الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 01:01

لا تُطلقوا نيرانكم الطائفيّة/ د.نسيم الخوري

د.نسيم الخوري
نُشر: 13/11/21 09:33,  حُتلن: 09:34

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

كلّفت حكومة الرئيس فؤآد السنيورة الوزير فوآد بطرس رحمه الله، برئاسة "اللجنة الوطنية" لوضع مشروع قانون لإنتخابات النيابية. تمّ انجازه في حزيران ال2006. كان من المفترض أن تجري على أساسه انتخابات 2009 البرلمانية، لكنّ بسبب جلسات الحوار وعدوان تمّوز على لبنان، تمّ إرجاء البحث بمشروع هذا القانون.

وحالت الظروف السياسية التي عصفت بالبلاد لاحقا من إستقالة بعض الوزراء ونشوب أحداث أيار 2008 التي أنتجت إتفاق الدوحة بالعودة إلى قانون الستين (26 نيسان 1960) المنصوص يومها بجروح اللبنانيين الطائفية التي أورثتها ثورة عام 1958. جرى تعديل الستين تسع مرّات متتالية بموجب قوانين، وبقيت القاعدة في توزيع المقاعد النيابية على الطوائف التي أرستها أحكام المتصرفية المثقلة بالطائفية عام 1860 وأصر عليها الانتداب الفرنسي.
بعيداً عمّا ورد في دستور الطائف من "قانون انتخاب جديد على أساس المحافظة يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك وتؤمن صحة التمثيل السياسي"، وصلنا إلى قانون الصوت التفضيلي الطائفي الأخير( 14/7/2017) الذي قسّم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية معتمداً النسبية.
لماذا شئت العودة إلى مشروع قؤآد بطرس التغييري الإصلاحي؟
1- لأنه صيغ يومها عبر مجموعة من المشاريع الإنتخابية التي قُدّمتها الأحزاب وهيئات المجتمع المدني، والذي جمع في خلاصته انتخاب 77 نائباً على أساس النظام الأكثري و51 نائباً بموجب النسبية، إلى إصلاحات جوهرية أبرزها إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات، والأوراق الإنتخابية المطبوعة مسبقاً،
2- لأنني أودّ تذكير الرئيس نجيب ميقاتي مجدّداً بإشادته العلنية في ال2008 بمشروعٍ القانونٍ الذي قدّمناه باسم "التكتّل الوطني الديمقراطي" وتمّت مناقشته مع الوزير بطرس ليعتبره يومها الفكرة الشجاعة التي تجتثّ الجذور الطائفية عبر الزمن.
ما هو جوهر مشروعنا؟
يتمّ الترشّح عن لبنان لانتخاب 128 نائب مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وكل نائب فائز ممثّل للأمة لا لطائفته.
تؤلّف لوائح تضم مرشحين مسيحيين فقط ولوائح تضم مرشحين مسلمين فقط. تكون اللوائح من 8 إلى 16 وأكثر حتى 64. ينتخب اللبنانيون المسلمون نواب الأمة المسيحيين بينما ينتخب اللبنانيون المسيحيون نواب الأمة المسلمين.
هناك تفاصيل وردت في المشروع مثل إجراء الإنتخابات في يوم واحد، والاقرار بحق الاقتراع للمغتربين، وضرورة اقرار الكوتا النسائية الواسعة.
3- قفز قرّاء وسياسيون إلى حدود إطلاق النار على المشروع وصاحبه في وطنٍ دفنته الطائفية. وهنا أذكّرمجددا :
فاز نواب في انتخابات 1992 البرلمانية ب 42 صوتاً أو أكثر ، بعدما قاطع بعض اللبنانيين الإنتخابات، وبقوا يُنتخبون لدورةٍ وأكثر وبعضهم يتقاضى رواتب تقاعدية منذ ذلك التاريخ؟
ما الكارثة إن فاز المرشح عن لبنان المسيحي بأصوات ناخبيه المسلمين والعكس بالعكس؟
تضمن قلب المعادلة فوز المرشّح للبرلمان بأصوات المنتمين إلى طوائف غير تلك التي ينتمي إليها المرشح. هكذا تتعزز المناطقية والمناقبية والسير الذاتية الوطنية العابرة للطوائف والمذاهب والأحزاب، وتبدأ ورش تنظيف الألسن والأذان والعقول والنفوس والخطب والتصريحات والمواقف واستقامته، وليقسّموا لبنان إلى مئة وثمانٍ وعشرين دائرة انتخابية أو أقل أو أكثر فهذا تقسيم لا يخيف ولا يدمّر. علّق فؤآد بطرس: "يُخرج مشروعكم لبنان من مستنقعاتنا الطائفية المزمنة إلى لبنان".
4- لأنّ الإنتخابات البرلمانية التي تطفو على السطوح اليوم لن تبدّل شيئاً بل تبدو موشّحة بالدماء. ولأنّك تسمع من يسأل هنا: لماذا لا نقرّ قانونا للانتخابات البرلمانية يسمح للمسيحيين بانتخاب نوّابهم المسيحيين حصراً، كما يسمح للمسلمين بانتخاب نوابهم المسلمين؟ ولماذا لا يختار الشيعة وحدهم رئيس مجلس النواب، أو يختار المسيحيون رئيس الجمهورية ويختار أهل السنة رئيس مجلس الوزراء؟
هناك اعتقاد فاقع لدى الفريق المُعارض والمستقيل من البرلمان وممثّلي الحراك والشابات والشباب، بأنّ التغيير الفعلي آتٍ سيقلب الصفحة كليّاً بينما النزاعات برلمانياً ودستورياً دفعت الملف نحو طاولة المجلس الدستوري. ويبدو فريق الأكثرية الراهنة، بالمقابل، مرتاحاً إلى نتائج الإنتخابات كيفما ومتى حصلت، لكنّ الشوك يعلق بحناجر لبنان بعد جمود الخطوات الأولى لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي لا انفراطها قبل فضّ الإنشداد والتجاذبات المستحكمة بالبلد عربياً وإقليميا اقليمياً ودولياً.
يترك استمرار هذا التجاذب تعفّناً قد يصل بلبنان إلى مفرقين: إمّا حتمية الانتخابات البرلمانية تذكّيراً بالتي جرت على إيقاعات الاغتيالات أو انهيار الوضع الأمني وحلول الفراغ برلمانياً ورئاسيّاً لتنزلق المخاطر الكبرى بانتظار التدخّلات الدولية والإقليمية والطاولات لتُعيد فصول فرض الأوضاع وفقاً للأنساق التي لطالما أنهكت الجميع في بلد آن له الحلم بالآستقرار وشعارات العيش المشترك.
 

مقالات متعلقة