كنيسة المهد،

وأرى النساء

قبل أن أرى المكان.

وجوهٌ

لا تبتسم من ضعف،

ولا تتجهّم من يأس،

بل تمشي

كمن يمسك العالم

من كتفه،

ويهزّه

كي يستيقظ.

امرأةٌ عند بابٍ قديم

تبيع الخبز،

لكنها تبيع معه،

دون أن تدري،

درسًا في الصمود:

أن الحياة

لا تحتاج إلى معجزة

كي تستمر،

بل إلى يد امرأة

تفتح تنّورها

وتقول للعالم:

“لن تنتهي الحكاية اليوم.”

وأخرى

تكنس عتبة بيتها،

كأنها تكنس

الخذلان العالمي

الذي يهبط على المدن الصغيرة.

لا تسأل أحدًا العون،

ولا تنتظر من أحدٍ عرفانًا،

هي فقط

تفعل ما تفعله النساء منذ بدء التاريخ:

تُنقذ ما يمكن إنقاذه

بيدٍ واحدة،

ورغيفين،

وقلبٍ

أوسع من السياسة.

فتاةٌ صغيرة

تحمل حقيبتها المدرسية

على كتفٍ ضئيل،

لكن خطواتها

أقوى من الخوف،

وأسرع من الأخبار،

وأصدق من البيانات.

تمشي،

كأنها تقول للطريق:

“لن تربّيني على الرهبة…

سأربّيك أنا

على الأمل.”

وفي داخل كنيسة المهد…

ثمة نساء

يعرفن كيف يصمتن

لا لأن الصمت ضعف،

بل لأن الصمت

أحيانًا

هو أقوى أشكال الكلام.

صوت الشموع

يرتجف في الهواء،

لكنهنّ ثابتات

كأنهن أصل الضوء،

لا انعكاسه.

امرأة من أقصى الشرق

تبكي…

لا خوفًا،

بل لأن المدينة لم تخذل دمعتها.

وامرأة سوداء البشرة

تضع يدها على صدرها

كأنها تحضن العالم،

لا نفسها فقط.

وامرأة أوروبية

تراقبهن جميعًا

وتفهم—ربما لأول مرة—

أن النساء في هذه الأرض

لا يتقاسمن الألم،

بل يصنعن منه

قوةً

تتجاوز حدود الدول

وخطوط الخرائط.

أخرج من الكنيسة

وأقول لنفسي:

إن كان في بيت لحم

قديسون،

فهم هؤلاء النسوة

اللواتي لم ينتظرن السماء

لتعطيهن نورها،

بل صنعن نورهنّ

بأيديهن.

وفي الشارع،

أرى امرأةً أخرى

تحمل طفلها،

وتحمل معه

إصرارًا

لا يمكن أن يتعلمه البشر

من الكتب.

تمشي

كأن الأرض تفتح الطريق لها،

لا خوفًا،

بل احترامًا.

فأفهم الحقيقة

التي يحاول العالم

تجاهلها:

أن النساء

هن الذين أبقوا المدن حيّة،

وأنهن القوة

التي لا تُقهر،

والصوت

الذي لا يُخرس،

واليد

التي تهزّ التاريخ

حين يتجمد.

يا بيت لحم…

إن كان لكِ سرٌّ

لا يفهمه العالم،

فهو أن النساءَ فيكِ

ليسوا زينة حياة…

بل الحياة نفسها.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة