الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 23:01

نفوذ حصري خطيب معلمة الدولة.. جائزة بطعم النعناع والزعتر والتوت/ وديع عواودة

وديع عواودة
نُشر: 19/06/19 09:54,  حُتلن: 14:07

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

تتربع مدرسة عيلوط الإعدادية في قمة جبل شمال الناصرة ومن شرفاتها الغربية والشمالية تتجلى مشاهد الجليل والكرمل على طول المدى حتى جبل الشيخ 

كان وما زال ربما التاريخ بالنسبة للكثير من الطلاب درسا ثقيلا، ممّلا أو متقادما لكن المربية نفوذ حصري خطيب نجحت بإنقاذه من شيخوخته وتحوله لموضوع ممتع لتلاميذها كما هو بالنسبة لها. نفوذ حصري خطيب(44) العاملة في حقل التربية وتعليم التاريخ والجغرافيا الأقرب على قلبها منذ 21 عاما طورّت بمبادرتها وسائل إيضاح مسلية تشجع على السؤال والتأمل والتقييم وتشحن بالقيم المستوحاة من الماضي بعيدا عن أسلوب التلقين وحشو رأس التلميذ بالمعلومات. وتقديرا لعملها المميز في مدرستها في مجال تعليم التاريخ والجغرافيا والتربية الاجتماعية حازت أمس على جائزة المعلمة المتفوقة وهي جائزة قطرية على مستوى البلاد : "معلمة الدولة" يتقدم لها آلاف المعلمات والمعلمات وتمر عملية الاختيار بست مراحل بنشاركة رسمية وشعبية.

تتربع مدرسة عيلوط الإعدادية في قمة جبل شمال الناصرة ومن شرفاتها الغربية والشمالية تتجلى مشاهد الجليل والكرمل على طول المدى حتى جبل الشيخ والبحر المتوسط وهي مشاهد تنبأ الزائر برؤية بعيدة المدى لدى طاقم التربية والتعليم في المدرسة المعتاد على العمل في طاقم منسجم وبأساليب تبتعد عن المألوف والتقليدي. شخصيا منذ ولجت عتبة المدرسة امتلأت طاقة ابجابية لأناقتها ونظافتها.
يعمل في المدرسة 50 معلمة ومعلم ويدرس 501 طالبا في المرحلة الإعدادية داخل مدرسها عمرها نحو عقدين وتبدو متميزة بمظهرها وربما بسبب تميزها من ناحية جوهرها التربوي والتعليمي.

تدوير للحفاظ على البيئة
تسترعي الحدائق والورود والأشجار في مداخل المدرسة عناية الزائرين مثلما هي أيضا نظافتها من الخارج والداخل حتى تخالها وكأنها فندق مزدان بالحدائق ونباتات النعناع والمرمرية والزعتر والأعشاب العطرية. وفي الناحية المظهرية تحقق المربيات هدفين معا بتدوير النفايات والأدوات البلاستيكية كالقناني الفارغة وخزانات الماء السوداء التي لم تعد حاجة لها بتحويلها لأدوات زينة واتقاء شر إلقائها. وتعتقد المربية نفوذ خطيب ابنة عكا المقيمة في بلدة دير حنا أن التجديد ملائم لروحها ولطلابها معا معتبرة أن التفكير خارج الصندوق طريق تستحق التجربة في التعليم. موضحة أنها تستخدم الأفلام وبرامج الانترنت وألعاب البينغو والأرقام والألواح الفسيفسائية (البازل) والمناظرات والمسرحيات التي يحاكي فيها طلابها شخصيات تاريخية ومن خلالها تثري معرفتهم وتثير بهم أسئلة وتترك بصمات تربوية. ومثال على ذلك قامت بتناول موضوع وأد البنات في الجاهلية وربطها بظاهرة قتل النساء اليوم من خلال نقاشات ومقارنات علاوة على المبادرة لجمع صور الفتيات العربيات الضحايا والحديث عن كل واحدة منهن. وهكذا أيضا تجعل من حصة التاريخ حول الحرب العالمية الثانية رحلة مثيرة بالاستعانة بمواد بصرية ووثائقية وبرامج تلفزيونية حولها. ولا يقتصر تقديرها لتحصيل طلابها على الامتحانات فهي تأخذ بالحسبان طريقة العمل الجماعي ومدى احترام الآخر لدى كل طالب وطالبة وغيره.

مزرعة طبيعية وتربوية
وتؤكد خطيب الباحثة دوما عن تجارب تعليمية- تربوية ملائمة في العالم أنها تثق بوسائل الإيضاح المحفزة على التفكير الناقد والإبداع والتي تتيح للطالب أن يخطأ أيضا ويتعلم من أخطائه وبنفس الوقت تخفف وطأة عملية تعلم الماضي والتاريخ. ليس هذا فحسب فالمربية نفوذ حصري خطيب تعمل في حقل التربية الاجتماعية ومرشدة في كشافة المدرسة ومن ضمن مبادراتها بناء مزرعة للنباتات العطرية والخضراوات الطبيعية. وضمن تشجيعها على الابتكار والخلق بنى طلابها جدرانها من 5000 قنينة بلاستيكية التي صارت مصدر طاقة وحرارة وتمد هذه المزرعة احتياجات المدرسة الغذائية من البندورة والبقدونس والخيار والتوت وغيره وهذه المزرعة تستخدم بنفس الوقت دفيئة تربوية لبعض الطلاب المشاغبين تنمي عندهم مشاعر الهوية والانتماء. ومما زاد من تجربة المربية خطيب العاملة في التربية منذ 21 عاما ثمانية منها في النقب سفرها برفقة زوجها للولايات المتحدة وتطوعها في مدرسة هناك واطلاعها على نظام التربية والتعليم المهتم بشكل فرداني بكل طالب وطالبة وبتنمية الانتماء والاهتمام بالآخر والمجتمع.
أتعلم من زملائي حتى باتت اليوم عنوانا لجهات تربوية تزورها وتحاول الإفادة من طريقة عملها. هذا علاوة على متابعة الدراسات التربوية الحديثة وتؤكد خطيب أنها تتعلم من مدرستها أيضا إذ يتم تنظيم ورشة شهرية لكل الطاقم مرة في الشهر بعنوان " تعلم من الزملاء" وفيها يتم تبادل التجارب والخبرات من قبل معلمات المواضيع المختلفة وتنوه لدور مدير المدرسة الداعم وللأخلاق العالية لدى زميلاتها وزملائها وتضيف " أشعر أن جائزة التفوق ليست لي بل لكل زميلاتي وزملائي وطلابي خاصة أنهم بادروا والأهالي والطلاب لترشيحها للجائزة وقد فاقت فرحتهم فرحتي بالجائزة. كما غمرني أهل بلدة عيلوط بمحبتهم وتقديرهم". وتمتاز علاقة المربية المتفوقة بروابط متينة مع الأهالي على مدار العام فهي تزورهم في بيوتهم لا لحل مشاكل وتقديم شكوى بل للتعرف على بيئة الطالب وكل ذلك ينبع من حبها لمهنتها الحيوية وعن ذلك تقول بهدوء وثقة " أعود كل يوم للبيت مرتاحة وأذهب للمدرسة بمحبة وشغف ويسكنني شعور دائم بالرضا وبأنني ولدت لأقوم بهذه المهمة ،كيف لا وأنا أحقق ذاتي بتنمية المعرفة وتعزيز مناعة مجتمعي وأكون ملهمة وقدوة لطلابي وقيادة وكالة تغيير خاصة أن مجال التربية هو المكان المناسب لكل ذلك ؟ ". وهذا شعور من تحدثنا إليهم في المدرسة والبلدة فيقول الطالب صبري ابن الثاني عشر اليوم " في مصر محمد صلاح وفي عليوط نفوذ خطيب".

أحلم أن أكون طبيبة
أما طالبة الصف التاسع لما حسن فتقول إن الدموع قد غالبتها وهي تسمع عن فوز معلمتها بالجائزة فهي " معلمة شاطرة وتتعامل معنا كالأم وهذا شعور كل الطلاب. وتضيف " حينما باركت لها قلت إنني أحلم بأن أكون طبيبة يوما ما وإذا ما تحقق ذلك سيكون هذا بفضلها لأنها تبذل آخر قطرة جهد عندها من أجل طلابها". وتجلت شعبية المربية نفوذ خطيب في مدرستها وفي البلدة بالاستقبال الحافل غداة فوزها بالجائزة.
ولذا عند سؤالها ما أهم سر نجاحها سارعت لتأكيد منفعة التواصل مع الأهالي وللبحث عما هو خارج الوسائل " المعلبّة " المألوفة في التعليم والتربية وتشجيع ثقافة النقد الحقيقي. ولا يتردد مدير المدرسة توفيق سليمان بالقول إنه لا يملك المعرفة بكل المجالات ويعتمد بالأساس على خبرات طاقم المعلمات والمعلمين والمركزين مبديا اعتزازه وفخره بـ زميلته نفوذ خطيب قبل وبعد حيازتها الجائزة المرموقة وبوجود نجو 100 طالب متفوق مرشح لاستكمال الدراسة العليا في أهم الجامعات المتخصصة بالعلوم.

ولمعلمة الفنون مها عبود لها نصيب كبير في رعاية الناحية الجمالية في المدرسة بالرسم على الجدران والزوايا المزدانة بالحكم والأقوال المأثورة إما برسومات تزينها الخطوط العربية أو بأعمال تشكيلية معبّرة من " إنما الأمم هي الأخلاق" حتى " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا". كما تساهم معلمة الفنون في مشروع دمج الطلاب مع ذوي الإعاقات المختلفة مع بقية الطلاب من خلال مبادرات وورشات إبداعية. 

مقالات متعلقة