الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 18:02

جرافات بدعم الإسلامية الجنوبية تدخل سلوان ومستوطنو حكومتها يقتحمون الأقصى

بقلم: حنين زعبي

حنين زعبي -
نُشر: 29/06/21 14:37,  حُتلن: 17:56

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

حنين زعبي - النائب السابق عن التجمع الوطني الديمقراطي في مقالها:

في خطابه الافتتاحي الذي يؤسس فيه عباس ل"فلسفته السياسية" يطمئن الكنيست بأن الدولة –المالكة الطبيعية للأرضي- ما زالت هي مالكة الأرض، ولم تقم هذه المالكة الشرعية ببيع ملكيتها للموحدة، فأطمئنوا

المرحلة التي نعيشها بحاجة لوضوح صوت المتابعة، التي اعتادت المشي بين النقاط في محطات تاريخية

يعتبر دخول الحركة الإسلامية الجنوبية بقيادة منصور عباس، إلى الائتلاف الحكومي زلزالا بمفاهيم السياسة الوطنية وبمفاهيم محاولات "التوازن" بين الوطن والمواطنة التي حاول فلسطينيو الداخل العمل من خلالها. الآن جرافات منصور عباس تدخل سلوان، ودخلت النقب، وستدخل مدننا وبلداننا العربية، والشرطة التي تحالف منصور عباس مع وزارتها ووزيرها تلاحق وتعتقل وترهب شبابنا.

حمل مفهوم الوطنية الكثير من التعريفات الرمادية والفضفاضة، وجلبت معادلة "التوازن بين الوطن والمواطنة" الويلات كونها فاقدة للمرجعية، لكن أحدا لم يدخل إمكانية الدخول في ائتلاف حكومي فاشي استيطاني إرهابي إجرامي كجزء من تعريف الوطنية.

ماذا قال منصور عباس عن النقب؟ "نزاع على الأرض يحدث في كل الدول الحديثة". "نزاع على الأرض"؟ الصراع على الأرض بين سكان الوطن وأصحاب الأرض وبين الدولة الوافدة التي تريد تهويد الأرض والصمود والشهداء والنضال ومحاولة ملاحقة إسرائيل دوليا وما أفضى كل ذلك إلى وصف إسرائيل بالأبارتهايد كإنجاز فلسطيني لتثبيت الحق، يصبح في غمضة ائتلاف "نزاع على الأرض"؟ 70 سنة من سردية الاقتلاع والتهجير والسلب والتهويد تتقهقر معتذرة لسردية المحكمة الإسرائيلية التي تصف كل ما يحدث في النقب والقدس والشيخ جراح وسلوان والأقصى وكل فلسطين ب"نزاع على الملكية"؟ "دولة حديثة"؟ إسرائيل السارقة؟ التي تحاصر شعبنا وتقتله وتلاحقه وتسجنه؟
"لم يبع أحد النقب إلى الموحدة" من يقصد عباس بأحد؟ صاحب النقب. من؟ الدولة. في خطابه الافتتاحي الذي يؤسس فيه عباس ل"فلسفته السياسية" يطمئن الكنيست بأن الدولة –المالكة الطبيعية للأرضي- ما زالت هي مالكة الأرض، ولم تقم هذه المالكة الشرعية ببيع ملكيتها للموحدة، فأطمئنوا. "النقب ما زال داخل حدود دولة إسرائيل"، هو الذي يرسم لنفسه صورة الحريص على الدولة يطمئن الكنيست بأن إسرائيل ما زالت بخير لم ينتزع منها حقها.

ثم ماذا يقول الآن عن هدم سلوان والاعتقالات ومنع إعمار غزة ؟ دعونا لا نحكم على الحكومة من خلال هذه الأمور" ! الحركة الإسلامية الجنوبية اختارت ألا تحكم على حكومة إسرائيل من خلال استباحة الأقصى، وألا تحكم على حكومة إسرائيل من خلال خنق غزة ومنع إعادة إعمار ما هدمه قصف طيرانها.
منصور عباس لا يبيع الأقصى وسلوان والقدس مقابل الحفاظ على اللد والنقب، بل هو يبيعهم جميعا، فمستوطنوا اللد وعكا وشفاعمرو هم أيضا شركاء حكومة منصور عباس. وحتى لو قامت الحركة الإسلامية بإجراء استفتاء مفاضلة بين اللد وعكا والنقب وبين القدس وغزة، لما رضي شعبنا بحصار غزة وتهويد القدس مقابل الحفاظ على اللد وعكا والنقب.
عمق التبرير كعمق التنازل، من يتطرف في الحدث سيتطرف في السردية وفي التبريرات، من يدخل في شراكة مع حكومة إسرائيل لا يعود يستطيع وصفها بالصهيونية ولا بالاستيطانية ولا بالفاشية ولا بالاستعمارية، ولا بأي من الأوصاف التي تمنحها للدولة حتى منظمات حقوقية عالمية ومنها إسرائيلية، بل سيكون مجبرا على أوصاف لطيفة وودودة. "دولة حديثة" مثلا، وهو أول وصف من نوعه يعطى من قبل سياسي "وطني" لدولة إسرائيل. منصور عباس يصف إسرائيل ك، "دولة حديثة"، بينما تصفها تقارير الأمم المتحدة بدولة لأبارتهايد!
يأخذ منصور عباس الفلسطينيين خطوة متقدمة عما ذهب إليه عزمي بشارة في الخطاب السياسي المبتور قبل ربع قرن، عندما تحدث عن "هويات طائفية متعايشة جيدا مع الهوية الإسرائيلية"، إنه لا يحدث مصالحة فقط بين الطائفية وبين الهوية الإسرائيلية فحسب، بل إنه يحدث حالة مصالحة "تاريخية" بين "الوطنية " وبين السردية والهوية الإسرائيلية. إنه يحول الصهيونية إلى إمكانية "وطنية".

إن المرحلة التي نعيشها بحاجة لوضوح صوت المتابعة، التي اعتادت المشي بين النقاط في محطات تاريخية. استمرار المتابعة في الصمت وفي قبول التهديد الذي مرر لها من قبل بعض رؤساء السلطات المحلية هو سقوط للهاوية لأجيال قادمة، ودخول الداخل لمرحلة انفصام بين من قوى اختارت إسرائيل وقوى تختار شعبها. ونحن نسلب حرية الاختيار من شعبنا لأننا نوهمه أننا لا نستطيع الدفاع عن بيته إلا بثمن اقتحام الأقصى وهدم بيوت شعبنا في الشيخ جراح وسلوان. بئس السياسة، وبئس "التأثير". علينا ألا ندع شعبنا يختار قيادة تبتزه في لقمة عيشه وبيته، علينا ألا نسمح لقيادة تعيش بيننا، داخل شرعيتنا السياسية أن تكذب على شعبها بهذا الابتزاز، إذا أ{اد فالذي يهدم ليس فقط غزة والقدس والأقصى وبين توسع المستوطنين في اللد واليوم في شفاعمرة وبين بناء في النقب.

إخراج تلك القيادات عن الشرعية السياسية هي تحدي هذه المرحلة. وانتظار أن تقوم ثلاثية الجبهة-التجمع- الطيبي بتطوير استراتيجية بديلة مغرية، هي أيضا عملية مقامرة، لأن تلك الأحزاب بعيدة الآن عن الفعل السياسي الحقيقي وبعيدة عن عمليات إصلاح حقيقية، ولن تستطيع اتخاذ خطوات جذرية جريئة توازي فيها جرأة منصور عباس لكن بنقيض وطني فلسطيني حقيقي.

إن تشخيص نهج منصور عباس كنهج خيانة وطعنة في ظهر كل التضحيات وكل الثوابت هي مسؤولية لا نستطيع أحزابا وأشخاصا التنصل منها. أما بديله السياسي، فلن يستطيع إلا أن يكون نقيضا تاما له يشبه ما طرحته هبة الكرامة من رؤية ومن انتماء ومن قراءة لصراعنا مع إسرائيل، لكن ضمن مشروع مواطنة لا يبدو أنه في الأفق الآن.
 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة