الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 00:02

مستقبلنا نصنعه نحن بأيدينا لا يصنعه لنا غيرنا/بقلم: ابراهيم صرصور

ابراهيم عبد الله
نُشر: 05/09/19 09:52,  حُتلن: 09:55

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

كلما اقتربنا من "يوم الحسم" الانتخابي للكنيست ال – 22، تزداد الهجمة اليمينة الشرسة ضد كل هو مقدس عند العرب والمسلمين..
هجمة اليمينيين "ريفلين" رئيس دولة اسرائيل، و"نتنياهو" رئيس الوزراء، الأربعاء الماضي، على المسجد الابراهيمي، وقبلهم "أردان" على المسجد الأقصى المبارك، مؤشر فقط لما يمكن ان تأتي به السنوات القادمة إن استمر نتنياهو في حكم إسرائيل لدورة جديدة..


(1)
لن أستغرب إن قام أحدنا ليقول: وهل البديل عن نتنياهو سيكون أفضل منه، أو أقل سوءا منه؟! يعني بالطبع (غانتس) وحلفاءه اليمينيين؟ جوابي الصريح وغير المتلعثم: ليس هنالك من ضمان ابدا، خصوصا وان تصريحات غانتس وحلفائه لا تبشر بتغيير نوعي في سياسة حكومة برئاسته على المستويين الداخلي (علاقة الدولة بالمجتمع العربي الفلسطيني)، او الخارجي (القضية الفلسطينية وقضايا الأمة)، وكما قيل: لو أرادت ان تمطر، لأرعدت وأبرقت!!..
لكن إسقاط اليمين برئاسة نتنياهو يأتي بهدف وقف سياساته التي تجاوزت كل الحدود مستغلا الانهيار العربي من جهة، وهرولة الكثير من انظمته نحو التطبيع المجاني مع إسرائيل من جهة ثانية، والانحياز الكامل وغير المشروط لإدارة الرئيس الأمريكي ترامب لنتنياهو وحكومته من ناحية ثالثة.
نتنياهو يعي ان وصوله الى حكم إسرائيل لفترة جديدة من عدمه، متوقف هذه المرة على نسب التصويت في المجتمع العربي، والتي كلما ارتفعت قَلَّتْ فرصه في الوصول الى هدفه، وكلما تدنت نسب التصويت كبرت فرصه في الوصول الى حكم إسرائيل والاستمرار في تشديد الحصار ليس على الوجود الفلسطيني في كل اماكن تواجده فقط، ولكن على حُلُمِ الشعب الفلسطيني أينما وُجد..


نتنياهو يخاف من (الصوت العربي) على مستقبله ومصيره السياسي أكثر من خوفه من كل العرب والمسلمين ومن كل "اعدائه" حول العالم إن وُجد مثل هؤلاء أصلا! لذلك نراه يتحرك ككائن مسعور هائج في كل اتجاه من اجل التقليل قدر المستطاع من خطر هذا الصوت العربي الذي تحول الى كابوس لا يترك له مجالا للنوم او الراحة!
ارتفاع نسبة التصويت في المجتمع العربي في الانتخابات البرلمانية الوشيكة، معناه زيادة في عدد الأعضاء العرب، والذي سيقلل حتما فرص نتنياهو في تشكيل الحكومة القادمة، وبذلك سنوقف نحن العرب مشاريعه المتسارعة لمزيد من خطط تجفيف الوجود العربي في الداخل في كل مجالات الحياة، وتهويد القدس والأقصى نهائيا، وضم 80% الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية تحت مسميات مختلفة: الكتل الاستيطانية ومجالاتها الحيوية، والمناطق الأمنية ذات الحساسية النوعية، والحرب على الإرهاب، والعمق الاستراتيجي الإسرائيلي، والقضاء نهائيا على حلم الشعب الفلسطيني في الاستقلال وكنس الاحتلال!
وقف هذه المشاريع الخطيرة على نحو مصيري، بيدنا نحن العرب إن نحن مارسنا حقنا في الخروج الى صناديق الاقتراع بنسبة 70% فما فوق.. نعم، هكذا وبلا مبالغة..


(2)
نحن لا نتحدث عن وضع مثالي... ابدا.. نحن لا نتحدث عن موازنات بين مصالح ومفاسد.. ابدا.. ولا نتحدث عن خيارات مريحة بين جيد وسيئ.. أبدا... نحن بصدد الموازنة بين مفاسد ومفاسد، وبين سيئ وأقل سوءا ما أمكن، ليس إلا.. قد يكون هذا الاجتهاد خاطئا.. هذا ممكن جدا، ولكن لا بد من المحاولة.. نحن لا حق لنا منطقيا في التمتع ب "لذة" الجلوس جانبا مهما كانت المبررات والمسوغات ونحن نملك ما به نمنع الانهيار القادم، او تأخير وقوعه على الأقل!
في غياب الحلول التي نتمناها والتي تقلب الطاولة في وجه هذا الواقع المؤلم والمرير، يكون من واجبنا الديني والوطني الا نقف مكتوفي الايدي، مستسلمين لسياسة الأمر الواقع، بل علينا ان نتحرك في حدود الممكن وعلى جميع المسارات المتاحة لنا كمجتمع حي ونابض رغم كل الازمات التي نعاني منها، من اجل "التنغيص" على الواقع السياسي الإسرائيلي وإرباكه قدر المستطاع، لعلنا نقلل بذلك من أضرار السياسة الإسرائيلية، او نؤخر تنفيذها ما وسعنا ذلك، انتظارا لتغييرات عربية – إسلامية – دولية يمكن ان تساهم في صياغة واقع جديد يضع مركبة العدالة على السكة بعد ضياعٍ امتد طويلا...


(3)
لا يمكننا تحرير القدس الشريف والأقصى المبارك من قبضة الاحتلال الإسرائيلي البغيض، لكننا نستطيع عرقله مشاريعه التهويدية ولو قليلا..
نستطيع ان نخلع وزير الأمن الداخلي الأسوأ في تاريخ الاحتلال، ورئيس وزرائه الأكثر صلفا وعنجهية وتحدٍّ لمشاعر العرب والمسلمين، وانتهاكا للقوانين والشرائع الدينية والدولية ذات العلاقة بنا وبفلسطين عموما، واسقاط الحكومة التي يعملان تحت رايتها، وبذلك نوقف مشاريعهما غير المسبوقة في تهويد القدس والاقصى ولو لوقت محدود، وبذلك نحقق ب "صوتنا" غير "المُكْلِف" ولكنه الأكثر "فتكا" من الناحية السياسية، ما لا تستطيعه الكثيرُ من الأدوات الأخرى، ولا حتى التدخلات الدولية وبيانات الشجب العربية والإسلامية!


في لقاء تلفزيوني له مع قناة "كيبا" العبرية، الأسبوع المنصرم، جدد وزير الأمن الداخلي الصهيوني المتطرف جلعاد أردان (وهو أكثر مرشحي جماعات الهيكل تقدماً في قوائم الليكود للانتخابات المقررة بعد أسبوعين)، جدد دعوته إلى تغيير الوضع القائم في الأقصى، معتبراً أن الوضع الحالي "مجحف بحق اليهود" لأن "جبل الهيكل هو أقدس مكان بالنسبة لليهود". وقال أردان إن "على الحكومة أن تعمل مع ملك الأردن والدول العربية كي يفهموا أنه من حق اليهود الصلاة في جبل الهيكل" على حد تعبيره. وقد تفاخر خلال اللقاء بالتغيير الكبير في قواعد دخول المقتحمين الصهاينة والتسهيلات الممنوحة لهم في الأقصى منذ توليه منصبه في عام ٢٠١٥، وقال إن الوزراء المقربين من جماعات الهيكل كان عليهم أن يشترطوا السماح بصلاة اليهود في الأقصى قبل الانضمام لحكومة نتنياهو، في تمهيد لمحاولة فرض هذا الشرط بعد الانتخابات المقبلة. تأتي تصريحات جلعاد أردان هذه في ظل مطالب تقدم بها "ائتلاف منظمات الهيكل" بالسماح لهم بأداء الصلوات وبإغلاق الأقصى أمام المسلمين تماماً في احتفالات رأس السنة العبرية يومي ٣٠/٩ و١/١٠/٢٠١٩، خصوصا وأن (أردان) كان قد أعلن نية حكومته تغيير الوضع القائم في الأقصى بعد أحداث اقتحام الأقصى بعد انتهاء صلاة عيد الأضحى المبارك الأخير..
جاءت تصريحات وزير الامن الداخلي الإسرائيلي متزامنة مع اقتحامات قام بها الرئيس الإسرائيلي (ريفلين) ورئيس الوزراء (نتنياهو) للمسجد الابراهيمي الشريف، مستغلين هذا العدوان غير المبرر وغير المسبوق لحصاد مزيد من دعم الصوت اليميني المتطرف في إسرائيل في مواجهة (الصوت العربي) الذي بات يهدد مستقبل نتنياهو وحزب الليكود السياسي..


(4)
واحدة من الأدوات المتاحة لنا كمجتمع عربي لإنهاء هذه الحقبة السوداء في تاريخ قضيتنا وقضية شعبنا، تكمن في تعزيز حضورنا البرلماني العربي، وتقليل فرص عودة نتنياهو وأردان وغيرهم الى سدة الحكم من جديد.. طريقنا الى ذلك واضح لا لبس فيه..
اعود لأذكر الذين ما زالوا يعيشون "لذة" الجلوس على الشرفة او الكنبة - مهما كانت أسباب جلوسهم هناك - غير آبهين بما يواجههم ويواجه مجتمعهم من تحديات وجودية توشك ان تدمر كل شيء اتت عليه..
أعود لأذكر كل اولئك وغيرهم بما تعنيه "المشتركة" او بشكل أدق بما كانت تعنيه "المشتركة" بالنسبة لنا كجماهير عربية، آمنت بها ودعمتها ووعدت بالمزيد ان هي تحولت الى مشروع وطني حقيقي، أتمنى ان يتسع مستقبلا ليكون حضنا دافئا لكل مكونات مجتمعنا بما في ذلك أحزاب "الوحدة الشعبية" و "كرامة ومساواة" و "أفق جديد" وغيرها من الهيئات والقامات التي يعزز وجودها الوحدة الوطنية، ويفتح الباب على مزيد من الثقة بالعمل السياسي بكل أشكاله وصوره، وبارتفاع مطرد في نسب التصويت، وبالتالي على مزيد من الإنجازات وعلى جميع المستويات..
شكلت القائمة المشتركة علامة فارقة بكل المعايير في تاريخ المجتمع العربي لاعتبارات من أهمها:
أولا، جسدت المشتركة الوحدة العربية بصورة مشرفة للمرة الأولى منذ العام 1948، أي بعد سبعين عاما من مشوار الكفاح الوطني الذي خاضته الجماهير العربية في الداخل.


ثانيا، شكلت النموذج الذي جاء على غير ميعاد وسط منطقة عربية – فلسطينية صاخبة، من أبرز سماتها تفتيت المفتت، وتقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ.. قَدَّمَ المجتمع العربي داخل إسرائيل النموذج الذي يستحق ان يكون مثالا يحتذى به فلسطينيا وعربيا.


ثالثا، لأول مرة حجزت المشتركة مكانها كقوة رقم 3 في الكنيست بعد الحزبين الكبيرين، الأمر الذي أكسبها زخما فرضت بسببه حضورها اللافت من جهة، وإرادتها على الحكومة والبرلمان من جهة أخرى، استطاعت من خلاله تحقيق إنجازات تجاوزت إنجازات الأحزاب العربية منفردة كما في الماضي.


رابعا، حازت المشتركة على احترام حكومات العالم ومؤسساته الدولية التي بدأت تتعامل مع المجتمع العربي كمجوعة قومية ذات تمثيل معتبر يستحق الاحترام ويجب الاصغاء اليه..


خامسا، شكلت المشتركة حاضنة لكل احزابها ونوابها، وغطاء لكل مجتمعها ونخبه ونشاطاته الوطنية، وسندا لمؤسساته الجامعة وهيئاته التمثيلية كلجنة المتابعة واللجنة القطرية للرؤساء، ولجان الطلاب في الجامعات والمعاهد العليا وغيرها.. أصبحوا بها جميعا أكثر قوة، وأعمق تأثيرا، واقوى ثقة بالنفس..
القاعدة التي يجب ان ينطلق منها الجميع، ان القائمة المشتركة إنجاز تاريخي وفريضة وطنية، وضرورة سياسية واجتماعية..


(5)
الحقيقة أنني سئمت من سماع الاسطوانة المشروخة التي لا تمل من اجترار الوهم ان المعادلة الوحيدة أمامنا كمجتمع عربي فلسطيني هي: انتخابات كنيست ( OUT)، بناء المؤسسات الوطنية ( IN)...
نقول لهؤلاء: كفاكم ضحكا على الذقون، فالمعادلة التي نؤمن بها وهي الحقيقة وغيرها قناع تختفي وراءه نزعات لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية العليا ابدا، تتلخص في:
بناء المؤسسات الوطنية واستثمار كل الوسائل والادوات الكفاحية دفاعا عن الوجود والهوية والحقوق خارج البرلمان ( IN)، وانتخابات الكنيست التي اثبتت المشاركة فيها نجاعتها في أكثر من منعطف تاريخي ( IN ) أيضا، والتعاون بين هذه الخيارات كلها والانطلاق على كل مساراتها بأقصى الطاقة الممكنة لكل مجموعنا الوطني ( IN ) ايضا للمرة الثالثة..
أين العقل في رفض هذه المعادلة المنطقية والواقعية؟ لماذا الاصرار على هذا او ذاك، بدل هذا وذاك؟!
أما لمن يزاودون علينا دينا ووطنية فأقول ما اعتقده دينا:
سيأتي اليوم الذي لن يكون فيه بين جاكارتا (اندونيسيا) شرقا، وطنجة (المملكة المغربية) غربا، وبين فرغانة (كازاخستان) شمالا وغانة جنوبا، الا علم واحد، وجغرافية واحدة وحكومة واحدة، وأمة واحدة، ورسالة خالدة واحدة، وهذا ما أنا واثق فيه ثقتي بديني..
حتى ذلك الحين، فلكل مقام مقال، ولكل حالة فتواها، ولكل ظرف اجتهاده، اما الثوابت والقناعات فباقية أبد الدهر، وليس بقاء الزعتر والزيتون فقط..
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com .
 

مقالات متعلقة